في أفغانستان أنضم الفتى طارق الفضلي إلى جماعة الزعيم الأفغاني "قلب الدين حكمتيار" وجاهد تحت قيادته، وفي عام 1987م أصيب من خلال انفجار لغم وعاد إلى السعودية لتلقي العلاج.
العودة إلى اليمن
بعد شفائه عام 1989م ترك السعودية واتجه إلى اليمن، حيث يقول: وفي عام 1989م عدت إلى الوطن، وكانت هناك حملة كبيرة تشن على الشيوعية في عدن وتعبئة محمومة في صنعاء ضد الشيوعيين ودخلت زنجبار عام 1990م، وكانت هذه السنة نقله جديدة في تاريخي، إذ انقطعت علاقتي بكل الذي يحدث في أفغانستان، وأشار إليّ والدي بان أتزوج من المراقشة وفعلت ذلك، وكنت أعيش مرتحلاً من مكان إلى آخر لمدة عام، حيث طالبت بإعادة ولو منزل من منازلنا ولكن للأسف إخواننا في الحزب الاشتراكي عارضوا . وهكذا فقد عشت مشرداً خارج وطني والآن أعيش مشرداً داخل وطني، فذهبت إلى بلاد المراقشة وعشت بها في خيمة أنا وزوجتي وهناك فقدت ابناً لي بسبب عدم توفر الإمكانيات والحمد لله على كل شيء".
الحزب الاشتراكي
في تلك الفترة وبينما كان الغيظ والغضب قد بلغ أشده بنفس الشيخ طارق الفضلي من الحزب الاشتراكي اليمني، تم تأسيس معسكر لمناهضة الاشتراكي في الجنوب، وأثناء ذلك وفي أبين كانت علاقاته بالقيادات الحزبية "الاشتراكي والمؤتمر" تتسم بطابع الحفاظ على الأنفس وبعدم الانجرار إلى أي فتنة تمس المنطقة، ويقول عن ذلك "كنت التقي مع مجموعة من الأطراف من القوى السياسية منهم د. السعدي مسئول الحزب الاشتراكي في أبين، ومحمد علي سالم الشدادي مسئول المؤتمر وآخرين نتعهد بأن كل منا يحافظ على الآخر لأننا أبناء منطقة واحدة"..
في عام 1992م تم تبديل الدكتور السعدي المسئول الحزبي للاشتراكي في أبين بقيادي آخر، ونظراً لهذا التغيير جرى العمل على استهداف المسئول الحزبي الجديد والذي تزامن مع عملية عدن ضد التواجد الأمريكي، ويشير الفضلي إلى نتائج تلك العمليات بقوله "نتيجة لتلك الأحداث قامت السلطة بمحاصرتي في الجبل واتهامي بها وتم التحقيق معي وعن علاقتي بأحداث عدن وأبين فأخبرتهم بأنكم قد قمتم بالقبض على الذين نفذوا تلك العمليات وليس لي علاقة بهم فانتهى الحصار من قبل السلطة".
الرحلة إلى السجن
عن توقيف الشيخ طارق بعد عمليتي عدن وأبين ومقابلته للرئيس علي عبدالله صالح ورحلة السجون يروي قائلاً : في يناير1993م تم نقلي إلى صنعاء وقابلت في يومها الرئيس، وقد تحدث إليّ بأنه لا يهمه سوى وحدة الوطن، وأبلغته بأننا حين رحلنا من الجنوب لم نقم ببيع ذرة من تراب أراضينا وبأننا نريد وطننا وأنا صاحب حق في هذا الوطن.. ثم بعد ذلك تم تحويلنا إلى النيابة، وذات يوم وجدت الأخ حسين علي هيثم والذي قدمني للأخ علي محسن الأحمر الذي بدوره أخذني بسيارته إلى السجن وتم التحقيق معي لمدة أربعة أشهر كاملة، ومدة السجن سنة ونصف، وكنت أعطيهم التفاصيل بكل صراحة وصدق وقد منع عني الزيارة من أقاربي أو أصدقائي واستمر ذلك طيلة الأربعة الشهور الأولى"..
حرب 1994م
حكايات الشيخ طارق عن علاقته بحرب 1994م مثيرة وكثيرة ولكن دعونا نسمع منه كيف شارك في تلك الحرب ولماذا، حيث قال: بعد مضي سنه وأربعة شهور في السجن وفي ليلة الهجوم على لواء باصهيب في ذمار والهجوم على مكيراس، قرابة الفجر أتاني قياديين من الشمال، وقالوا لي ما لذي تحتاجه؟ ستذهب لتحارب ضد الانفصاليين، قلت لهم: لا أحتاج شيء، فقاموا بإطلاق سراحي وخرجت من السجن، وذهبت أبحث وأفتش عن منزل أبي في صنعاء، وقد كان الوضع آنذاك وضع حرب، وسألت عن سكن والدي في صنعاء فعرفتُ أنه في الأصبحي، وصلت إليه وحين دخلت وجلست برهة تم قصف صنعاء آنذاك من طيران عدن، وقد كان ذلك قرب أذان الفجر، وسبحان الله قال والدي: ما أشبه الليلة بالبارحة، يوم خرجت إلى الدنيا يا طارق قصف القوميين بيتنا، ويوم خرجت من السجن ودخلت البيت تقصف الآن صنعاء..!!
فاستأذنته وقلت له: سأعود إلى أبين، فأذن لي وذهبت محاولاً الدخول عبر مكيراس وتمكنت من الدخول إلى أبين، ومن ثم قمت بالمشاركة في الدفاع عن الوحدة، وأثناء دخولي عدن في دار المناصر تعرضتُ للإصابة من قذيفة (آر بي جي) وتم نقلي إلى مستشفى الأمومة في أبين لإجراء الإسعافات الأولية، ومن ثم إلى لودر وهناك تم نقلي بطائرة عمودية إلى صنعاء، ثم إلى الأردن لتلقي العلاج ومكثت إلى ما بعد حرب 1994م، ثم عدت إلى اليمن مرة أخرى"..
مكتب شئون القبائل
يروي طارق الفضلي قائلاً "عدتُ إلى اليمن بعد سقوط عدن والتقيت في أبين بالمحافظ حينها المرحوم علي شيخ عمر وسلمت عليه وسألني: إلى أين؟ قلت: إلى الجبل، قال لم لا تسكن هنا، هذا بيت أمام سكرتارية المحافظة لا أحد يسكن فيه، فقبلت وسكنت فيه لأنه يُعد أحد الأصول التابعة لأسرتي.
وكان يمر من أمامي أطقم الجيش عند الجولة ويقومون بإطلاق النار كل ليلة مؤكدين فرحتهم بالنصر، ومن ثم زارني ذات يوم عمي ناصر منصور ودعاني لإنشاء مكتب شؤون القبائل وقال لي: نريدك تكون مسئول عليه، قلت له: أنا فرحان بأرضي ولم أعد أريد شيء، قال إلا والا إلا، لأن الرئيس قد وقع عليك، فقبلت بتلك المهمة وقمنا بإنشاء مكتب شؤون القبائل"..
اللقاء الثاني بالرئيس
حتى منتصف التسعينيات مازال الشيخ طارق الفضلي يبحث عن ذاته التي أضناها الرحيل تلو الرحيل، وأدرك أن الأعمال العظيمة للأفراد تكمن في مساهماتهم التي تعود بالنفع على الوطن، ولن يتأتى له ذلك إلا من خلال العمل السياسي باحتراف ولكن كيف ذلك؟
في فبراير من عام 1995م التقى الشيخ طارق بالرئيس علي عبدالله صالح في صنعاء ، وندعه يروي ذلك بنفسه: "في فبراير التقيت بالرئيس في صنعاء وجلس معي وقال نريدك معنا وسأعطيك عضو في مجلس الشورى وقيادي في المؤتمر، وسمع بذلك الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر واستدعاني وطلبني أن أكون معهم، فرفضت عرض الشيخ الأحمر لأني مختلف مع الإصلاح فكريا (!!)، والتحقت بالمؤتمر وقد كان موقفي وعلاقتي مع المؤتمر عن طريق عبدربه منصور هادي نائب الرئيس، وفي السنة الأولى كنت متحمس من حيث انخراطي في المؤتمر وكنت أحرص على قراءة "الميثاق" برنامج المؤتمر الشعبي العام كثيراً"..
اكتشف طارق الفضلي أن حزب المؤتمر الشعبي العام ما هو إلا الرئيس علي عبدالله صالح فقط، وأن كل المنضوين فيه مجرد أرقام ليس إلا، وأبت نفسه أن يكون مجرد رقم ليس له من الأمر شيء، ويتحدث عن ذلك قائلاً : بالنسبة للقرارات لم يكن لأحد المشاركة في القرارات، كان من في المنصة يقرأ ويتلو ويجاوب البركاني، وتتحدث الباشا عن النساء، فوجدتُ الأمور جميعها مزايدات وضحك على الذقون، ولهذا شعرت بعدم جدوى أي عمل أقوم به من خلال المؤتمر، وكنت اعتبر همي الكبير في التركيز على مسكني ومدينتي وأرضي لأني أشعر بأن الوطن مسؤولية الجميع، وآخرين هم يتحملوها وليس بالضرورة طارق الفضلي، وتأكدت أنه حين يتم مناقشة أي قرار متعلق بقضايا وطنيه فقد كان يتم إقرارها من قبل الرئيس ويتلوها فقط علينا، كنا نجلس حيث تتطلب الحاجة مثل انتخابات أو تنسيق.
وبالنسبة لمعاملتي في زنجبار لم أكن أتدخل في الأمور الإدارية إطلاقاً فقد كان لي مرجعية لها احترامي وتقديري الأستاذ محمد علي سالم الشدادي وكذلك بالنسبة لعدن كنت أتعامل مع عمي ناصر منصور، طبعا في العملية الانتخابية استخدمت السلطة كل إمكانياتها والتي تلعب دوراً كبيراً في الصناديق المرجحة وهي التي نسميها صناديق (الجن)".
بعدها أنظم إلى الحراك الجنوبي ورفع العلم الأمريكي على منزله، وتمنى عودة الاستعمار البريطاني، وتعهد بعمل جدار عازل بين الشمال والجنوب كما فعلت إسرائيل بينها وبين أشقاءنا في غزة، وبقية القصة معروفة للجميع..
|