عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-12-03, 01:13 AM   #3
السفير الحميري
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2009-12-21
المشاركات: 6,292
افتراضي

http://sh-new.com/vb/showthread.php?t=12453


الفكرة الملهمة للشعب الجنوبي بين الألم والأمل.. دعوة للتفكير 2-2

ما تطرقنا إليه في المقالة السابقة عن الفكرة الملهمة والنماذج التي تم اختيارها في بعض البلدان كأمثلة تعتبر مقدمة لموضوعنا التالي وهو بنفس الوقت يعطينا فكرة عن كيفية إجماع تلك الأمم على الفكرة الملهمة واستخدامها الاستخدام الأمثل للوصول بها وبمعيتها إلى الأهداف الكبرى فالولايات المتحدة والهند مثلا الهدف من الفكرة هو خلق أفضل التجانس على أفضل وأوسط الأمور المشتركة بين التشرذمات الكامنة فيها وألمانيا مثلا الغرض منها إعادة العزة والكرامة المفقودة بفعل نتائج الحرب العالمية الأولى وإسرائيل للم شتات اليهود بعد تيه وضياع لزمن طويل تلك هي الأهداف العظمى والتي هي بعد ذلك وسائل أيضا لتحقيق الرقي والتقدم والتطور والسمو .

فلنأتي الآن لفهم الجنوبيين بوعي أو بغير وعي لتلك الفكرة من خلال السياق التاريخي القريب للجنوب على أساس أن ماهو قائم اليوم يعتبر نتاج له ومرتبط به اشد الارتباط .

في الحقيقة نجد لدى الجنوبيون خلطا كبيرا بين الأهداف والوسائل ومابينهما " الفكرة الملهمة"فأننا لابد أن نتطرق لذلك من جنس الخلط الموجود ولهذا نجد الآتي:

أولا: تسمية الهوية : خلال قرن من الزمان مضى اختلف الجنوبيون حول التسمية لدولة الوطن الجنوبي وليس ذلك فحسب بل اختلفوا في ذلك هل التسمية المقترحة هي هدف يسعى إليه أم وسيلة أم فكرة ملهمة لتحقيق هدفا آخر فالبعض اعتبر " الجنوب العربي" هو حقيقة الجنوب وأهله وهو الجامع والاسم الملائم والذي ساد فترة طويلة من التاريخ الحديث والبعض اعتقد أن " اليمن الجنوبي" هو حقيقة الجنوب وأهله وتلك باعتقادهم حقيقة تاريخية موغلة في القدم والبعض رأى إن " دولة حضرموت " هي الأقدم والأصدق تطابقا مع الواقع التاريخي والاجتماعي والمذهبي والسياسي وآخرين رأوا إن الجنوب تسمية جهوية وان عدن هي من تصلح كتسمية مرموقة براقة باعتبارها الاسم الأشهر عالميا ولكن الجميع متفق في كل ذلك الاختلاف إن العاصمة هي عدن ولا يختلف على ذلك جنوبيان .

ثانيا : علم الجنوب : العلم هو رمز للوطن وعنوانا للدولة وسيادتها وتبعا لاختلاف التسمية للدولة وكذلك لما يحمله العلم من دلالات إيديولوجية أو دينية أو عرقية أو اجتماعية فالاختلاف فيه أكثر تطرفا وبدلا من أن يكون جامعا يعوض الاختلاف السابق في التسمية أضحى أكثر إشكالا لأبناء الجنوب فمن الجنوبيين من يفضل علم اتحاد الجنوب العربي والذي يرمز لاتحاد إماراته ومشيخاته وسلطناته ويراه البعض هو المعبر الحقيقي عن واقع الجنوب والمتفاعل معه حقيقة في كل مراحل الجنوب التاريخية الحديثة والبعض يرى أن علم الجنوب المعروف أبان دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية هو العلم الذي يجمع كل الجنوب كدولة اندماجية واحدة كانت واستمرت إلى وقت قيام الوحدة اليمنية والبعض يرى إن هذا العلم مناسبا ولكن بدون وجود النجمة الحمراء التي تشير إلى معنى إيديولوجي مرفوض وتمثل حزبا محددا لا يعبر عن كل قناعات الجنوبيين الإيديولوجية بما فيها الجانب الديني والبعض يرى انه لابد من علم مختلف يكون أساس رسمه من واقع الجنوب اليوم بمحافظاته مع أعطى خصوصية لرمزية عدن ويعبر عنه بالنجوم .

ثالثا : شكل الدولة : يرى البعض أن الشكل الفيدرالي للجنوب أمر واقعي متأصل في الجنوب يعبر عنه واقع التقسيمات القبلية والتي لم يستطع احد إخفائها حتى أبان الدولة الاندماجية أبان حكم الحزب الاشتراكي بل ظهرت بأسوأ صورها في الاقتتال الأهلي وان كان بحجم آخر كتحالفات قبلية اكبر حجما وان الشكل الفيدرالي هو الأضمن والأكثر أريحية ويرضي نفوس غالبية الجنوبيين أن لم يكن جلهم .
وآخرون يرون أن الدولة الجنوبية الاندماجية تحققت وتعتبر قفزة نوعية متقدمة ومتطورة والتقسيم الإداري للمحافظات هو الأكثر ملائمة والجامع للجهود عامة وان أي تراجع عن ذلك يعتب نكوص وربما يشكل خطرا قد لا نعرف ما يؤول إليه الوضع .

