عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-04-28, 06:27 PM   #107
الطائر المهاجر
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2009-03-24
المشاركات: 5,525
افتراضي

الاثنين 28 أبريل 2014 09:40 صباحاً
من المعلا إلى المكلا منظومة ممانعة ومقاومة

يحيى بامحفوظ

"نحن في معركة فاصلة ولكننا سنضطر للمعركة للدفاع عن الوحدة والديمقراطية ونتصدى للانفصاليين, أي انفصالي سنتصدى له"

بتلك الكلمات أعلن الرئيس اليمني السابق الحرب على الجنوب, أي انها كانت بمثابة ساعة الصفر أو لنقل كلمة السر لبدء التحرك وشن الحرب التي تجردت فيها قواته من كل القيم الدينية والإنسانية والأخلاقية، لتحقق صنعاء حلمها بإلحاق الجنوب قسرا بها, ومما يؤسف له ان يتم ذلك بمشاركة بعض الجنوبيين الذين شكلوا و لازالوا شوكة في خاصرة أرضهم وهي تواجه همجية الغزاة الجدد، فعمدوا بهمجيتهم تلك إلى تدمير البنية التحتية في الجنوب وفتكوا برجاله وحولت الحياة المدنية فيه إلى كارثة حقيقية اثر ترسيخهم لثقافة النظام هناك, المتجذر بالفساد والذي استشري جنوبا على كافة الصُعد.

فبعد عشرون سنة لازال الحال في الجنوب ذات الحال, بل ازداد الاستهداف العسكري المبالغ فيه للأفراد والتجمعات السكنية الذي عمدت فيه صنعاء لاستخدام أسلحتها الفتّاكة بلغ حد قصف المدن بالطيران الحربي, ومع ذلك لا أعتقد أن إفراط صنعاء في ممارسة "إرهابها للجنوب" قد يشفع لها أو يدفع بأبناء الجنوب للخنوع وانتظار أعذارها الواهية ومزاعمها التافهة في تبرير جرائمها الدائمة بحقهم, بعد ان تجاوزت قواتها, بصَّلفها المقزز كل حدٍ متوقّع من الخِسَّة والحقارة، وما حدث في المكلا مؤخرا والذي لم تشهد المدينة مثيل له على مدى تاريخها إلا دليل على انحطاط تلك القوات, كل ذلك يأتي بعد ان تعاظم مقدار عنجهيتها التي تفوقت بها على من هم في مستواها, حتى خال لأبناء الجنوب, بل أيقنوا بأن اعتى الأنظمة الديكتاتورية وأسوأها, ارحم وأرأف منهم.

ان الواقع على الأرض له من الدلائل والمعطيات, ما يضعه في مرتبة الحقيقة التي لا تقبل الشك, إذ تُفيد بأن الخيار الاستراتيجي لسياسة صنعاء هو عدم المهادنة مع الجنوب طالما ظل شعبها يطالب باستعادة دولته, و بدون تلك الإستراتيجية لا تستطيع تحقيق متطلبات المرحلة القادمة التي تؤسس لاستسلام أبناء الجنوب وخنوعهم وبالتالي القبول بالواقع الذي تطمح له صنعاء وتريد تطبيقه قسرا, حسب رغبة ساستها والتي لا تخرج مضامين تلك الرغبة عن ثقافة النهب والفيد, وان جاءت هذه المرة تحت يافطة التنفيذ لمخرجات الحوار الذي فُرِضت مخرجاته على المتحاورين أنفسهم ويراد فرضها بالقوة على الجنوب.

في حقيقة الأمر ان المسألة هنا تتعلق بأسلوب رد الفعل وليس التوقع, فما تحاول صنعاء اجتراره لتلوكه بين فكيها, مجرد لعبة سياسية خاضتها وتخوضها بإيماءات دولية, ولا تملك فيها سوى الورقة الخاسرة, خاصة بعد ان وضِعَت تحت الوصاية الدولية, وهذه حقيقة يدركها الجميع, ومع كل ذلك نراها تمعن في المزج بين قوتها العسكرية الضاربة وخيالها الاستحواذي الطفولي, ولكن الرد الجنوبي كان قويا, اذ جاء موشحا بمليونيتي التنديد باليوم المشئوم السابع والعشرين من أبريل، يوم إعلان الحرب على الجنوب في عام 1994م, كاشفة من خلالها عن تعاظم حالة الرفض الشعبي المطلق للمشاريع المنقوصة, إذ أفضت في معناها إلى تشكل منظومة ممانعة ومقاومة سلمية, تقف كسد منيع في وجه محاولات شرعنة احتلال الجنوب, وتحسين شروطه بتزوير أرادة شعبه, عبر البوابة المهترئة لما يسمى بمخرجات الحوار اليمني.
الطائر المهاجر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس