[حيد حديد]

عام مضى بالتقريب على مأساة أهلنا في أبين الخير والعطاء، وعشرة شهور على بدأ التدمير والتهجير لعاصمة المحافظة ، المدينة الضاربة بصمات أبناءها في أعماق التاريخ قديمه وحديثه، هنا نتساءل هل ما يجري في أبين هو عقاب من قبل أقزام التاريخ ؟؟ في كل فترة من فترات التاريخ يظهر الصوت والفعل المتفرّد لأبناء أبين ، لا أقولها تعصباً ولا استنقاصاً للآخرين بل نعترف بالأدوار التي أبرزها التاريخ القديم والحديث لكثير من أبناء المدن والمناطق في عموم الجنوب ، لكنني هنا أتحدث عن مأساة جرى صنعها بإحكام وتم تحديد موقع التنفيذ لها وكانت أبين الخير والعطاء وبالتحديد مدن وقرى دلتا أبين وحسان هو الموقع المختار وتشابكت التحليلات بشأن اختيار أبين من يقول أنه انتقام من أبين اليوم على فعل أبين الأمس ، ومن يقول أن موقع أبين بوابة عدن الشرقية كان خياراً مناسباً أجمعت عليه أطراف اللعبة ( التسلية بالنسبة لهم ) الكارثة على أهلنا – ولأن حياة الإنسان لا قيمة لها أمام مصالح الكبار وأعوانهم المحليين .. مصيبتنا أننا لازلنا نعتقد أننا نعيش في ظل دولة ... معفين أنفسنا من إمعان النظر والتبصّر في ما حولنا ، لا ننكر وجو د وطنيين في موقع القرار على رأسهم الأخ رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي ... لكن موقع القرار بحاجة إلى قوة لتنفيذ وحماية القرار ... فهل يملك الرئيس هذه القوة المنفّذة والحامية لقراره ؟؟ أجزم أنه لا يملكها وأنه لم يورث دولة ، بل ورث دويلات متعددة داخل ما يسمى دولة – هذه الدويلات أو ما تسمى مراكز القوى لن تسمح بما يهدد نفوذها ووجودها ولديها من القوة ما يحميها ... إذن أين الدولة ؟؟ لقد عملت هذه القوى على خلق بؤر توتر في عموم الوطن وبالشراكة والتواطؤ مع الاستخبارات الدولية وهي تعمل خارج مصالح الأمة وسيادة الوطن .. وعندما بدأ شباب الجنوب حراكهم السلمي وحددوا خيارهم بالانفكاك عن عصابات صنعاء تم توجيه الجهد إلى إسقاط الجنوب بيد قوة ثالثة موجّهة .. وفي هذا التقت مصالح وخطط أطراف متعددة محلية وإقليمية ودولية .
وحدث الدمار لأبين بموافقة كل الأطراف – فمن يموتون ليس أهلهم ومن يتشردون ويسكنون في المدارس بمئات الأسر يتزاحمون على الماء والحمام شيوخ وأطفال معاناتهم لا تعني أحد وبقاءهم على هذا الحال لا يهز ضمير أحد .. ويتسابق الصقور على تسوية مدن أبين بالأرض – زنجبار ، الكود ، المسيمير وغيرها في دلتا أبين .
يا أهلنا لقد اتفق المتنفّذون المحليون والإقليميون والدوليون علينا ، ومسألة انتظار الفرج من أبطال هذه الجريمة أمر غير وارد ... لقد كان تفرّقنا مصدر إذلالنا ويخطئ من يعتقد أنه يستطيع بمفرده فرض معادلة جديدة (قبيلة ، منطقة ، مدينة .. الخ )، إذا كانت منطقتنا ساحة لصراع محلي إقليمي ، دولي اتفق الجميع علينا ونحن حتى أثناء هذه المأساة لم نقبل بالتنسيق والعمل المشترك مع بعضنا البعض لا في منطقة دلتا أبين ولا على مستوى المحافظة أبين وكل واحد لا يقبل الشراكة في عمل لا يكون زعيم له . من يريد الزعامة عليه أن يتصدر معركة تحرير أبين (سلماً أو حرباً) قولاً وفعلاً ويثبت لنا بخطوات جادة وملموسة انه على استعداد أن يموت من أجل إنهاء مأساة أهلنا في أبين ، ولأننا لم ننجح إلا في خلق الشكوك فيما بيننا فقد نتّهم من يتصدر هذا الفعل بأن ما يفعله إنما يقصد من وراءه الارتزاق واستثمار معاناة أهلنا .. لأننا لم نتخلص بعد من ثقافة الشك التي شابت علاقاتنا وطبقتاها بمهنية عالية فيما بيننا .. وقبل أن نتخلص من هذه الآفة سنظل لا حول لنا ولا قوة وقد نقبل يوماً بما قبله الزرانيق من عساكر الأمام ، فنحن لسنا أفضل منهم قبل تمزيقهم وإذلالهم .
لا شك أننا لم نصل بعد إلى مستوى التحدي الذي يواجهنا ، نتصارع على زعامة ونحن وأهلنا مهجّرين مطرودين من مدننا ومزارعنا وبقية مصالحنا .. لم نستطع أن نحدد أولويات عملنا ، بل يتحاشى الكثيرون منا الحديث عن ضرورة وقف الحرب العبثية في أبين التي سيمر عام على نشوبها دون ظهور منتصر ومهزوم .. حرب 94م لم تستمر أكثر من شهرين وجانبيها يمتلكان الطائرة والصاروخ والدبابة والمدفع من أحداث الأنواع .. إنها مقارنة تظهر سر المعركة الجديدة ... إنها معركة كسر شوكت الجنوب (أبين – شبوه – ردفان - الضالع) وإمعاناً في التشفي يتفقون على رئيس من أبين لا يمكّنوه من تحرير أبين ، ومن أبين نقول للأخ الرئيس ياريت تختصر الوقت وتعمل على توحيد أبناء أبين وبقية مناطق ( شوكة الجنوب) ليس شرطاً أن يتم العمل بإشرافكم ولكن تستطيعون تحديد آلية مناسبة تؤدي هذا الدور يقودها عناصر لهم وزن وسمعة جيدة بين قبائل ومدن المناطق أعلاه المعروفون بالأكثر إقداماً وجرأة وشجاعة ، وفوق هذا وذاك فهم يعيشون مرارة محاولة إذلالهم والنار ما تحرقن إلا رجل واطيها ، ويرون فيكم الأمل على إنهاء مأساة أبين وشبوه ذلك أنكم أحد أبناءها ورموزها الذي نعوّل على موقفه من مأساتنا ... مثل هذا الأمر إن حدث سيفرض معادلة جديدة على مراكز النفوذ التي تتسيد الساحة و تسعى إلى تحجيم نفوذكم كرئيسً للدولة .