عرض مشاركة واحدة
قديم 2021-07-22, 01:18 PM   #5
طبيب العقول
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2012-03-02
المشاركات: 2,633
افتراضي

«الأيديولوجيا»، هل قابلت هذه الكلمة الغريبة من قبل؟ هل سبق أن سمعت متحدثا في الإعلام يؤكد أنه «غير مؤدلج»؟ هل سألك أحدهم من قبل عن «أيديولوجيتك»؟ هل الأيديولوجية إذن تهمة أم صفة لكل إنسان؟ هل هي مرادف للكلمة العربية البسيطة «المذهب»؟ أم أن لها معنى خاصا يجب أن نتعرّف عليه؟ هذه المقالة تحاول أن تشرح مفهوم الأيديولوجية واستخداماته المختلفة عبر التاريخ.
المصطلح والدلالة

هنالك إشكالية تعريف قائمة فيما يخص مصطلحات العلوم الإنسانية؛ فهي ليست كالعلوم الطبيعية قياسية موضوعية في دلالاتها لا مجال للرأي فيها؛ إنما هي ذاتية تخضع لنسبية المنظور الفردي والاجتماعي، تحتمل التأويل وتخضع لواقعها؛ لذا عند استعراضنا لمفهوم الأيديولوجيا فلا سبيل لتجاوز الإشكالية على سبيل القطع ولكن يمكننا على الأقل أن نستعرض مجموعة من التعريفات نتمكن عن طريقها من إبراز المشترك وإعادة التعريف.
كان أول ظهور للمصطلح على يد الفرنسي ديستوت دوتراسي (1754 – 1836) حيث ورد في كتابه «حول ملكة التفكير».
تتكون الكلمة من مقطعين «idea» وتعني فكرة، و«logos» وتعني علم أو دراسة. وعند تركيب اللفظين يصبح المصطلح «علم الأفكار» الذي يعرفه دوتراسي على أنه «العلم الذي يدرس الأفكار، بالمعنى الواسع لكلمة أفكار، أي مجمل واقعات الوعي من حيث صفاتها وقوانينها وعلاقتها بالعلائم التي تمثلها».
لم يترجم المصطلح إلى نظير مُرضٍ في اللغة العربية، وإن حدثت بعض المقاربات كنحت اللفظ اللاتيني وصبه في قالب تصريفي عربي، كما فعل «العروي» الذي اقترح تعريبها على وزن أفعولة فيقول: أدلوجة.
ومنها: أداليج، وأدلوجات، وأدلج إدلاجًا ودلج تدليجًا؛ وهو الأمر الذي وصفه «المسيري» بالجرس القبيح الذي لا يستدعي شيئًا للعقل، ورأى بدلًا من ذلك أن بالإمكان ترجمة المصطلح إلى كلمة «قول» والتي تعني: رأيا أو معتقدًا، لكن تلك الترجمة وذاك التعريب لم يلقيا رواجًا في مجالات الثقافة في مجمتمعنا العربي الذي تداول اللفظ كما هو «أيديولوجيا»، لا «أدلوجة» العروي، و لا «قول» المسيري.
ظل المفهوم كما وضعه دوتراسي مدة من الزمن؛ أي علم الأفكار المعني بدراستها بشكل عام. لكن مع قيام الثورة الفرنسية ونضوج ثمارها الفكرية التي تبنت المادية باعتبارها منهجًا علميًا يستبعد الميتافيزيقا، ومع ازدراء اللفظ سياسيًا على يد نابليون بونابرت تطور المفهوم إلى دلالة أخرى.
كان الإيديولوجيين جمعية فلسفية تنتهج المادية كما أنها تعارض أحلام نابليون الاستعمارية، الأمر الذي جعل نابليون يناصبهم العداء؛ فأطلق عليهم –باحتقار شديد– اسم جماعة الأيديولوجيين؛ فأخذ التعبير منحى ازدرائيا قصد به نابليون «ذوي الفكر الذهني البعيد عن الواقع».
الدلالة وفق الاستخدام

1. الأدلوجة كقناع (وعي زائف): مجموعة القيم والأفكار التي تتبناها جماعة ما، فتؤثر في فكرها وتجعلها ترى الأشياء تبعًا لمنطقها هي لا منطق الأشياء؛ فهي معرفة وهمية غرضها إنجاز فعل اجتماعي يحقق مصلحة تلك الأفكار والقيم.
2. الأدلوجة كرؤية كونية: في ذلك المجال نرى أن الأيديولوجيا أقرب إلى الفلسفة من حيث كونها تتخذ أحكامًا مطلقة شاملة تعالج الفرد والكون والمجتمع.
طبيب العقول غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس