تغطية معارك الدفاع والكرامة التي تخوضها المقاومة الشعبية الجنوبية ضد المحتل اليمني

[علي المفلحي]

( صدى عدن ) خاص :
لا توجد منطقة من مناطق الحرب الملعونة على الجنوب تعاني ما تعانيه محافظة أبين من دمار وما يعانيه أهلها من تشرد وعوز وإهمال وتجاهل وعزلة عن العالم وما يعيشونه من كل مقومات النكبة ومعانيها. أبين تعاني من مرارتين: مرارة النكبة والحرمان من أبسط مقومات الحياة إذ لم يعد أهلها يتذكرون ضوء الكهرباء ولا شكل الماء النازل من الحنفية وعلى من يرغب منهم الاتصال أو بعث رسالة ووتسأب إلى قريب أو حبيب الانتظار أسابيع كاملة حتى تأتي الخدمة التي قد تنقطع بعد دقائق ولا تستمر أكثر من ساعات قليلة أن هي استمرت. نحن نتحدث عن الخدمات (العصرية) (الماء النقي، الكهرباء، الاتصالات والإنرنت) أما المعاناة مع العذاء والخدمات الطبية الإسعافية وحالة الأمن فحدث ولا حرج، فأهل أبين ينامون (إن ناموا) على صوت الرصاص ليصحوا على دوي طلقات المدفعية وقذائف الدبابات، . . يهربون من جحيم صخب التفجيرات إلى جهنم الشظايا والمقذوفات الراجعة. تلك هي المرارة الأولى التي يعاني منها أهل أبين وعاصمتها مدينة زنجبار، الرابضة باستماتة قبالة خليج عدن، أما المرارة الثانية فهي مرارة التجاهل والإهمال والتعتيم الآعلامي المقصود وغير المقصود، فلم نسمع أن صحفيا زار عاصمة أبين أو أي مديرية من مديرياتها التي اختفت منها السلطة وتوارت منها أجهزة الأمن واضمحلت فيها المؤسسات الخدمية الضعيفة والغائبة أصلا وهذا يمثل ظلما إضافيا فوق ظلم النكبة والحرمان. أبين لا تذكر على وسائل الإعلام العالمية والعربية والمحلية وإن ذكرت فعلى أخف من الخفيف، ليس لأن أوضاعها على ما يرام بل لأن الطرق إليها مقطوعة والاتصالات السلكية واللاسلكية فيها منعدمة، وأهلها في معزل عن العالم الخارجي ولم يحظوالا بالتساؤل والبحث في أحوالهم ومعاناتهم. حتى اللحظة لم يقم مراسل لأي صحيفة محلية أو عربية ولا فضائية يمنية أو أجنبية ولا أي وسيلة إعلامية مقروؤة أو مسموعة أو مرئية أو إلكترونية بزيارة الى عاصمة المحافظة زنجبار التي يقطنها قرابة مائة ألف نسمة ولا إلى أي مديرية من مديرياتها الأخرى التي إن نجت من الحرب قد لا تنجو من الجوع والحصار والأمراض والأوبئة. أبين التي نتحدث عنها هي مسقط رأس رئيس الجمهورية وعدد من القيادات الجنوبية التاريخية المشار إلى أسمائها بالبنان، بدءا بالزعيم الحقيقي، والقائد الحقيقي الشهيد سالم ربيع، فالرئيس علي ناصر محمد والشهداء جاعم صالح وثابت عبد حسين وحسين محمد حسين وانتهاء بالشهيد علي ناصر هادي، وغيرهم من القادة الأبطال الذين لم تغب أسماؤهم عن ذاكرة مواطني أبين وغير أبين. أبين بلاد الفن والثقافة والتراث، وزراعة القطن والخضار والفواكه، والثروة السمكية والآثار والمعالم التاريخية وكل ما تعنيه الحضارة والفكر والرقي، كل ذلك لم يعد يذكر إلا في كتب التاريخ، بعد أن طغى صوت الرصاص ودوي مدافع الهاون وقذائف الدبابات على أصوات العطروش وعوض أحمد والشريف ناجي، وعلى أشعار مكرش واحمد عنوبه ودرعان وكور سعيد وعمر نسير وحسين محمد حسين. أبين تستغيث فلا يغيثها أحد وتستنجد فيتخلى عنها أقرب الأقربين، لكن أبناء أبين لم يفقدوا ولن يفقدوا الأمل بأن الغد لن يكون غد القتل والإجرام وتوزيع المقذوفات النارية بل إنه غد العمل والإنتاج ومعانقة المنجل للعشب والمحراث للأرض والعشاق لعبق الورد والفل والياسمين الطالع من بين حدائق أبين وبساتينها الغناء