من خطايا (الدلال بافضل) و(المرابي بن دغر)

[د.سالم سيف الجابري]

من خطايا (الدلال بافضل) و (المرابي بن دغر)
د. سالم سيف الجابري
ومضة: عندما تذبح حضرموت بسكين بعض أبنائها..
ليس هناك جناية أبشع على حضرموت من جناية دفنها في وحل التزييف والتدليس والنفاق، حضرموت بما حملته وتحمله من دلالات تاريخية وحضارية وثقافية وإنسانية ودعوية إسلامية سجلت بأحرف من نور وضياء سير الأجداد الأبرار الذين حفظت لهم الأجيال الحضرمية المتعاقبة ريادتهم وأدوارهم ونبوغهم في الرقي الذي كان سمتهم وسماتهم الصدق والأمانة والعلو في الأهداف والنبل في الغايات والرقي في الوسائل والأدوات.
لم يكن أكثر الناس تشاؤماً وسوداوية في حضرموت يظن يوماً أنه سيأتي حين من الدهر يرتكب فيه بعض الحمقاء من أبنائها أبشع جناية للتنكيل بحضرموت ودفنها في وحل النفاق والكذب وتزييف الحقائق وخلط الأوراق والاستعداد المستمر لتقديمها بقرة حلوباً ولقمة سائغة في أفواه اللئام الذين دخلوها عنوة بعد حرب صيف 1994م وكان دخولهم وبالاً عليها وعلى أهلها وتاريخها وتراثها وأعلامها وثقافتها ورموزها الحضارية، ليس هذا وحسب، بل كان دخولاً اصطبغ بلون الجهل والتخلف وطرقه وأساليبه وأدواته، ومن أكثر الحمقاء والسفهاء الذين بليت بهم حضرموت وهي اليوم منهم براء نموذجان يتشابهان في المواصفات ويتفقان في تضخيم الذات والبحث عن الملذات الضيقة، على قاعدة أنا ومن بعدي الطوفان، ويتلذذان بالتبعية للناهب الشمالي، علياً واحمدا كان أم عبدالله وحميداً وصادقاً، مغلفة بالانتماء لعضوية المؤتمر أو الإصلاح، نموذجان لم تشهد حضرموت أكثر بشاعة منهما، على كثرة الساقطين من خصوصيتها في العشرين السنة الماضية من أبنائها في براثن وحل الجمهورية العربية اليمنية.
الدلال بافضل بلا فضل:
فالنموذج الأول فيهما مارس دوره - الدلال - الدكتور عبدالرحمن بافضل وزير الثروة السمكية (6أكتوبر 1994م - 15مايو 1997م) أثناء حكومة شراكة المنتصر على أثر تلك الحرب المشؤومة بين المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح، وهي فترة حاسمة وقاصمة يدرك أصغر طفل في حضرموت أهمية الثروة السمكية وقيمة مخزونها الاستراتيجي وأهميته في الأمن الغذائي للإنسان الحضرمي، ويعلم الجميع كيف دمرت هذه الثروة وأهدرت وأسست لنهب منظم لهذا المخزون الذي سطت عليه كل القوى المتنفذة في الساحة وتوزعت الأميال البحرية عليهم وحورب الصيادون الحضارمة في المكلا والشحر وبروم وميفع وبئر علي وقصيعر لتستباح هذه الثروة كمثيلتها النفطية، ليمارس كل الدخلاء في هذه الفترة وما تلاها الاصطياد العشوائي والسطو من قبل سفن الاصطياد لدول الجوار الإقليمية، هذه السنوات التي كانت إيذانا وتسجيلاً لنهاية واستنزاف ثروة حضرموت السمكية تناساها الوزير - الدلال - بافضل المنافح والمعارض المشترك اليوم ودون حمرة خجل، وجل رأسه قد صبغ بالأحمر، مؤكداً ولائه لأسياده من آل لحمر، في مشاهد تذكر الحضارمة بالدلال الرديء الذي يروّج لبضاعة كاسدة ويغري الزبون بجودتها ويبدو أن هذه هي حرفته التي تعلمها في مشوار حياته البائس، ففي كل مرة يظهر على فضائية الجزيرة وكثيراً ما يظهر، وظهوره لا يأتي جزافاً ومن قبيل الاعتراف بقدراته الحوارية وملكته الرصينة في المجادلة بالتي هي أحسن وإنما دفعاً به من أطراف النفوذ السياسي والاقتصادي والقبلية في تجمع الإخوان المسلمين والزج به بوصفه صوتاً حضرمياً يسقط عنها حقها في المطالبة بحقوقها وثروتها ونضالها من أجل محاكمة ومحاسبة المتنفذين من أسرة عبدالله بن حسين الأحمر وبقية آل لحمر وشيوخ وقبائل الجمهورية العربية اليمنية الذين نهبوا أراضيها ووزعوها كتركة من تركاتهم دون أن يهتز لهذا الدلال بافضل جفن ومازال يمارس دلالاته الرديئة في مشاهد تُخجل العقلاء ولا يرتضيها رجل كريم في مثل سنه، فهذا البافضل بلا فضل ولا عزة ولا كرامة كما يبدو من حرصه وهو ينافح على الصراخ والنعيق والتلويح بالأيدي والجفون والحواجب والانحناء والتكوير لهيئته على الرغم من أن أغلب محاوريه هن من جميلات فضائية الجزيرة ولكنها العادة السيئة التي لم يستطع عنها بافضل صبرا، ولم يزل (الدلال) بافضل يؤدي دوره في الإساءة إلى حضرموت في كل أرجاء العالم بوصفه حضرمياً نزقاً لا يفقه أصول الحوار وجدليته ورصانته، وقبل هذا وذاك مندمج حتى الثمالة في بيع حضرموت لأسياده وهي منه وأمثاله براء إلى قيام الساعة، ويرافق ظهوره الكاشح رفع الحضارمة لأكف الضراعة في كل أرجاء الأرض بأن يخرسه رب الكون على جريرته في بيعها في المزاد الشمالي.
غدر المرابي بن دغر
أما النموذج الآخر الشبيه أو القرين لبافضل فهو الدكتور أحمد عبيد بن دغر عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني السابق والأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام، وبين هذين الموضعين تكمن حكاية الفتى (المرابي) ابن دغر الذي بدأ حياته بالمشاركة في جريمة السحل في المنطقة بين (شبام الصفراء والحزم) مطلع سبعينيات القرن الماضي، عندما كان مسؤولا عن تعاونية شبام وتزعم المطالبة بسحل الكهنوت والإقطاع وارتفع صوته بالضجيج الثوري وضرورة تخليص ثورة أكتوبر من العملاء، وقد راح الكثير من الضحايا سحلاً بمؤخرة السيارات ولم تزل أرواحهم تطالب بالقصاص من القتلة وعلى رأسهم الغادر (بن دغر)، وكانت هذه الصفحة الدموية الأولى في حكاية الفتى لينجح بنزقه السياسي أن يتابع تدرجه في أروقة النظام ويفلت من كل جولات الصراع، حتى كانت حرب 1994م ويومها كان في مربع الحزب الاشتراكي وقائمة (16) الذين حكم عليهم بالإعدام من قبل نظام علي عبدالله صالح، وقد غادر عدن ليستغل (11) قبل عودته في المعارضة الجنوبية ويكمل تعليمه ويحصل على رسالة الدكتوراه بوصفه مناضلاً وطنياً جنوبياً، حتى كانت عودته بعد إصدار العفو على القائمة وبالتزامن مع الاحتفال بالذكرى (15) للوحدة في مدينة المكلا عاصمة حضرموت ومنذ عودته وهو لا يبرح ساحات المهرجانات البهلوانية للتسبيح بحمد النظام ورئيسه في تنكر مشين لكل دماء الشهداء التي سالت في الحرب الممتدة من (4مايو - 7 يوليو 1994م) ومازال المرابي (بن دغر) يمارس ألاعيبه التي أجادها كثيراً ونال بسببها الجائزة تلو الجائزة ليستمر سقوطه في مستنقع الخيانة الذي تردى فيه.
إن حضرموت ليست الدلال بافضل ولا المرابي بن دغر وإن كانت بسببهما وأمثالهما من الدلل والمرابين، تدفع عند مغيب كل شمس وإشراقه كل صباح ثمناً من دماء أبنائها وثروتها لرعاع الأرض ولكنها عصية على كل محترفي النفاق والزيف، وهي كفيلة بلفظهما من قاموسها السياسي والاجتماعي والحضاري، فليحفظ رب الكون حضرموت منهما وأمثالهما وما أكثرهما.