رابعا: الحراك الجنوبي السلمي : قد يبدو للوهلة الأولى إن هذا الشعار أخاذ جميل وجامع للكل وفيه لغة حضارية راقية . فمن حيث الجمال ففي الحركة بركة ومن حيث هو جامع فالحراك لفظة ليست محددة ومعينة بل يمكن أن تكون مظلة لأفكار عدة وجهود متعددة ومن حيث هو لغة حضارية راقية فالسلم الطابع فيه يعبر عن ذلك .
ولكن في نفس الوقت يراه البعض بأنه مفهوم ومصطلح هلامي لا وجهة واضحة له بعكس مفهوم الثورة الذي يحدد بوضوح التغيير الشامل في الوضع الموجود وبنفس الوقت حصره سلميا أعطى إشارات سعيدة لنظام صنعاء بان الجنوبيين ليسوا جادين بدرجة كافية مع علمهم أن الشمال لن يترك الجنوب إلا بالقوة .

خامسا: مبدأ التسامح والتصالح :
اعتقد أن فكرة هذا المبدأ عظيمة في جوهرها وتعبر عن أصالة أخلاقية وتعامل نبيل بين الناس وكل الأديان والشرائع والقوانين والأعراف تؤيد ذلك المبدأ بقوة وتثني عليه ولكنه في الحقيقة ليس فكرة مكتملة يمكن الاتكاء عليها في مشوار الحراك والثورة الجنوبية بل يعتبر أساس طيب ورائع للانطلاق وليس المضي إلى آخر الهدف ولكنه بنفس الوقت يظل متماشيا مع أفكار ووسائل أخرى اليوم وغدا وبعد غد .
للتسامح والتصالح سلبية لكنها ليست في مضمونه بل في طريقة تجسيده على الواقع فالأطراف المتصالحة ليست واضحة ولا الزمان المرتبط به محدد ولا مقدمات التسامح والتصالح عمل بها بل أخذت كفكرة مستحسنة ولكن لم يتم تحديدها بوضوح وهو ما أعطى البعض مبررات للخطاء مستغلا ذلك المبدأ الذي هو عظيم فعلا .

سادسا : حزبنا الجنوب : الكثير من أبناء الجنوب يتمنون مثل هذه الفكرة باعتبارها تخلخل كل الكيانات الصغيرة والارتباطات الحزبية بصنعاء وتتجه كل الجهود إلى هذا الشعار " الفكرة" لأجل تحقيق الكثير من الانجازات بوتيرة متسارعة وبرسوخ وثبات بدلا من الشتات في المكونات والأحزاب والقبائل والمناطق والأطياف .
لكن هذه الفكرة اصطدمت بواقع مرير وصعب ولم تجد لها مساحة من التحرك مع أن النفوس تستحسنها وتتمناها ولكن واقع الحال أصعب من المنال فيها ولهذا فالشعار مايزال مطلوبا كوسيلة مجدية على المستوى النظري فقط حتى الآن .

وهنالك الكثير من الأفكار التي تطرح حتى أن بعضها ممعنا في السلبية ولكنه يبين بمنتهى الصراحة والحقيقة كم هي الصعوبات والمشاكل التي نعاني منها وتقف حجر عثرة في طريقنا وتحتاج إلى جهود مضاعفة متشربة بالإخلاص والجدية والتعالي عن التفاهات في الأمور .

الجنوب بحاجة إلى فكرة تثير حماسه ويلتف حولها كل الناس فكرة تجمع الكل وتشعرهم أنها تعبر عنهم
وإنها هي الأمر الذي يبحثون عنه فالكثير مما هو مطروح يفرقنا أكثر من أن يجمعنا ولابد من فكرة جميلة ملهمة براقة تجمع كل ذلك الشتات وتقضي على الحواجز والموانع النفسية والمادية وتفتح لنا طريقا ودربا واسعا بمدى البصر وبحجم الآفاق الفسيحة والمسالة الآن هو أن نفكر ونبحث ونبدع في ذلك من خلال دراسة وتأمل في الواقع الجنوبي وخصوصية الوضع القائم ولا يجب أن ننسى إن الفكرة التي حتما سنجدها تحتاج إلى قائد ملهم يقود الجماهير متبنيا الفكرة من أعماقه ويكون خير معبر عن الشعب الجنوبي من خلالها .

أخيرا :

الفكرة لن تكن أبدا ملقاة على قارعة الطريق بل نحن من يصنعها ويخلقها حتى نكون جديرون بالعمل بها وقد تأتي تلك الفكرة من فم طفل أو فم بندقية.
لكم التحية.
__________________


وانها ثوره حتى النصر
السفير الحميري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس