ايها الحاقدون أعيدوا ممتلكات شعب الجنوب المنهوبة
الطيف - خاص - الدكتور حسين العاقل
كان من واجب القبائل الشمالية التي استجابت لدعوة الحرب الإجرامية التي أعلنها رئيس الجمهورية العربية اليمنية (ع-ع-ص) بميدان السبعين يوم 27 ابريل 1994م، أن ترفض بقوة أوامر وتوجيهات زعماء حرب اغتيال الوحدة، وتصرفاتهم الحاقدة في استباحة أرض ومدن الجنوب، نعم كان واجبهم أن لا يرتكبوا حماقات النهب والاستيلاء على ممتلكات دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، أن كانوا حقاً وحدويين كما يزعمون ، فليس من العقل والمنطق وحكمة النسب والادعاء، أن تطال أيديهم الملطخة بدم الشهداء، المنجزات العامة التي بناها وشيدها أبناء الجنوب بدم قلوبهم، وهي ممتلكات تجاوزت قيمتها المادية والرأسمالية حسب تقديرات الأمم المتحدة بحوالي 200 مليار دولار. كانت أساساً ممتلكات عامة ينتفع بها أشقاؤهم في المحافظات الجنوبية، وكانت عليهم احترام روابط الدم والعقيدة والتاريخ وأواصر ذات القربى، فلا يتعاملون مع المباني الحكومي والمرافق الخدمية، والمصانع التحويلية والورش والمعامل والمخازن، وأيضا البسط على مزارع الدول والتعاونيات الزراعية والخدماتة، والأسطول السمكي ، وأسطول شركة طيران اليمداء، والمنشآت التعليمية والصحية وال ثقافية والمنازل السكنية الخاصة وغيرها، بتلك الوحشية في نهب محتوياتها وتشليح أثاثها وتدمير كل ما يصادف طريق مداهمتهم للمدن الجنوبية وبخاصة مدينة عدن الحبيبة. حيث أظهرت تلك التصرفات مدى الحقد البغيض والنوايا المبيتة لتدمير حقوق ومكتسبات الجنوبيين، وطمس هويتهم ومسح وجودهم من على وجه الأرض وخارطة الجنوب الجغرافية. ومن باب التذكير بحجم المأساة وهول الكارثة التي تسببت فيها سلطة الجمهورية العربية اليمنية وقبائلها وجيوشها الغازية، تحت شعار الزور والبهتان (الوحدة أو الموت) وعبارات الكذب والخداع (الوحدة المعمدة بالدم) بالإضافة إلى ما هو افضع وأقبح من تلك المبررات الدموية، عندما قبل أبناء الشمال وزعماء قبائلهم فتاوى التكفير الإجرامية، وصدقوا أن أخوانهم في الدين الإسلامي وواحدية عبادة الله سبحانه وتعالى، هم كفرة وملحدين، فقبلوا بقناعة وجوب قتل الجنوبيين وسفك دمائهم وانتهاك كرامتهم وإعراضهم وحقوقهم المشروعة. فهل هناك ما هو أقسى وأمر على النفس البشرية من تهمة التكفير والإلحاد، وارتكاب جريمة قتل المسلم لأخيه المسلم واستباحة ماله وعرضه ؟؟.
فأي عقل أو ضمير إنساني يرتضي لنفسه أن يقبل بمثل هذه الوحدة، وكيف لك أنت ابن الأرض المنهوبة والوطن المحتل بقوة المدفع والدبابات والطائرات، أن تصبر وتتحمل ولو عن مضض، وأنت وأهلك وشعبك ترى الغزاة الشماليون وهم في نعيم الدنيا يتملكون القصور والفلل الضخمة، ويعبثون بما لذ لهم وطاب من خيرات أرض الجنوب، يتباهون بموديلات السيارات الفارهة، ويسافرون في رحلات مكوكية للاستحمام في مصايف أوروبا واللهو في حدائق أمريكا، والاستمتاع بما أنتجته تقنيات العصر الحديث في فنادق وملاهي الإسراف والبذخ بعواصم دول جنوب شرق آسيا. كيف يمكن للغالبية العظمى من أبناء الجنوب المحتل، أن يقبلوا سياسة التمييز العنصري المتغطرسة بعنجهية القبائل الشمالية، وهم يشاهدون مدراء الأراضي والسجل العقاري المتنفذون في عواصم المحافظات الجنوبية، وهم يمنحون القادمين من المناطق الشمالية تراخيص عقود التمليك للبقع السكنية التجارية الثمينة على شواطئ جولد مور والغدير وساحل أبين وخور مكسر والمنصورة بمحافظة عدن، وفي المناطق السياحية والجزر والسواحل البحرية الجميلة، الممتدة من باب المندب غرباً حتى ضربة علي عند الحد الفاصل بين محافظة المهرة وسلطنة عمان شرقاً. بينما مرارة الضيم وحسرة القهر تحز نفوس ووجدان أبناء الجنوب الذين لا يستطيعون أبدا حتى ولو طرق أبواب مكاتب أراضي وعقارات الدولة للحصول على حقوقهم المهدورة ومستحقاتهم المكفولة دستورياً. لقد صارت كل مساحة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية البرية والبحرية، تحت تصرف الأفندم يوزعها كيفما شاء وبحسب مزاجه ورغباته الذاتية، فصارت بعد انتصاره الخسيس في 7-7-94م حقاً مشاعاً له وللأهل والعشيرة ، فهو الوحيد الذي بإمكانه أن يصدر أمراً بصرف مساحة شاسعة لأحد المقربين والموالين تصل في المتوسط إلى عشرات الكيلو مترات المربعة، من الأراضي الزراعية الخصبة، بل ويساعده في الحماية وتسهيل يبيع أو تأجير تلك المساحات بمبالغ خيالية، ويعفيه من دفع الرسوم والضرائب القانونية إلى خزينة الدولة. ومن المفارقات العجيبة أن أبناء الجنوب بمن فيهم المدجنين في هرم السلطة، ليس باستطاعتهم، بل ومن المستحيل عليهم أن يحصلون على مساحة (10×10 متر2) في مدينة صنعاء، أو في إحدى ضواحي المدن الشمالية، أو حتى عند سفوح جبالها الوعرة. فهل يمكن بعد كل ذلك أيها الشرفاء..
ويا أولو الألباب من بني أدم بمختلف سلالاتكم وتعدد أجناسكم وتنوع عقائدكم الدينية والمذهبية، أن يقبل واحداً منكم بمثل هذه التصرفات المخالفة لكل القيم والمواثيق الإنسانية والتشريعات السماوية ؟؟. أليس من حق أبناء الجنوب أن يقفوا وقفة رجل واحد لاستعادة دولتهم وانتزاع حقوقهم المغتصبة؟؟ ولكم هي السذاجة حين يعتقد بعض المخدوعين، أن السكوت والخضوع المشين لتك التصرفات تعد نوعاً من الوطنية السامية في سبيل ترسيخ الوحدة الدموية!!. أنها ورب الكون وعزة محمد (ص) قمة النذالة والسخرية، أن اعتقدت سلطة الاحتلال وقبائلها وعساكر جيوشها ومخابراتها، أن بإمكانها مواجهة الغضب الجنوبي أو قهره وإفشاله باستخدام وسائل القمع والقتل والتعذيب، ولكن عليهم أن يعلموا علم اليقين، أن ما ارتكبوا من حماقات ومارسوا من تصرفات معيبة خلال سنوات احتلالهم لأرض وشعب الجنوب، لن يستطيعوا معالجة تلك العيوب والمشاكل التي تسببوا بقصد ومع سبق الإصرار والترصد في تراكمات حدوثها، وليس بمقدورهم الآن ومستقبلاً أن ينقذوا أنفسهم من ثورة المقهورين وغضب المظلومين إلا إذا اهتدوا للحق وعادوا إلى الرشد والصواب، وقبلوا فورا بتنفيذ المقترحات الآتية دون تلكؤ أو مماطلة وهي:- 1- الاعتراف الرسمي والعلني بجريمة مؤامرتهم في إشعال الحرب الأهلية، وخطيئة احتلالهم العسكري واجتياحهم القبلي لأراضي دولة أشقائهم (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية – أو المحافظات الجنوبية).. 2- الانسحاب الكامل للوحدات العسكرية والأمنية من جميع مناطق وأراضي الجنوب البرية والجزر البحرية والمياه الإقليمية دون قيد أو شروط. 3- الاعتذار الرسمي والعلني لجميع سكان المحافظات الجنوبية بما لحقت بهم نفسياً واجتماعياً واقتصادياً وحقوقياً من مظالم وانتهاكات ومن ممارسات خاطئة، في نهب وتدمير ممتلكاتهم العامة والخاصة، أثناء وبعد الحرب الظالمة. 4- امتناع رئاسة النظام الحاكم وكل من يمنحهم ثقته وصلاحياته من المقربين والموالين، عن الممارسات غير المشروعة لهم في توزيع أراضي المحافظات الجنوبية لأبناء المحافظات الشمالية سواء كانت أراضي زراعية أو مساحات لتشييد مدن المستوطنات،والمباني والعمارات السكنية والتجارية والسياحية الخاصة، والتي صرفت لهم ولشركاتهم ومكاتبهم العقارية والوكالات التجارية بطرق غير قانونية، وعليهم التوقف الفوري عن عقد الاتفاقيات الاستثمارية مع الشركات الأجنبية والمحلية في استخراج الثروات المعدنية، وفي عمليات الاستكشافات وإنتاج النفط الخام والغاز الطبيعي من أراضي الجنوب، على أن تعتبر تلك العقود والاتفاقيات التي تم لهم التوقيع والتصديق عليها، من يوم 8/7/1994م، وخلال سنوات احتلالهم للمحافظات الجنوبية مع الشركات العالمية والوكالات الدولية، عبارة عن اتفاقيات باطلة وغير شرعية .. 5- الاعتراف الرسمي بالقضية الجنوبية كقضية سياسية بامتياز، والجلوس مع قيادة الحراك الجنوبي السلمي على طاولة الحوار بحضور ممثلين عن هيئات ومنظمات ضامنة إقليمية ودولية، للخروج بحلول عادلة من هذه الأزمة وفق وثائق الوحدة ودستورها، ووثيقة العهد والاتفاق، وقراري مجلس الأمن الدولي رقم (924 – 931)، والتزمات نظام الحكم في صنعاء للمجتمع الدولي في 7-7-1994م، واستيعاب أي جديد لتوثيق ضمانات جديدة للانطلاق نحو المستقبل تتوافق وحق أبناء الجنوب والشمال في اختيار كل منهم النظام السياسي المعبر عن أهدافهم الوطنية. 6- إعادة كل ما تم نهبه وتدميره من أصول وممتلكات دولة (ج ي د ش)، وما تم الاستيلاء عليه من أراضي زراعية ومساحات سياحية وتجارية، ومن مصانع ومعامل ومخازن ومستودعات ومنشآت ومرافق حكومية، وكل ما يثبت الاستحواذ عليه من قبل شخص أو جماعة خلال سنوات الاحتلال الشمالي لمساحة المحافظات الجنوبية، على أن يعاد ما بقي من المرافق والمنشآن الصالحة للاستخدام والمنفعة العامة والخاصة، أو التعويض العيني والمادي لما تم لهم نهبه وتدميره، على أن تتولى تقدير ذلك لجان مختصة ومحايدة، وتحت إشراف ورقابة هيئات ومنظمات عربية وإسلامية ودولية. 7- تسليم كل المجرمين والمدانين بقتل وجرح الأبرياء من أبناء الجنوب خلال سنوات الاحتلال سواء كانت جرائم ارتكبت ظلماً وعدواناً، بقصد البسط والاستيلاء على الأراضي والمنشآت أو في قمع الاعتصامات والمهرجانات السلمية، أو في قضايا أخرى لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالحقوق الخاصة والعامة لأبناء المحافظات الجنوبية، على أن يسلم كل من قام بتلك الجرائم أو أمر بتنفيذها، إلى محكمة قضائية عادلة. وفي حالة أن يرفض نظام الحكم في صنعاء، هذه المقترحات.. ولم يسارع إلى استيعاب المخارج المطروحة لحل الأزمة القائمة، أو يماطل في ابداء حُسن النية بسرعة تنفيذها، فإن أبناء الجنوب لن يقفوا مكتوفي الأيدي بعد ذلك، فمن حقهم الشرعي والقانوني أن يناضلوا بمختلف الطرق المتاحة لهم في سبيل استعادت حقوقهم ودولتهم المغدور بها. فهل يقبل نظام الحكم الشمالي ، الاستجابة بصدق ونزاهة بكل هذه المقترحات ؟؟.
مع أننا نعتبرها من وجهة نظرنا عبارة عن مقترحات محدودة جداً، لم تشمل مجمل القضايا الجنائية والسياسية، والتي يمكن للمختصين في مجال التشريعات القضائية والحقوق الإنسانية تحديد المواد والنصوص القانونية المطابقة لحيثيات تلك الجرائم والتصرفات الظالمة. برقيات عاجلة: الأولى: إلى كل من تساوره شكوك الأوهام المريضة، أو احتمالات على أن ما تشهده المحافظات الجنوبية من حراك شعبي يمكن أن يتوقف وينتهي أو أن سلطة الاحتلال قادرة على اختراقه، وأنها بأساليبها الدنيئة، وإغراءاتها المادية القذرة، تستطيع احتواء الغضب الجنوبي المتصاعد. نقول لهم (عودوا إلى صوابكم فرهانكم خاسر والنصر بمشيئة الله للمظلومين).. الثانية: إلى المناضلين الشرفاء في الحراك السلمي الجنوبي، وإلى كل فرد وأسرة تنتمي بهويتها وتاريخها إلى تربة أرض المحافظات الجنوبية، ندعوكم إلى رص صفوفكم وتمتين وحدتهم الجنوبية، فقضيتكم تتطلب منكم التروي وتنظيم خطوات أهدافكم بصبر وحكمة، دون إقصاء للآخر أو التشكيك الوهمي فيما بينكم، فأرض الجنوب تناديكم بكل ألوان أطيافكم، إلى ثبات عزيمتهم في مواصلة النضال والاستعداد للتضحية، في سبيل استعادة مجد دولتهم وحريتهم وكرامتهم في وطنهم الغالي، وعليهم أولاً وأخيراً ضرورة نبذ الخلافات والتباينات فيما بينهم، وأن تسمو نفوسهم فوق جراحات الماضي، وأنكم بتصالحكم وتسامحكم ستحققون كل أهدافكم المشروعة، في استعادة دولتكم ونيل حريتكم واستقلالكم من عبثية الغزاة المحتلون..