عرض مشاركة واحدة
قديم 2007-11-11, 10:51 AM   #1
نبيل العوذلي
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2007-10-06
المشاركات: 885
افتراضي السياسة الأمريكية ونبوءات التوراة والإنجيل

السياسة الأمريكية ونبوءات التوراة والإنجيل
ستناول في هذا الفصل مسألة تأثير نبوءات التوراة والإنجيل ، على القرارات السياسة الأمريكية ، وخاصة ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط ، لنفهم أبجديات هذه السياسة المنحازة لإسرائيل ، والمعادية للعرب والمسلمين بشكل عام ، والتي اجتهد الكثير من المحللين في تفسيرها وتحليل دوافعها . وخير من تعرّض لهذه المسألة ، وأفاض في بحثها هي الكاتبة الأمريكية ( غريس هالسل ) في كتاب ( النبوءة والسياسة ) ، وهو من منشورات ( الناشر للطباعة ) ، ط3 1990م ، ترجمة محمد السمّاك .
ملخص مقدّمة المترجم ( بتصرف ) :
يمثل العالم العربي موقعا متميزا وفريدا من نوعه ، في عملية صنع القرار السياسي الأمريكي ، فبالإضافة إلى أهمية موقعه الجغرافي ، وكونه سوقا تجارية استهلاكية ، ويملك أكبر احتياطي من النفط ، فإن هناك عامل آخر ، يتقدم على كل هذه العوامل ، وهو تأثير الفكر المسيحي الديني ، على صياغة القرار الأمريكي ، المتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي . حيث نشأ في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن الماضي ، ما يسمى بالصهيونية المسيحية الإنجيلية القائمة على اعتناق ثلاثة مبادئ :
أولا : الإيمان بعودة المسيح ،
ثانيا : أن عودته مشروطة بقيام دولة إسرائيل ،
ثالثا : وبالتالي تجمّع اليهود في فلسطين .
وقد لعب هذا الأمر دورا أساسيا ، في صناعة القرار الخاص بقيام إسرائيل ، وتهجير اليهود إليها ومن ثم دعمها ومساعدتها ، وإعفاءها من الانصياع للقوانين والمواثيق الدولية . وأن شريعة الله وحدها - التوراة – هي التي يجب أن تطبق على اليهود في فلسطين ، بما أنهم شعب الله المختار .
ونتيجة لهذه المعتقدات ظهر الكثير من الحركات الدينية المسيحية الإنجيلية الأصولية في بريطانيا والولايات المتحدة ، وأهم وأخطر هذه الحركات هي ( الحركة التدبيرية ) ، التي نشأت في الولايات المتحدة بعد قيام دولة إسرائيل . وتضمّ في عضويتها أكثر من أربعين مليون أمريكي ، لحظة تأليف هذا الكتاب في أواسط الثمانينيات ، ومن بين أعضائها الرئيس الأمريكي آنذاك ( رونالد ريغان ) وهي تسيطر على قطاع واسع من المنابر الإعلامية الأمريكية ، وتمتلك محطات تلفزة خاصة بها ، ويشارك قادتها كبار المسؤولين في البيت الأبيض ، ومجلس الأمن القومي الأمريكي ، ووزارة الخارجية بصناعة القرارات السياسية والعسكرية ، المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي .
ـ وتعتقد هذه الحركة أنّ الله قد وضع في الكتاب المقدس نبوءات واضحة ، حول كيفية تدبيره لشؤون الكون ونهايته ، كما يلي :
1. قيام إسرائيل وعودة اليهود إليها .
2. هجوم أعداء الله على إسرائيل ووقوع محرقة هرمجدون النووية ( وأعداء إسرائيل هم الروس والعرب ، وعلى مدى أوسع هم أهل الشرق على اختلاف معتقداتهم ) .
3. انتشار الخراب والدمار ومقتل الملايين .
4. ظهور المسيح المخلص وتخليصه لأتباعه ( أي المؤمنين به ) من هذه المحرقة .
5. إيمان من بقي من اليهود بالمسيح بعد المحرقة .
6. انتشار السلام في مملكة المسيح في أرض جديدة وتحت سماء جديدة مدة ألف عام .
ـ وأن مهمة أعضاء هذه الحركة وأتباعها ، هي تدبير وتهيئة - وكأنّ الله قد أوصاهم بذلك - كل الأمور التي من الممكن ، أن تعجّل في عودة المسيح إلى الأرض ، ومن ضمن تلك الأمور :
أولا : ضرورة إضعاف العرب عسكريا ،
وثانيا : تلبية جميع مطالب إسرائيل بالدعم المالي والسياسي والعسكري ،
وثالثا : تعزيز ترسانتها النووية .
مقتطفات من مقدمة الكاتبة :
تؤكد الكاتبة الأمريكية ( غريس هالسل ) أن بذور هذه المُعتقدات المُدمّرة ، نشأت في نهاية القرن التاسع عشر . وكان رائد هذا الاتجاه في تفسير الكتاب المُقدّس هو ( سايروس سكوفيلد ) ، وقد طُبع أول مرجع إنجيلي له عام 1909م ، زرع فيه آراءه الشخصية في الإنجيل ، وصار أكثر الكتب المتداولة حول المسيحية . وبدأت هذه المُعتقدات في الظهور وتعزّزت ، عندما تتابعت انتصارات إسرائيل على دول الجوار العربية ، وبلغت ذروتها بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان .
