اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو عهد الشعيبي
لا شك بان الجزيرة العربية وخليجها العربي تعيش حالة أزمة دائمة بين اقطابها منذ حرب العراق الاولى وبامتدان تأثيرات سنوات الثانية مروراً بسلسلة نكبات وأهوال الثالثة وإلى اليوم لا يزال جو المنطقة البترولية الملبد ساخن جداً وقابل لإن يوزع النار والشرارعلى كل الارجاء وبأي لحظة.
وبالعودة لقرائت أحداث الحروب والصراعات وخلفياتها وجذورها ونتائجها الكارثية في كل مرحلة من مراحل التأزم والتلاطم سنخلص إلى إستنتاج مفاده إن هناك بؤر وماكنات كانت ولا تزال هي مصدر مُصَدر ومغذي ومنتج لكل هذه الازمات التي أصابة المنطقة وجعلتها على الدوام منطقة متفجرة ومحطمة وغير قادرة على إستيعاب بعضها ولا على نسج مسالك الوئام والسلام فيما بين عوائلها ولا شعوبها مضاف لها فرضيات السياسات الدولية .
بعيداً عن فرضيات وإملاءات السياسات الدولية وصانعيها لا بد إن نقر بأن ما هو أخطر منها هي البؤر المحلية والدافعة للتأزم والمصَنعة للأزمات والخالقة للنكبات وفي مقدمتها المرجعيات الدينية ( المتطرفة والمغالية ) من الجهتين سنَية وشيعية ، هذه المرجعيات وما لها من ممارسات غير شريفة استطاعت إبقاء فتيل الخلافات مشتعلاً وبشكل دائم بين المسلمين والهدف غرس الاحقاد بينهم في المنطقة العربية والعالم ومن على ضفتي الخليج تنطلق صادرات هذه البؤر النتنة بفتاويها المتعددة وغسيلها الوسخ لتوزع الأحقاد والثأرات والنزاعات إلى كل ارجاء العالم الإسلامي ، و بتأثيرها السلبي والمشين على أفكار عباد الله حالة دون الركون إلى دواعي التراحم والود والتلاقي والتسامح الفكري والمذهبي بين الناس وهي القيم التي شدد على نشر بذورها وإفشاء تعاملاتها بينهم دين الرسول محمد صلاوة الله عليه وسنته المطهرة.
قناة العربية السعودية هي الأخرى إحدا هذه البؤر المنتجة لثقافة العداء والكراهية بل هي أهم مصانع صناعة الموت والازمات حيث عملت منذ نشئتها على تسميم الاجواء وشحن الأحقاد ونشر الشائعات الزائفة ونسج خيوط الفتنة إلى كل مكان ممكن ومن كل الزوايا لخلق الفتن وتهييج المشاعر إنطلاقاً من ما تمليه عليها إملاءات مصالح الجهات التي تمولها وبرامجها الباهضة ، وخلال العامين الأخيرين على وجه التحديد عمدت إلى تبني منهج إعلامي مدمر ومتهور ومتوغل في شؤون المحيط السعودي ووضفت برامجها المختلفة والباهضة لفتح ثغرات العداء في جسد هذا المحيط المتهالك وكأن لا شيئ ينقصنا غير إن يأتي دورها ليجهض على ما تبقى من وشائج الصلات المتهتكة اصلاً .
أما الثالثة فقناة العالم الإخبارية وهي قناة الخليج الفارسي والناطقة باللغة العربية وبثها الفضائي موجه للمنطقة العربية بشكل أساس ومَركز بغرض تقاسم الوعي العربي الهش مشاطرة مع باقي القنوات العربية المؤثرة والفاعلة وهي تسعا لذلك إنطلاقاً من خدمة المشروع الإستراتيجي الإيراني المناهض للمشروع الإسلامي الوهابي ، وبكل امكانتها الذكية أرادت إن تِصل للعالم العربي صوت الثورة الإسلامية وصوت القوة العسكرية والسياسية الإيرانية الصاعدة ، وكلاً يعمل لمصالحه وينطلق من زوايا زيادة رصيده في البسط والسيطرة ولكل أمة حساب !
هذه القناة ما كان لموجهيها غير التوظيف المعاكس لبرامجها وتقاريرها من أجل وقف زحف موجات النار التي ترسلها قناة العربية إلى الضفة الاخرى من الخليج .
وحتى لا اتشعب بالتوصيف والسرد لبؤر تغذية ثقافة الاحقاد والتطرف وخلفياتها المتعددة والخطيرة في منطقتنا وخليجها والتي كانت وستظل مصدر يهدد المنطقة برمتها فسأتوقف تحديداً للبحث في أمر أيقاف بث الفضائية الإيرانية مؤخراً .. من حيث التوقيت والضروف التي تعيشها المنطقة المليئة بالدخان الكثيف المتصاعد من جبل الدخان بهذه الاثناء؟
وللحياد سنتسائل دون إن نجيب بل سنترك الإجابة للقراء ـ:
من يقف خلف هذا الإجراء الذي أوقف بث هذه القناة على مستوى العالم وحتى على شبكة الأنترنت ؟ ولأي جهة تميل الكفة خسارة وربح من وراء هذا العمل ؟
فكجنوبيين أليست كفتنا خاسرة ! ولكن إستراتيجياً يبقا لموقفنا الرسمي من أحداث المنطقة الملتهبة معيار واحد ووحيد الا وهو المصلحة الجنوبية والطريق اليها وكيفية تحقيقها ، ولا نستطيع إنكار الحقيقة فوقف بث قناة العالم خسارة على قضيتنا وهي المساندة لنا منذ البداية وقبل إن تتحرك الجزيرة !! فهل هناك من يعمل لمصلحتنا في هذه الاجواء المشحونة ؟ وهل توجد فرص حقيقية لجذب المواقف الداعمة لإرساء قاعدة هذه المصلحة ؟ وهل بالامكان إصدار قرار إدانه جنوبي مسؤل ضد من أوقف قناة العالم الجنوبية؟
قد يأتي البعض للقول بأن هذا الإجراء يندرج ضمن مساعي السعودية لإضعاف صوت إيران الصاعد والمتلاطم في ارجاء المنطقة ولكي لا تبث صور الدخان التي خلفها القصف السعودي الكثيف على مناطق صعدة خلال الساعات الأخيرة ، ولكن هذا التوقيف ايضاً يعني بالضرورة إجراء ضد المصلحة الجنوبية ، وقد يقول آخر إن ليس من مصلحة الجنوب إن نأتي في الخط المعاكس لمصالح وسياسات العربية السعودية وهي المؤثرة وصاحبة البصمات واللمسات الأخيرة في كل مشهد بما فيها المشهد بتاعنا ولو في حدود الإجراءات البسيطة ، وقد يأتي ثالث ليبرر مصلحة الجنوب بمعنى إنه يتمثل بالصامت كموقف مرحلي من هكذا تطورات حتى نرى أفق القضية الجنوبية من على قمة عالية .
ومع كل ذلك قد لا يهمنا كثيراً الغوص تحليلاً في عمق الخلافات السعودية الإيرانية كعوام وبسطاء بقدر ما يهمنا إن نطمئن بوجود من هو قادر على الإستيعاب والفرز الحقيقي لتراكمات هذه الأحداث المتسارعة وتسخيرها بما يفيد الجنوب ومستقبل الجنوب حتى نركن إلى عقل جنوبي مسؤل وناظج وحريص على الوطن وقادر على مجارات الاحداث وتوظيف نتائجها لصالح الجنوب القادم الجديد .
إيقاف بث قناة العالم مؤشر خطير للتصعيد بين الدولتين الجارتين ( إيران الشيعية والسعودية الوهابية ) ومن نافذة الحسابات البعيدة لصراع الاقوياء فالأمر ايضاً دليل على إن المرحلة القادمة تتجة بالبلدين نحو المواجهة المفتوحة والغير محددة المعالم والمآلات .
وإلى إن نرى ما ينورنا كي نمشي على بصيرة يجب إن نؤكد على إن منطق التأقلم المرحلي والتكتيكي في تبني المواقف الحريصة وصياغتها بشكل دقيق تجاه كل صغيرة وكبيرة مطلوب جنوبياً حتى لا تتكرر أخطاء الماضي وحتى لا تضيع الفرص واحدة بعد الأخرى كما ضاعت فرص سابقة .
والسؤال المحوري هنا سنوجهه للعقل السياسي الجنوبي بشان وقف بث العالم / هل ندين ونستنكر وقف بث قناة العالم وهي أول من ساعد قضيتنا الجنوبية إنطلاقاً من حساب امتنا الجنوبية أم نصمت حتى لا تزعل السعودية ؟
|
كعادتك أخي أبا عهد تضع يد الجراح على مكامن الألم وتشير إلينا هنا يوجد الوجع.
حقيقة - كوجهة نظر خاصة - احمد الله كثيرا إننا في الجنوب لا نملك ذلك الحقد والكراهية المذهبية وربما كان للنظام السابق في الجنوب تأثيره ولكن في الحقيقة يتسم شعب الجنوب بالتسامح ووالانفتاح على الآخرين والاختلاط بكل الأعراق والأجناس والديانات والمذاهب وهذه نعمة نحمد الله عليها كثيرا .
فنحن لدينا قدرة على التأثير والتأثر بكل الثقافات والأفكار وتتحكم في حياتنا الشروط الأخلاقية والتي جعلتنا عبر التاريخ نتكيف مع النصارى واليهود والأوروبيين والآسيويين والأفارقة والشماليين وبقية العرب وهو ما يجعلنا ننظر إلى أي أمر من الأمور من المنظار الأخلاقي البحت وما ثورتنا الأخلاقية إلا مظهر حقيقي لما في جذورنا وأعماقنا .
وبعيدا عن الصراع المذهبي قمنا بثورة عظيمة في أهدافها ووسائلها مع أن السياسة هي كما يقال :فن الممكن . ودهاليزها تفوح منها روائح المؤامرات والمكائد والدسائس القذرة إلا إننا حددنا هدفنا بوضوح وخياراتنا بوضوح أيضا ولم نرسم خيوط عنكبوتية مع أحدا ولم نكن مستعدون أصلا لان نمارس السياسة بعفونتها لأننا أردنا شيئا جميلا يتناسب مع أخلاقياتنا الرائعة .
من هنا يجب أن تكون مواقفنا والتي تعبر عنا وستثبت الأيام صدقها وطهارتها ليس للآخرين ولكن لنا ولنقاء وطننا وشعبنا.
نحن ندين بشدة إغلاق قناة العالم الإخبارية لان حجب الأفكار والثقافة هي سياسة الفاشلين والقاصرون وتدل على عدم القدرة بمواجهة الحقيقة والضعف في مناطحة الأفكار للأفكار وهي أمور يجلها الحق والشرائع والقوانين الإنسانية ومصير من تصرف بذلك الفشل الذريع منطلقين من حقيقة إعطاء فضاء أوسع للكلمة والفكرة والمعلومة وليس حجبها لأنها حق لكل إنسان على هذه البسيطة .
وبنفس الوقت ندين أكثر واشد المؤامرة التي تحاك ضد الشقيقة السعودية سوأ كان من النظام اليمني أو إيران والتي تعبر بجد عن دناءة من خلال الوقيعة للمملكة وجرها إلى مستنقع قذر كما أُستدرجنا نحن إلى الكمين والفخ التاريخي برغم اختلاف المظهر إلا أن الجوهر هو نفس الجوهر والدناءة هي نفس الدناءة .
هذا الموقف بقدر ما هو متوازن إلا انه من صميم أخلاقنا وصدق توجهنا ويدل على نقاء شعبنا والذي والحمد لله لم يكن يوما من الأيام مع الصراع المذهبي المحتدم في أي لحظة تاريخية من لحظات تاريخنا الجنوبي وهو نفس الموقف الذي أعلنه الرئيس البيض عندما دعا الأشقاء في الخليج أولا والعرب ثانيا وإيران ثالثا لان تقف مع الحق الجنوبي وتمد يد العون لرفع الظلم والاحتلال الذي نعانيه .
هذا ما أراه - كوجهة نظر تخصني كواحد من أبناء الجنوب - والذي أتمنى أن يكون موقفا لقيادة الحراك والثورة الجنوبية فالصمت هو موقف يفسره كل طرف بطريقته والتحيز هو موقف لسنا بحاجة إليه ولا يتناسب مع أهدافنا وأخلاقنا ولا عن حقيقة الشخصية الجنوبية المستقيمة .
لك التحية.