[جمال عبداللطيف عبادي]

زراعة الكراهية

بعد منتصف ليل 31 مارس 2008م بقليل داهم رجال ملثمون منازل رجال آخرين وسحبوهم إلى المعتقلات والسجون بعيداً عن أعين القانون ..
في غفلة من الشعارات والوهم تحركت الآليات المدرعة والكاتيوشا والدبابات بأنواعها والجنود المدججون بالسلاح لتقتل وتجرح آخرين
هل كانت الصدفة وحدها التي جعلت الأولين من الشمال والآخرين من الجنوب؟
لا ليست الصدفة بل هو الإصرار على تجاهل كل الحقوق وعلى صم الآذان وإغلاق العيون ..
هو رغبة في الإستمرار والمضي عرضاً وطولاً بدون مبادئ الإنسانية ..
هو إصرار عن التخلي عن كل شيئ جميل أو ذكرى طيبة تجمعنا بالأولين ..
هو الموت يغلف الجنوب بإسم لا شيئ ... هو الجحيم يطل بقضه وقضيضه ليسحبنا إلى واقع لا أسوأ منه .. هو الدجل السياسي بأبشع صوره .. هي الكذبة الكبرى تفغر فاها للجميع .. هو مستقبل يرسل نيران حريقه على الملأ .
أفرحي يا روابي .. وأمرحي يا نجود .. وهيمي عشقاً يا سهول .. وأفتحي ذراعيك يا وديان .. هذا العشق الجنوبي للموت والشهادة لا يساويه إلا عشق جنوبي آخر للحرية .. أطلقي زوابعك يا حشود .. أعلني صرخات الميلاد يا صبايا .. هزوا القبضات يا شباب .. إنه يوم نصر يلوح .. إنه غد آت وشمس ستبزغ لا محالة ..
من عدم إنسانيتكم نزرع إنسانية لدى أطفالنا .. لقد قلت لطفلي : لا تعمل مثلهم عندما تكبر .. هذا ما قاله أحمد عمر بن فريد في نفس اليوم لأطفاله .. هذا ما قاله الشهيد الحي حسن باعوم لأحفاده وهذا ما قاله قاسم الداعري لأولاده بالأمس القريب .
لن توقفنا قوتكم ولو جمعتم إليها الدنيا بأسرها لأننا أصحاب حق ونزداد حقاً
كل يوم يمر نضيف به إلى حقنا حقاً .. لن تذهب سدى دموع الأمهات في الضالع وأبين وردفان وكرش والمسيمير وطور الباحة .. لن تذهب دماء أولادنا هناك هدراً .. سنفتح أبواب محاكم العالم لنقتص منكم .. دمنا غالي لأنه يسوى الحياة بأسرها .. به نزرع الحياة في الجنوب ..
أحرارنا في سجونكم أحراراً في قلوبنا يظلون .. سنخرج يوماً وإياهم من سجنكم إلى الحياة .. وسنرى وسترون .. لقد أحرقتم الشيئ الجميل .. تدفنونه كل يوم تحت ركام السوء والخطيئة .. تنبشون الغبار في وجوهكم حتى لا ترون الحقيقة .. ولكنها تبقى حقيقة وتبقون أنتم المخطئون ..
تسلبوننا الحياة وتغرسون الرصاص في أجساد فلذات أكبادنا وبكل دم بارد تتحدثون عن وحدة أنتم أول من أغمد في قلبها السكين ..
أشهدي يا سحاب على ظلم من قال أنه الشقيق .. وسجلي يا رعود لحظة الغضب .. أشهدي يا عهود ووعود أبداً لم تجئ .. إرفعي من الحنايا يا دماء كل العتب
حريتي عندي تسوى موتي عندكم .. فما أحلاك يا موت يسوى الحياة ..

جمال عبداللطيف عبادي
عدن في 13 أبريل 2008م