عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-03-25, 12:08 AM   #7
عبدالله البلعسي
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2009-01-15
المشاركات: 13,875
افتراضي

يا قاتل يا مقتول (5/58)





كان نائب العميد في كلية عدن هو أبوبكر عبدالرزاق باذيب، الأخ الأصغر لوزير التربية والتعليم آنذاك، وهو رجل يشبه تلك الصناديق الخشبية السميكة التي كانت تستورد من الهند للعرسان الجدد، والتي مهما قرعت ظاهرها فلن تستطيع أن تعرف ما بداخلها، أما العميد عبدالوهاب عبدالباري الذي كان يتحرّق شوقاً لمعركة تكنس الضيق والملل، فقد كان يشبّه نائبه بالقنفذ، ويعجب لذلك السياج الشوكي الذي استعصى على كل مناوراته واستفزازاته وتوقه لمعرفة ما يدور في رأس نائبه، وكان يقول لي: المشكلة أن لسانه لا ينطق وعيونه لا تكف عن التهديد، "إلاّ أطيح فيه يوم من الأيام يا قاتل يا مقتول".
وبينما كان العميد يفكر في تلك الأحجية العويصة وهو يذرع ساحة المدرسة ذهاباً وإياباً والأغنام ترافقه كأنها حرس مسؤول كبير إذا بزوبعة مفاجئة تهب على الكلية فقد توقفت أمام باب الكلية حوالي عشر سيارات (بيك أب) مكتظة بطلاب قادمين من محافظة (أبين) يطلبون تسجيلهم للدراسة والسكن الداخلي في الكلية.. هل قلت يطلبون؟ إنهم يأمرون وعيونهم تلمع بالتهديد والوعيد، فقد كان الرئيس سالم ربيع علي قد أطلق عنان هذه القوّة الكاسحة وأصبح من حقهم إلقاء القبض على أي واحد يشتبهون بأنه (ثورة مضادة) وتكوين محاكم ثورية ميدانية وإصدار أحكام وتنفيذها.. الخ.
لمعت عينا العميد بفرحٍ عجيب غريب وهو ينظر إلى نائبه القادم يحجل من مكتبه وهمس في أذني، جاك الموت يا تارك الصلاة، ثم تنحنح واتكأ على عصاه فرحب بالطلاب معلناً أن يوم المنى والسعد هو يوم التحاقهم بالكلّية… فقط… عليهم أن يكلفوا خاطرهم ويذهبوا في مشوار بسيط إلى مكتب الوزير لجلب موافقة خطية.
وفيما كان الطلبة يتأهبون كان العميد يمرق بسيارته كالسهم وأنا معه عبر طرق جانبيه وصولاً إلى مكتب الوزير حيث أبلغه أن الكليّة لا تستطيع استيعاب طالب إضافي واحد وأن مثل ذلك الأمر لو حدث فسيقدم استقالته. طمأنه الوزير مؤكداً أن ذلك لن يحصل أبداً، ولم يكن الوزير يعلم شيئاً عن زوبعة الطلاب – الثوار التي أطبقت على الوزارة بعد دقائق من خروجنا- فإلى الغد.
__________________
[IMG]file:///C:/Users/dell/Downloads/562735_452337594800990_1195827186_n.jpg[/IMG]
عبدالله البلعسي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس