ما الذي تغيّـر في اليمن؟
صالح السندي – المانيا - بريد الكتروني
الأربعاء 22 أغسطس 2012
كثرت المطالبات السياسية والثورية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بتغيير القادة والعسكريين من النظام السابق وإقالتهم من كل أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية، وحملت شعارات الجمع الثورية مطالب واضحة وصريحة بـ «توحيد الجيش وضبط الأمن»، بل وزمجرت بعض أبواق اللقاء المشترك في وجه هادي مستهجِنة ومستجدية، وبكل عطف وشفقة، ان يخلصها من جحيم الأسرة الحاكمة، حتى تستفرد بالقوة والسلطة معاً، الطمأنينة المفقودة وعدم الاتزان في ضبط الأمور وامساك زمام السلطة بأيدي مرتعشة وخائفة، ولّد شعوراً بعدم الثقة وحالاً من عدم الارتياح والارتباك الشديد لدى الأحزاب المنضمة حديثاً الى السلطة، متخوفة من تبدد الحلم التاريخي وسحب البساط من تحت اقدامها مجدداً.
«التسول السياسي» على أعتاب أبواب النظام المؤتمري الحاكم والجري وراء أوهام السلطة أعميا الكثيرين عن رؤية الحقيقة المجردة، وهي انهم يسبحون في بحر من الأوهام ومركب حكومة الوفاق شارف على الغرق، فقد غابت عنهم الحقيقة الصادمة ان هادي شخصية عسكرية بحتة عاشت لمدة سبعة عشر عاماً في ظل الرئيس السابق ونهلت من مدرسته وترعرعت في كنف النظام السابق بل وتبوأت فيه مناصب ومراكز قيادية عليا، ودانت له بالولاء المطلق في أحلك الظروف العصيبة التي مرت بها اليمن، وتناسوا ان هادي تربى تربية عسكرية وأمنية مطلقة وهو ذو شخصية برغماتية تتوخى الفائدة العملية معياراً للتقدم بغض النظر عن المحتوى.
ويحمّلون هادي مشقة وعناء أحلامهم وغيّ أمانيهم وفوق طاقته وقدرته الخاصة على تحمُّل الأمور، من هيكلة الجيش والحوار الوطني وغيرها من القضايا العالقة والمصيرية . يريدونه ببساطة ان ينسلخ عن جلده ويتخلص من حشاياه الدفينة الخارجة من بعض النظام السابق ومن مختلف التكوينات المؤثرة التي نسجت شخصيته. ربما اتفاق اغلب الشخصيات السياسية على شخص هادي ليس نابعاً عن قناعات وطنية، لكن لأنه يمثل نقطة التقاء جميع القوى المتصارعة، فهو لا يمثل احد الاقطاب القبليين الحاكمين لرؤوس قبيلتي حاشد وبكيل، وأيضاً لا يمثل أحد فرقاء القوى العسكرية المتنازعة، ومن ناحية يمثل غطاء مناسباً لمختلف رجال المال والأعمال.
لماذا اختير هادي؟
أولاً لأنه وبحكم علاقاته المتوسعة والمتشعبة في الوسط السياسي شخصية مسالمة وهادئة، وهو محطة في منتصف الطريق تلتقي فيها جميع المصالح السياسية والمشائخية والتجارية.
ثانياً، كونه شخصية جنوبية سيؤمن الوطن من عواقب دعوات الانفصال.
لذا دأب اغلب القوى والأبواق الاعلامية الحزبية على نشر أخبار مفبركة عن خلاف مزعوم بين هادي والرئيس السابق، وسعت الى صب الزيت على النار والتعتيم الاعلامي المبالغ فيه لإيهام الرأي العام ان هناك خلافاً ما، وان هادي هو الشخصية الانقاذية والوطنية التي ستنقذ الوطن من جحيم الأسرة الحاكمة.
حتى الآن لم يصدر عن الرئيس بيان، حتى وإن كان مقتضباً، عن الثورة والشهداء، ولم تتكفل الدولة بمعالجة جميع الجرحى، عدا بعض المنح العلاجية المقدمة والمعونات الأجنبية، بينما يقبع أكثر الجرحى في جراحهم وآلامهم من دون شفاء وعلاج، وصلت الى حد محاولة البعض الانتحار واضرام النار في أنفسهم من شدة المعاناة والقهر.
فما تغير إذاً؟ هل أطلق سراح جميع المعتقلين؟ هل عولج جميع الجرحى والمعوّقين؟ هل عوضت أسر الشهداء والمفقودين؟ وهل تم الاعتراف بالثورة رسمياً وصراحة وبأنها مطالب شعبيه مشروعة لم تقم لتجد نفسها في نهاية المطاف عاجزة عن اطلاق سراح سجنائها وغير قادرة على علاج جرحاها؟ وأنه لم تبعث الانتفاضة الشعبية الكبرى ويخرج الملايين الى الشوارع مواجهين الموت الزؤام لتخرج الأحزاب المتسلقة معلنة انتصار الثورة وهي منهم براء.
http://alhayat.com/Details/428111