وتقول الكاتبة : وفي إحدى المناسبات كان ( سكوفيلد ) يذكّر مُستمعيه بأنه : عام بعد عام كان يُردّد التحذير بأن عالمنا ، سيصل إلى نهايته بكارثة ودمار ومأساة عالمية نهائية . ولكنه يقول أيضا : أن المسيحيين المُخلّصين يجب أن يُرحّبوا بهذه الحادثة ، لأنه مُجرّد ما أن تبدأ المعركة النهائية ، فإن المسيح سوف يرفعهم فوق السحاب وسيُنقذون ، وأنهم لن يُواجهوا شيئا من المعاناة التي تجري تحتهم .
وتقول : بالرغم من أن بعض الأصوليين لم يتقبّلوا هذه الفكرة ، إلا أنها تسبّبت في انقسام كبير . فهناك مؤشر إلى أن أعداد المسيحيين الذين يتعلّقون بنظرية ( هرمجدون ) في تزايد مُضطرد ، فهُم مثل سكوفيلد يعتقدون أن المسيح وعد المسيحيين المُخلّصين بسماء جديدة وأرض جديدة ، وبما أن الأمر كذلك ، فليس عليهم أن يقلقوا حول مصير الأرض ، فليذهب العالم كلّه إلى الجحيم ، ليُحقّق المسيح للقلّة المُختارة سماءً وأرضا جديدتين .
إن استقصاء عام 1984م ، الذي أجرته مؤسسة ( باتكيلو فيتش ) أظهر أن 39 بالمائة من الشعب الأمريكي ، يقولون ، أنه عندما يتحدّث عن تدمير الأرض بالنار ، فإن ذلك يعني ، أننا نحن أنفسنا سوف نُدمّر الأرض ب ( هرمجدون ) نووية . وأظهرت دراسة لمؤسسة ( نلسن ) نُشرت في أُكتوبر 1985م ، أن 61 مليون أمريكي يستمعون بانتظام إلى مُبشّرين ، يقولون أننا لا نستطيع أن نفعل شيئا ، لمنع حرب نووية تتفجر في حياتنا .
ـ ومن أكثر الأصوليين الإنجيليين شهرة ، من الذين يُبشرون على شاشة التلفزيون بنظرية ( هرمجدون ) :
1. بات روبرتسون : يملك شبكة تلفزيونية مسيحية ، مكونة من ثلاث محطات ، عائداته السنوية تصل إلى 200 مليون دولار ، ومساهم في محطة تلفزيون الشرق الأوسط في جنوب لبنان ، يشاهد برامجه أكثر من 16 مليون عائلة أمريكية .
2. جيمي سواغرت : يملك ثاني أكبر المحطات الإنجيلية شهرة ، يُشاهد برامجه ما مجموعه 9,25 مليون منزل .
3. جيم بيكر : يملك ثالث أشهر محطة تبشيرية ، عائداته السنوية تصل إلى 50-100 مليون دولار ، يُشاهد برامجه حوالي 6 ملايين منزل ، يعتقد أن علينا أن نخوض حربا رهيبة ، لفتح الطريق أمام المجيء الثاني للمسيح .
4. أورال روبرتس : تصل برامجه التلفزيونية إلى 5,77 مليون منزل .
5. جيري فولويل : تصل دروسه التبشيرية إلى 5,6 مليون منزل ، يملك محطة الحرية للبث بالكابل ، أقام بعد شرائها بأسبوع ، حفل عشاء على شرف جورج بوش نائب الرئيس ريغان آنذاك . وقد أخبر فولويل يومها بأن جورج بوش ، سيكون أفضل رئيس في عام 1988م .
6. كينين كوبلاند : يُشاهد برامجه 4,9 مليون منزل . يقول : أن الله أقام إسرائيل . إنّنا نُشاهد الله يتحرك من أجل إسرائيل … إنه لوقت رائع أن نبدأ في دعم حكومتنا ، طالما أنّها تدعم إسرائيل … إنه لوقت رائع أن نُشعر الله ، مدى تقديرنا لجذور إبراهيم .
7. ريتشارد دي هان : يصل في برنامجه إلى 4,75 مليون منزل .
8. ريكس همبرد : يصل إلى 3,7 مليون منزل ، وهو يُبشّر بتعاليم سكوفيلد التي تقول : أن الله كان يعرف منذ البداية الأولى ، أننا نحن الذين نعيش اليوم ، سوف نُدمّر الكرة الأرضية .
وتعقّب الكاتبة بقولها : لقد ذكرت ثمانية من الذين يٌقدّمون البرامج الدينية ، ويُبشّرون بنظرية هرمجدون نووية في الإذاعة والتلفزيون ، ومن بين 4 آلاف أصولي إنجيلي ، … هناك 3 آلاف من التدبيريين ، يعتقدون أن كارثة نووية فقط ، يمكن أن تُعيد المسيح إلى الأرض . إن هذه الرسالة تُبث عبر 1400 محطة دينية في أمريكا . ومن بين ألف قسّيس إنجيلي يذيعون يوميا برامج من خلال 400 محطة راديو ، فإن الأكثرية الساحقة منهم من التدبيريين . وتقول : أن بعض هؤلاء القساوسة ورؤساء الكنائس ، هم من القوة بحيث يظهرون كالملوك في مناطقهم .
والرسالة التي يُرسلها هؤلاء على الدوام هي : لن يكون هناك سلام حتى يعود المسيح ، وأن أي تبشير بالسلام قبل هذه العودة هو هرطقة ( تخريف وكفر ) إنه ضد كلمة الله ( ضد ما جاء في الكُتب المقدسة ) إنه ضد المسيح . وهذا ما يقوله أيضا ( جيم روبرتسون ) التلفزيوني الإنجيلي الذي دعاه الرئيس ( ريغان ) لإلقاء صلاة افتتاح المؤتمر الحزب الجمهوري عام 1984م .
نبيل العوذلي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس