مهم جدا: كاتب من الحديده يرفض فكرة الوحده

[صلاح عليمان]

هذا كاتب من الحديده يرد على هيكل ويقول له ان فكرة الوحده خطأ وان على كل قطر ان يهتم اولا بنفسه وينمي بلده قبل التفكير بالوحده ، ونحن كجنوبيين علينا ان نشجع مثل هذا الطرح لأنه يخدم قضيتنا وحقنا في الاستقلال ولهذا ما قاله الكاتب ممتاز

إعادة بناء بيوتنا "القطرية" أولا
21/10/2011
عبدالله دوبله:


عذرا أستاذي "هيكل" .. لم تكن موفقا في الجزء الثالث من مقابلتك مع جريدة "الأهرام"، بحديثك عن الربيع العربي والدولة القومية، وعن "سيايس بيكو" جديد، مع أنك ربما قد تكون محقا في بعض ما ذهبت إليه، كحالة إنذار مبكرة..
لكن ما أريد قوله هنا، هو أنك لم تكن مصيبا هذه المرة بربط الربيع العربي الراهن بوفاة الفكرة القومية، فهي قد ماتت قبل هذا التاريخ بكثير، لتحول كل مشاريعها إلى دول قطرية لصالح الحكام المستبدين و"الأسريين" الذين لم يعد لهم علاقة بالمشروع القومي إلا إسما..
ولم يكن من فرق بين تلك الجمهوريات القومية، وبين الملكيات القطرية في الخليج، والاردن والمغرب، بل ربما كانت هذه الأخيرة أفضل حالا في استيعاب أولوياتها، وتعايشها مع طبيعة التاريخ.
أستاذي هيكل: أنا كشاب عربي وجدت الدولة القطرية "واقعا" ولدت وعشت فيه، ولم أجد أفكار الدولة القومية أوالخلافة الإسلامية إلا كما يشبه الأحلام في بعض الكتب. في الحقيقة وجدت نفسي في واقع مر يستدعي مني التعاطي معه كأولوية قبل أي حلم أخر.
ما نحن بصدده اليوم من هذا الربيع الراهن هو ترميم أو بالأصح "إعادة بناء بيوتنا القطرية اولا".. ومطالبنا بسيطة وممكنة في الخصوص تبدأ من الحرية والديمقراطية وتنمية الاقتصاديات القطرية والمحلية للمجتمعات، في إطار الحكم الجيد والرشيد.
فمثلا، أنا كشاب قادم من أحدى مديريات "تهامة" في اليمن التي ربما لم يسمع عنها "هيكل" يوما ما، أظنني لن أكن مصيبا إذا خاطبت مجتمعي المحلي هناك، بأولويات كـ"الدولة القومية، او الخلافة الاسلامية" فيما هو يكابد مشقات التغيرات الإقتصادية العالمية ونمط التغيرات التي خلفتها على الأنماط المعيشية المحلية هناك، كحالة محزنة من "شظف العيش والفقر والمجاعة".
فالمجتمع المحلي هناك كان يوما ما الاشتغال في الزراعة كافيا له، إلا أنه انتهى في زمن التحولات، ولم تفعل الدولة القطرية شيئا لمساعدته، وحده نهض وأبدل بمهنة الزراعة، ممارسة الاشتغال في صيد السمك، من منتصف سبعينيات القرن الماضي، إلا أنه هو الآخر بات يكابد الصعاب ولا يسد الحاجة، وهذين الأمرين هما ما يؤرق مجتمعي حقا، ولا اظن أفكارا كالقومية أو الإسلامية، تمثل له شيئا في الوقت الراهن على الإطلاق.
هو اليوم يريد خطابا وأفكارا جديدة من نوع بناء سد مائي على الأودية، لإنعاش ما يمكن انعاشه من مهنة الزراعة، واتفاقية صيد مع "ارتيريا" التي تصادر منذ أكثر من 15 عاما العشرات من قواربه يوميا، دون أن تفعل الحكومة شيئا إزاء ذلك.
ثمة مجتمع هناك على "الساحل" الغربي لليمن بمئات الآلاف، وهو مثل لمجتمعات محلية كثيرة في مختلف الدول العربية، لا يهمها أكثر من تأمين مصادر دخلها ورزقها، من أي شيئ آخر، لكنني لا اقل هنا أن توفير العمل، والإقتصاد الجيد يمكن أن يكن كافيا عن الديمقراطية والحكم الرشيد، فهما أمران متلازمان ليس لأحدهما أن يكن بدون آخر، وإن حدث مثلا في بعض الدول الديكتاتورية فهو أمر إستثنائي لظروف أخرى غير طبيعية، و لا يمكنه العبور إلى المستقبل.
أظننا لو نجحنا اليوم بعد الربيع العربي في التعاطي مع مطالب بسيطة من هذا النوع، كأولوية سياسية مع تعزيز الحريات والديمقراطية والتنمية والمشاركة المحلية في القرار، في إطارنا القطري أولا، سنكون قد نجحنا بالفعل في توفير واقع أفضل، وربما نؤسس لمراحل وآفاق قومية وإسلامية أخرى، قد يكون على "أحفادنا" إستكمالها، كأفكار أسلافنا من القوميين والإسلاميين.
مع أنه بات من الواضح أنه لا مجال لتلك الآفاق أن تكن بالصورة البسيطة التي رسمها الأسلاف، إلا أن تبدأ إقتصاديا، بدءا من الإقتصاديات المحلية للمجتمعات في القطر الواحد، صعودا إلى تكامل إقتصادي إقليمي وقومي وإسلامي.
فزمن "الأيدلوجيات" واستساخ التجارب وتصديرها من دولة لأخرى قد انتهى بالفعل، وأثبت فشله الذريع، فليس من الممكن مثلا الآن تكرار تصدير تجربة "الثورة" القومية السابقة، منتصف القرن الماضي، كأن نطلب من الدول التي لم تلحق بالربيع الراهن، أن تفعل، دون أن يكن ذلك رغبة وحاجة لدى مواطنيها في الأساس.
ربما بتنا كشباب عربي اليوم نعلم جيدا ماذا نريد، وما يمكننا الحصول عليه أيضا، كما نعلم جيدا أنه سيكون علينا العبور في دروب صعبة وشاقة، وسط مصالح قوى عظمى، ربما في مخططاتها الكثير للتحايل علينا وإفشال طموحاتنا الراهنة. كما ذهب إليه الأستاذ هيكل.
لكننا لا نقل أننا نريد أن نظهر كقوة عظمى، تتخذ من تلك القوى عدوا لها، فهو أمر نعلم جيدا أنه لا يتوفر لنا في الوقت الراهن، ولا يمكننا فعله، جل ما نفعله اليوم هو "إعادة بناء بيوتنا القطرية" أولا، كتجارب خاصة وفق ظروف وأولويات كل تجربة.
ربما بات من الملح الآن على النخب السياسية التي ستقود المرحلة القادمة إدراك هذه الحقيقة في وقت مبكر، بدلا من الدخول في تجارب فاشلة أخرى..
دعونا نحاول فعل ذلك، فقد تأخرنا كثيرا..

http://newsyemen.net/view_news.asp?s...11_10_21_60116