تنظيم القاعدة يوسع سيطرته باليمن
استغل تنظيم القاعدة أحداث الثورة في اليمن ليوسع نفوذه وامتداده (الجزيرة) عبده عايش-صنعاء
أظهر
تنظيم القاعدة في اليمن قدرة على الاحتفاظ بالمدن والقرى التي يستولي عليها، حيث بسط سيطرته على مناطق عديدة بجنوب البلاد، وهو ما عكس توجها جديدا لدى التنظيم بإقامة دولة إسلامية يحكمها في المحافظات والمناطق التي تقع في أيدي مسلحيه.
ويرى خبراء أن التنظيم استغل حالة الصراع العسكري في صنعاء، خلال عام 2011 الذي شهد انطلاق ثورة شعبية أطاحت بالرئيس المخلوع
علي عبد الله صالح وقام بالتوسع والتمدد، وسط اتهامات للنظام السابق بتسهيل سقوط محافظة
أبين وأجزاء من محافظة شبوة في أيدي مسلحي القاعدة.
وتبدو مساحة الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة كبيرة وواسعة، وتقدر بآلاف الكيلومترات، كما يوجد وينشط في مساحة واسعة بعدة محافظات جنوب وشمال اليمن من خلال أذرعه الناشطة وخلاياه النائمة.
ويقّسم الباحث المتخصص بشؤون القاعدة سعيد عبيد الجمحي، في حديث للجزيرة نت، المناطق التي يوجد بها تنظيم القاعدة في اليمن إلى قسمين، الأول ويشمل مراكز الثقل التي يبسط السيطرة عليها بشكل شبه كامل، وهي محافظة أبين التي تبلغ مساحتها 16.943 كلم، إلى جانب أجزاء واسعة من محافظة شبوة النفطية والبالغ مساحتها 42.584 كلم.
وقال الجمحي إنه بسقوط مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين بأيدي مسلحي القاعدة في مايو/ أيار 2011، بدأ التنظيم مرحلة جديدة بإعلانه أول إمارة إسلامية فيها، مؤكدا سيطرته الكاملة على المحافظة، والقيام بممارسة مهام الدولة وتطبيق قوانينه عبر مرافق الدولة من محاكم ومراكز شرطة وغيرها.
وتعد شبوة المحافظة الثانية التي يبسط عناصر القاعدة سيطرتهم على أجزاء كبيرة منها، خاصة بعد إعلانه إمارة عزّان بها، وهي الإمارة الثالثة بعد إمارة زنجبار وإمارة وقار في أبين، ويتمتع التنظيم بحضور قوي في شبوة، ويتحرك بحرية كاملة، في ظل غياب أجهزة الأمن عن المناطق التي يسيطر عليها.
وفي شبوة أيضا يتحصّن أبرز قيادات القاعدة، وفيها لقي الشيخ
أنور العولقي أشهر منظري التنظيم مصرعه يوم 30 سبتمبر/ أيلول 2011 بقصف طائرة أميركية بدون طيار.
الجمحي استبعد سيطرة القاعدة على عدن لأسباب ديمغرافية (الجزيرة نت)
أذرع وخلايا
أما القسم الثاني من محافظات جنوب اليمن فتوجد بها القاعدة عبر أذرع وخلايا تنشط بين فترة وأخرى، حيث يوجه ضربات موجعة لأجهزة الأمن والمخابرات والجيش، ويقوم بتنفيذ عمليات اغتيال لضباط وشخصيات حكومية، كما تقوم أذرع التنظيم القوية ببسط السيطرة على أجزاء من تلك المحافظات، ومنها ينطلق في هجمات أشبه بـ"الغزوات" إلى مناطق مجاورة.
وتعد محافظة عدن التي تبلغ مساحتها 750 كلم مثالا على ذراع القاعدة التي توجد في المناطق الأكثر شعبية وخصوصا حي القلوعة، ومنها تمتد ذراعه القوية لشن هجمات على مناطق حساسة كاستهداف سجن المنصورة، والهجوم على معسكر بدر، وعلى مقر جهاز المخابرات.
وتأتي محافظة لحج، ومساحتها 12.648 كلم، ضمن المناطق التي يحاول تنظيم القاعدة التوسع فيها، خاصة وأنها متصلة بمحافظتي عدن وأبين، ومنها يتجه إلى محافظة الضالع، ومساحتها نحو
5000 كلم.
وفي حضرموت الغنية بالنفط، وهي أكبر محافظات اليمن، ومساحتها 193.032 كلم، يبدو تنظيم القاعدة ضعيفا، ورغم ذلك نفذ التنظيم عمليات كبيرة في المحافظة، أبرزها تفجير ناقلة النفط ليمبرغ في بحر العرب، في أكتوبر/ تشرين الأول 2002.
وباتجاه الشمال تعد محافظة مأرب الأقدم التي يوجد فيها تنظيم القاعدة، وفيها استهدف رجل التنظيم الأول -حينها- أبو علي الحارثي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2000 بصاروخ من طائرة أميركية بدون طيار حيث لقي مصرعه.
بينما برزت محافظة البيضاء في يناير/ كانون الثاني 2012، خلال سيطرة مجموعة من القاعدة على مدينة رداع، وأعلن قائد المجموعة طارق الذهب المدينة إمارة إسلامية، لكن محاولته باءت بالفشل بعد تدخل رجال القبائل الذين أقنعوه بالخروج منها، وأعقب ذلك مقتل الذهب في خلاف مع أشقائه يوم 16 فبراير/ شباط الماضي.
ويعتقد خبراء أن القاعدة توجد بأغلب مناطق اليمن، ويؤكد ذلك تقرير أصدرته اللجنة العسكرية يوم 8 مارس/ آذار الماضي أشارت فيه إلى وجود خلايا لتنظيم القاعدة في جميع محافظات اليمن، واعتبرت أن ذلك يهدد أمن واستقرار البلد ويشكل خطرا على مصالحه العليا.
ومن خلال سيطرة القاعدة على أبين وأجزاء واسعة من شبوة، بات الخط الساحلي بين عدن وحضرموت مقطوعا، وهو ما يعكس حجم المساحة الخاضعة للقاعدة، في وقت يمتد نفوذ القاعدة إلى محافظة الجوف على الحدود مع السعودية.
ويرى الخبراء بشؤون القاعدة أن التنظيم يتطلع إلى تعميم نموذج سيطرته على محافظة أبين على بقية المحافظات الأخرى، ويبدو أن عدن تمثل له هدفا إستراتيجيا.
ويقول الباحث الجمحي إنه إذا تمكن تنظيم القاعدة من السيطرة على مدينة عدن، فإن المحافظات الجنوبية كلها تكون قد سقطت بيده، غير أنه استبعد ذلك، لأسباب ديمغرافية، فمن ناحية يغيب الوجود القبلي في عدن، كما أن سكانها مدنيون ولا يقبلون بالأفكار "المتشددة" ويرفضون نهج العنف، إلى جانب وجود قوة عسكرية كبيرة وضاربة.
المصدر:الجزيرة