عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-03-03, 03:27 PM   #10
عبدالله البلعسي
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2009-01-15
المشاركات: 13,875
افتراضي


اختطاف الثـــورة اليمنيـة



سكينة المشيخص بدأت الحالة اليمنية تحقق تقدّمًا في عبور مرحلة الثورة واقتلاع النظام السابق، غير أن النتائج التي أفرزتها تلك الثورة ليست كلها إيجابية، على الأقل في المرحلة الحالية والمدى القصير، وذلك يبقي اليمن في حالة الغليان التي تنتجها الثورات عقب تحقيق أهدافها الرئيسية، فإزاحة النظام الحاكم لا تعادل كل أهداف الثورات، ووصول الحالة السياسية الى مرحلة التعادل بين أهداف وطموحات القواعد الجماهيرية يتطلب جهدًا أكبر من الحالة الثورية، لأن الثورة غالبًا قابلة للاختطاف وقد لا تحصد الجماهير من نتائجها إلا إزالة نظام الحُكم رغم الثمن الباهظ الذي تدفعه.

أخطر المراحل الثورية بالنسبة لليمن لم تأت بعد، فتنظيم القاعدة يتحرّك لبناء دولة موازية تعلو سلطويًا على خيارات الجماهير التي صنعت الثورة، كما أنه دون التخلص من مرارات حكم الرئيس السابق والأحقاد التي نتجت عن تعامله مع الثورة لا يمكن أن يتوازن الداخل اليمني، فالعملية السياسية لا تخضع للعواطف ولا تتعامل بها؛ لأن لغتها موضوعية للغاية، ولذلك فإن محاكمة الرئيس غير ذات جدوى ويكفي رحيله قبل أن تتدمّر البلاد وتتوقف عجلة الحياة بها ببقاء الثوار في الميادين لشهور عديدة ولذلك ثمنه التنموي الباهظ، وتنازل الرئيس عن السلطة مسألة إيجابية تحقق أهداف الثوار وتطلعهم للتخلص من النظام الذي تحقق في نهاية المطاف، ولذلك فإن الإصرار على محاكمة الرئيس يبقى مسألة عاطفية أكثر منها سياسية.

لست مع صالح، ولكن مع حق الجماهير اليمنية في تحقيق ما تريد وتطمح إليه، ولكن الحصاد الثوري سيذهب مع الريح إذا استمرت المظاهرات والبقاء في الشارع؛ لأن في ذلك تعطيلًا لدولاب الحياة العامة التي تبدأ مرحلة بناء جديدة ينبغي أن يختفي فيها الصراع والالتفات لبناء يمن أكثر سعدًا وتصالحًا بين مكوناته، فالثورة لم تكن يومًا غاية في حد ذاتها وإنما وسيلة لحياة سياسية أكثر اتساعًا للآراء والممارسة النزيهة، دون إفراط أو تفريط، وبدون ذلك فإن قابلية الثورة للاختطاف تبدو الاحتمال الأقرب الذي يلهي عن البناء وتجاوز مرحلة النظام السابق وما أحدثه من تغييرات لا ترقى لتطلعات الشعب اليمني دون أن ننكر الإيجابيات التي أحدثها، فالموضوعية تتطلب ذكرها.

مهدّدات ثورة اليمن تكمن في الداخل، حيث كثير من الأضداد السياسية والمكوّنات التي لا تلتقي على فكرة واحدة، ولعل تنظيم القاعدة أكثر المخاطر التي تتربص بالثورة وحصادها، ذلك ما ينبغي على اليمنيين التركيز للتخلص منه أكثر من حصانة الرئيس السابق ومحاكمته، فالثورة مطالبة بتحديد الأولويات المقبلة وترتيبها بصورة منطقية تدعم الوضع السياسي الجديد والرئيس الذي تمّ انتخابه، فهو لن ينجح دون سندٍ جماهيري، وفشله سيكون محسوبًا على فشل الثورة في تحقيق أهدافها، فالفوضى ليست خيارًا بديلًا لنظام صالح، وليس هناك من يمني يرغب في الشيطان كبديل للنظام السابق، الذي مهما زهد فيه الشعب وضاق بفساده وسوء إدارته لشؤون الدولة، فلن يكون ذلك أفضل من حالة الالتباس وضيق الخيارات وفتح مساحات من الحِراك لتنظيم القاعدة الذي يشارك الجماهير حصادها الثوري دون مجهود، فهل يقبل اليمنيون ببيع ثورتهم لتنظيمٍ أقل صفاته الإرهاب؟!

http://arabic-media.com/newspapers/saudi/alarabiya.htm
__________________
[IMG]file:///C:/Users/dell/Downloads/562735_452337594800990_1195827186_n.jpg[/IMG]

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله البلعسي ; 2012-03-03 الساعة 03:30 PM
عبدالله البلعسي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس