عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-03-25, 12:07 AM   #6
عبدالله البلعسي
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2009-01-15
المشاركات: 13,875
افتراضي

نكد الدنيا (4/58)





هجوم العميد عبدالوهاب عبدالباري على أستاذ الجيل وصاحب أكبر مكتبة شخصية في مدينة عدن عبدالله فاضل فارع ووصفه له بأنه (عبدالله فاضي فارغ) وبأنه لو قرأ عناوين الكتب التي احتلت جميع غرف فيلته الفسيحة في منطقة (خور مكسر) على البحر لكان قد أصبح أكبر مثقف في الوطن العربي، أثار لغطاً كبيراً في الأوساط الثقافية وعلامات استفهام كبرى.
ضرب المثقفون أخماساً في أسداس واستخدموا جميع مناهج التأويل والتحليل لمعرفة دوافع وأهداف هذا الهجوم الصاعق غير المتوقع، ذلك أن عبدالله فاضل ليس بالطير الذي يؤكل لحمه، بقامته القصيرة العريضة المكتنزة كأنه (صخرة الوادي) التي تتحطم فوقها أقوى السيول، كما أنه صاحب مكانة اجتماعية مرموقة حتى أن الرئيس سالم ربيع علي كان يزوره في منزله ويستشيره في الكثير من الأمور.

وقبل ذلك وبعده، فما عرف عن عبدالله فاضل تهيبه لمعركة، فهو السباق دائماً بإذكاء نيران المعارك بلسانٍ قطّاع وجنان ثابت ورغبة أكيدة في النزال والعراك تصل إلى حد التولّه والاستهانة بالخطر، وإذا كان العميد يحاول خدش الصخر بأظافره فإن عبدالله فاضل يحفر الحفرة العميقة لا يرى لها قرار.

إذا هل هناك جهة وراء العميد، فقد كنا في زمن لا يعرف مقتول من قتله، ولماذا قتله، سألت عبدالوهاب عبدالباري بحكم العلاقة الحميمة التي أصبحت تربطني به فأجاب: هل تصدق بالله أنني أكن لهذا الرجل كل الإعجاب وأعرف مكانته العلمية والثقافية وليس بيني وبينه شيء، ولكنني مررت بحالة من الغضب الحارق والسخط الماحق على نفسي وعلى كل من حولي فرغبت في أن أنشب أظافري في أي رقبة سمينة واستعرضت أسماء كثيرة فلم أجدها في مقامي.. تستطيع أن تقول أنني عبّرت عن الحب بطريقة معكوسة.

حين رويت هذا الحوار في مجلس عبدالله فاضل الذي يؤمه جمع كبير من المثقفين كنت كمن دلق برميل ماء بارد على نارٍ مشتعله، فقد تنفس الجميع الصعداء وإن كان بعضهم قد عاتبني لاحقاً لأنهم كانوا يتشوقون إلى معركة حامية (تكسر هذا الملل، وتكنس هذا السأم).

أما عبدالله فاضل فابتسم وهو يردد: ومن نكد الدنيا،.. وهكذا أنجزت مصالحة تاريخية ثانية بعد المصالحة مع الشاعر الفخري.

لقد هدأ العميد يوماً أو يمين، ثم قرر في لحظة تجلّي أن يشنّ هجوماً كاسحاً على أكبر رأس في وزارة التربية والتعليم، فإلى الغد.
__________________
[IMG]file:///C:/Users/dell/Downloads/562735_452337594800990_1195827186_n.jpg[/IMG]
عبدالله البلعسي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس