عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-23, 03:48 PM   #2
ابوردفان المفلحي
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2009-07-14
المشاركات: 357
افتراضي

واليوم سيضعونها بالماء بدلا من حليب الماعز فقد ماتت معزاتهم التي كانت تحلب..
الساعة الآن الثانيه ظهرا عبدالله العجوز جالس على ركبتيه ويمسك ببعض اعواد الشجر يصلح الزريبه ومحمديتفقد اجباح النوب(خلية نحل)ويحاول طرد الدبابير عنها فهذا الموسم لم تنتج النحل شيئ من العسل والسبب الجفاف التام في مراعي النحل والأشجاروكذلك البرد الشديد...
يمر الوقت سريعا جدا فبعد صلاة العصر
ام سالم وابنتها الكبرى متجهات الى البئر البعيده لأحضار الماء واثناء عودتهن تتعثرالبنت وتلتوي قدمها ويسقط ماكان فوق رأسها من ماء وترجع الى البيت وهي تتألم فلاتستطيع الوقوف على قدميهامن شدة الألم.
كان الوقت متأخرا حين عادت اخوات سالم من رعي ماتبقى من اغنام لم تنسى البنات ماحدث فجر هذا اليوم لأغنامهم ففي طريق عودتهن وجدت البنات بقاياثلاث جثث لأغنام صغيره تركتها الكلاب في الطريق..
الآن صوت العجوز يدوي في سماء القرية معلن دخول صلاة المغرب اصبح الأطفال والجميع يعرفون صوت عبدالله مع كل أذان صوت فيه عذوبه وصفاء والكل يأتي للصلاة جماعه فيقراء بهم ماتيسر من قصار السور ..
وبدأ الليل يتسلل ويسحب تلك العباءه السوداء وتنتهي صلاة العشاء ليدخل الجميع بيوتهم وتتجمع اسرة محمد ليستمع الجميع لقصص الجد الممتعه سالم هذه الليله لم يسعل ؟كأنه لم يصب بشيئ فيه نشاط على غير عادته سبحان الله ربنا كريم ولطيف بعباده .هيا ياجد عبدالله نريد قصة يهز راسه وينظر الى الجميع فيجد ان اكبر البنات شبه نائمه والجدة فاطمه تجلس عند رأسها وقامت بربط رجلها ببعض الأعشاب فقد كان الألم شديداجدا .ولكن البنت لن تنام فهي تريد ان تسمع قصة اليوم من جدها الطيب
وبدون مقدمات بدا العجوز يقص عليهم قصة اصحاب الأخدود وكيف ان حاكم البلاد قد حفراخدود كبيرا واشعل فيه النيران وعذب الناس لأنهم آمنوا بربهم وكفروا بما يأمرهم حاكمهم ولأول مره تذرف عيون الجد عبدالله بدموع حاول ان يخفيها عن اعين الأطفال ولاحظها الكبار...نام الاطفال كلهم في غرفة واحده والغرفه ليس كما نتصورها ان مبنيه من احجار وبدون اسمنت وسقفها من السعف كل يوم تقوم الحاجة فاطمة ام محمد بمحاولة تغطية الفتحات بالطين ولكن البرد تتسلل خلسة لتضرب احساد الأطفال ..ذهبت العجوز مع زوجها الى مسكنهم وسألته عن سبب الدموع التي نزلت من عيونك وانت تقص للأطفال القصة: فقال استغفر الله العظيم وكررها ثلاث وقال اللهم لااعتراض كنت اتمنى ان يرزق ابنناء محمد بأولاد ذكورليكونوا عونا لأبيهم فلو كانو ذكور لعلمتهم الشجاعه والدفاع عن ارضهم ولما استطاعت الكلاب ان تهجم على اغنامنا
فقالت العجوز كل شيئ بقضاء وقدر ربنا وانت علمتنا ان نقول لاحول ولاقوة الا بالله بكل مصيبه تصيبنا.
فقال العجوز صحيح وقال الحمدلله ولاحول ولاقوة الا بالله ..
وقال العجوز اشعر بأحساس غريب في نفسي قلبي يحدثني ان شيئا سيحصل !!
نامت العجوز وعبدالله يتمنى ان يأتي الفجر سريعا احساسه لم يخنه يوما..طال الليل على العجوز فالسكون طاغي على القريه ألا من اصوات ذكور الأغنام ومتداخله مع نباح كلاب من مكان بعيد . لايخشى اصواتها فهو يعرف ان محمد استعد بسلاحه ويحرس الأغنام من هذه الكلاب الضاله ...
يقرأ عبدالله سور من القرآن الكريم ويعيدها ..اول مره منذ عشر سنوات واكثر لم يسهر عبدالله و لايعرف السبب ..
يقرر عبدالله ان يواصل السهر فقد تبقت ساعه حتى أذان الفجر ولن يستسلم للنعاس.
محمد يجلس بعيدا عند احد الاكواخ ويطلق العنان لأفكاره
وكيف ان الزمن يمرسريعا جدا فقد كان يحلم بحياة كريمه له ولأولادة عشرون عاما مضت واحلامه لم تلامس واقعه بشي !وأخذ يفكر ويتسائل اين نفطنا وثرواتنا اين المعادن والذهب واين اسماكنا ومناطقنا الحره والغاز الطبيعي وثاني اكبر حقل غاز في الشرق الأوسط واخذت الأفكار تتداخل بين حرب في صعده وحراك الجنوب ومشائخ كبار تنضم لهذا الحراك .و..ويقرر ان يتوقف عن التفكير ليبحث عن حطب ويشعل نار ليدفئ جسمه من هذا البردالشديد..
عادمحمد ليمسك بسلاحه ينتظربزوغ الفجر لينام .في هذه الليله محمد يتفقد سالم وعلامات الأستغراب تحوم فوق راسه سالم لم يسعل هذه الليله وبصوت مسموع قال الحمدلله والشكر لله..
وماهي الا دقايق واذا بالعجوزيتقدم ببطئ يشق طريقه متوجها الى مصلى القريه ليعلن موعدآذان الفجر.وترى من بعيد ان هناك اضواء خافته بدأت تلمع وهي عبارة عن فوانيس تعمل بالجاز..يتجمع عدد من المصلين وخاصة كبار السن وعددمن الكهول والشباب فأغلب سكان هذه القريه من النساء والأطفال وكبار السن اما الشباب والقادرون على العمل فكل واحد منهم في جهه من ارض الله يبحث عن لقمة عيش شريفه .
وهنا وقبل ان تكتمل اشعة الشمس وكماهجمت فجر امس الكلاب الضاله على غنم القرية تتكر المأساة وتدخل هذه القرية الآمنه التاريخ من اوسع ابوابه وينام اهلها نومتهم الأبديه ..
عدد من الطائرات الحربيه تفرغ حمولتها فوق هذه القريه لتجعل عاليها سافلها وتحرق الأرض بنيران قذائفها وتحرق الشجر والحجر وتمزق اجسادساكنيها ويختلط اشلاء البشربلحم الحيوان ..انها مجزرة بشعه وجريمة نكراء بدون اي ذنب .هل اصبح دم ابناء الجنوب رخيص لهذه الدرجة.لن ينسى سالم هذا اليوم المشؤوم فهو الوحيد الذي نجا من هذه المجزره بعد ان رأى اشلاء اخواته ووجد نفسه مرميا بين جثث الأغنام .استشهد العجوز عبدالله و فاطمة وكل افراد اسرة محمد وثلاثه وستون شهيد حصيلة المجزرة سيتذكر ابناء الجنوب هذا التاريخ
17:12:2009
يوم الخميس الدامي
وانا لله وانا اليه راجعون
__________________
فداك ياوطني روحي ودمي
ابوردفان المفلحي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس