اليمن.. الرئيس الظل والأمن المفقود / مقال رائع لحسن كرم

[يافع اليافعى]

حسن علي كرم
لا أظن ان مشاكل اليمن سوف تحل بمجرد انتخاب الرئيس التوافقي للبلاد، ذلك ان مشاكل اليمن لم تنحصر برحيل علي عبد الله صالح وتولي نائبه وظله عبد ربه منصور هادي الرئاسة المؤقتة، فهذا الرجل من ذاك أو كما يقال في الأمثال: وافق شن طبقة.
عبد ربه منصور عسكري سابق من أصل جنوبي هرب إلى الشمال في الثمانينيات من القرن الماضي إثر الاعمال التي ارتكبها بحق أبناء شعبه من الجنوبيين، ولذا لن يغفر له الجنوبيون ذلك.
هذا الإنسان لن يكون مقبولاً من كل أطياف اليمنيين إن كان ذلك في الشمال ذي الطوائف المتعددة والقبائل النافذة والمتسلحة وذات القوة القاهرة التي تفوق قوة ونفوذ الدولة، أو في الجنوب، فأهل الجنوب مصممون على النضال واستمرار الحراك السلمي إلى أن تتحقق اهدافهم.
سألت الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض والذي التقيته مؤخراً في محل إقامته في بيروت عن رأيه في عبد ربه منصور، فقال هذا الرجل ظل لعلي صالح ولن يتمكن من حكم اليمن لأن اليمن يحكمه العسكر والقبائل وعبد ربه منصور لن يكون إلا كـ "خيال مآته" أو مجرد شبح يجلسونه في القصر الرئاسي بصنعاء وتبقى السلطة بيد أعوان وأزلام وعائلة علي عبد الله صالح.
يأتي انتخاب عبد ربه منصور هادي على خلفية المبادرة الخليجية التي نجحت في إحلال تسوية مكنت من تنازل علي عبد الله صالح عن رئاسة الجمهورية مقابل تولي نائبه المنصب مؤقتاً وتشكيل حكومة توافقية مؤقتة لمدة عامين إلى حين إصدار دستور جديد وترتيب الوضع السياسي للدولة اليمنية، لكن المبادرة الخليجية جوبهت بالرفض من قبل شباب الثورة الذين طالبوا بمحاكمة الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وعدم منحه حصانة تحميه وأعوانه من المحاكمة والمساءلة خلال مدة حكمه التي استمرت ما يزيد على الثلاثة عقود، أما في الجنوب فقد فقد تم رفع شعار "المبادرة الخليجية لا تغنينا" على أساس انها لم تبادر لحل القضية الجنوبية المعزولة عن قضية الشمال، فالجنوبيون يدعون إلى فك الارتباط والاستقلال عن اليمن لذلك لن يشاركوا في الانتخابات المقررة اليوم الثلاثاء، وهناك حملة شعبية في الجنوب لرفض المشاركة في الانتخابات وحرق البطاقات الانتخابية.
إن مشاكل اليمن كما أسلفنا لا تنحصر في اختيار الرئيس المؤقت، وكذلك لن تنتهي بانتخابه أو تشكيل حكومة توافقية، ذلك أن اليمن أولا وأخيراً مشكلته أمنية بالاضافة الى غياب الثقة ما بين الدولة والشعب، فاليمن يعاني من الانفلات الأمني وتوافر السلاح بكميات مهولة بيد أبناء الشعب حيث توجد نحو(60) مليون قطعة سلاح متداولة وهي تشكل بمثابة ترسانة سلاح خطيرة، ناهيك عن معاناة غالبية الشعب من الفقر والبطالة وارتفاع نسب الأمية التي وصلت نحو الـ (60 %) وهي نسبة عالية، أما في محافظة (صعدة) حيث يتمركز الحوثيون الذين دخلوا في حروب متواصلة مع الدولة على تقاسم السلطة، فهناك مطالبات انفصالية مصدرها محافظة تعز وما جاورها.
فيما تشكل عناصر تنظيم القاعدة قلقاً متزايدا في مناطق القبائل والمناطق الجنوبية، هذا ويظل لنفوذ أبناء الأحمر القوة المنافسة والضاربة للسلطة إذ إن الصراع في الداخل اليمني قد لا يراه من هو في الخارج، لكن هناك واقعاً لا يدلل على الاستقرار القريب للدولة اليمنية.
لذلك تظل هناك التنمية معطلة، وأية معونة مقررة من قبل ما يسمى بأصدقاء اليمن لن تكون مجدية في ظل ظروف وغياب الأمن بل إن هذه الأموال سوف تذهب إلى جيوب النافذين والفاسدين بدلاً من صرفها على المشاريع والبنى التحتية ولعلي أتصور ان أي حل لمشاكل اليمن لا بد أن يستدعي مبادرة دولية فاعلة أو عملية غطاء دولي لا إقليمي يساعد على وقف الاعتصامات واحتلال الشارع والنظر بعناية إلى مطالبات شباب الثورة إضافة إلى مسألة الجنوب وذلك بتلبية مطالب أبنائه.

* صحفي وكاتب كويتي
http://www.alsabaah.com/ArticleShow.aspx?ID=22100

[alqamli]

والله هذا الرجل الحر دائماً ما يبدع في اختيار كلماته ..... شكرا استاذ كرم على شجاعتك وقولوك الصدق في زمن ألا صدق .

[ياسر السرحي]

والله كأن هذا الرجل ولد في الجنوب وعانا وقاسي كل صروف الحكم الشمولي الأولي والحكم الكهنوتي الآخر ويكتب بما في نفوسنا وما لم نستطع أن نلامسه في حديثنا ..

لله درك يا بن كرم