عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-04-20, 02:03 PM   #8
عبدالله البلعسي
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2009-01-15
المشاركات: 13,875
افتراضي

آخر تحديث: الجمعة 20 أبريل 2012, 2:57 ص


القاعدة و"روبن هود"

لا أظن أن من قام بهذا الاختطاف سيجد في النصوص الفقهية والتخريجات النوازلية والمقاصدية ولا حتى في باب الحيل وجواز التدرع بسكان البلد ما يجيز فعله من الناحية الشرعية
نشأت في رحاب السلك الدبلوماسي بحكم عمل والدي حفظه الله في وزارة الخارجية وتنقله من بلد إلى آخر حاملا وسام تمثيل أشرف بقاع العالم. هذا الشرف لم يكن هناءة محضة إذ كانت له أعباؤه الدائمة وتبعاته المستمرة، فالدبلوماسي رحال لا يضع عصا الترحال عن كتفه، وزوجه وأبناؤه دائمو التنقل معه حيث حل وارتحل، ولا فرق في نظري بين الدبلوماسي والعسكري من حيث الدور والالتزام بخدمة الوطن، فهذا يقف على ثغر البلاد السياسي وذاك على ثغرها العسكري وتظافر جهودهما حصيلته ديمومة الأمن.
تزامنت بعض فترات عمل والدي خارج المملكة في أواخر الثمانينيات الميلادية مع تزايد حوادث القتل والاختطاف لبعض الدبلوماسيين السعوديين حول العالم، مثل اختطاف بكر دمنهوري التابع لمكتب الملحق الثقافي في بيروت عام 1987، وتزامن ذلك مع احتلال السفارة السعودية في طهران في ذات العام، وكانت أقرب الحوادث منا حادثة اغتيال موظف السفارة السعودية بأنقرة الدبلوماسي عبدالغني عبدالحميد بديوي في عام 1988 والتي أظن أنها كانت أول حوادث الاغتيال إذ كان ما قبلها حوادث اختطاف.
حادثة اغتيال البديوي تحديدا هزتنا وجدانيا، لكنها أيضا بينت لي صلابة وقوة الدبلوماسي السعودي عموما، وأنهم عند الخطر هم أول صفوف المواجهة الحكيمة وعلامات الثبات، وهو ما رأيته من والدي حفظه الله في تلك الفترة، وهو ما بقينا نراه منهم حول العالم، إذ لم تتوقف حوادث القتل والاغتيال عند البديوي رحمه الله، بل في ذات العام وبفارق زمني ضئيل تم الاعتداء على نائب القنصل السعودي في كراتشي، ثم اغتيال مدير المركز الإسلامي في بلجيكا السيد الأهدل رحمه الله (لا أظن أنه كان دبلوماسيا بالمعنى القانوني للمصطلح لكنه كان يمثل المملكة هناك)، وفي عام 1990 تمت محاولة اغتيال أخرى في تركيا (المضطربة في تلك الفترة) ثم اعتداء على السفارة السعودية في بيروت واغتيال أربعة دبلوماسيين في تايلاند منهم القنصل السعودي هناك في حادثين منفصلين.
ومع تشابه حادثة اختطاف الدبلوماسي الخالدي مع تلك الحوادث من حيث طبيعته، إلا أن ثمة فارقا كبيرا بينه وبينها، فتلك كانت في الغالب عمليات تعبر عن تباين الوجهات السياسية أو لأغراض أخرى متصلة بالدول التي تمت فيها عمليات الاغتيال، أما هذا الاختطاف الأخير فإن قمة الإزراء والخسة فيه أنه من ابن البلد لرجل يضع على صدره وسام خدمة ذات البلد، والتهديد بأن الآخرين يريدون تجهيز السكين إلماحا لتوجههم بقتله إن لم تستجب بلده للمطالب.
ما دمنا ننتمي لبلد واحد وننتمي لدين واحد فهنالك أصول شرعية معتبرة لا أظن من قام بهذا العمل قد أخذها بعين الاعتبار وهو يقوم بعملية الاختطاف، ولا أظنه سيجد في النصوص الفقهية والتخريجات النوازلية والمقاصدية ولا حتى في باب الحيل وجواز التدرع بسكان البلد ما يجيز فعله من الناحية الشرعية.
إن الاحتماء خلف قناع "روبن هود" وتبرير العمل الإجرامي بخدمة من يتصور الطرف الآخر أنهم مظلومون ليس إلا مقابلة السوء (حسب وجهة نظرهم) بالسوء بحيث تكون النتيجة الوحيدة المضمونة هي زيادة عدد الضحايا، فإن كان المعتقلون مظلومين كما يرى الشدوخي واهما، فهم قد أوقعوا أنفسهم فيما يعترضون عليه بل ويعدون أنفسهم لما هو أسوأ منه إن قاموا بقتل الدبلوماسي الخالدي، وبالتالي فإنهم يدحضون حجتهم بأيديهم ويخسرون قضيتهم سواء كانت قضية عادلة أو غير عادلة، مع الجزم بأنها غير عادلة.
تغريدة: من الذكاء أن تتعامل مع الآخرين على أنك أقلهم ذكاء! استمع ولو كانت المعلومة لديك فلعلها تصلك بمفهوم جديد.
http://arabic-media.com/newspapers/saudi/alwatan.htm
__________________
[IMG]file:///C:/Users/dell/Downloads/562735_452337594800990_1195827186_n.jpg[/IMG]
عبدالله البلعسي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس