الرئيس الحادي عشر لليمن
علي ناجي الرعوي
في الواحد والعشرين من فبراير الجاري ينتخب أبناء الشعب اليمني رئيساً جديداً يحتل الرقم الحادي عشر في قائمة الزعماء الذين حكموا اليمن شمالاً وجنوباً منذ بداية عقد الستينات من القرن الماضي وهو ثاني رئيس يحكم اليمن الموحد بعد الرئيس علي عبدالله صالح الذي كان له شرف التوقيع مع علي سالم البيض الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني على اتفاقية إعادة وحدة اليمن ورفع علم الجمهورية الموحدة في الثاني والعشرين من مايو عام ١٩٩٠م.
ومما لا يختلف عليه اثنان أن عبدربه منصور هادي الذي توافقت القوى السياسية اليمنية على انتخابه لقيادة المرحلة القادمة والمحددة بعامين هو من سيعتلي كرسي الحكم في ظرف شديد التعقيد يمر به اليمن بعد الأزمة التي عصفت به وأدت إلى انقسام حاد في بنيته السياسية والاجتماعية وانه سيجد نفسه وجهاً لوجه أمام العديد من المعضلات والمشكلات التي ينبغي عليه إيجاد الحلول لها في أسرع وقت ممكن حتى يتسنى له إعادة هذا البلد إلى حظيرة الأمن والاستقرار وإخراجه من أتون الفوضى إلى واقع جديد من السلام والوئام والتعايش تحت مظلة دولة النظام والقانون.
لقد ظل التنافس على حكم اليمن إحدى حلقات الصراع التي لم تتوقف بين القوى السياسية وتيارات النفوذ القبلي ليغرق هذا البلد في مراحل عدة بالأزمات وحالة عدم الاستقرار والتي أثرت بشكل مباشر على مسارات نهوضه الاقتصادي والتنموي سواء أكان ذلك أثناء حقبة التشطير أو خلال الفترة التي أعقبت إعادة وحدته وهو المنجز التاريخي والاستثنائي الذي كان من المفترض أن يشكل أكبر عملية إصلاح سياسي واجتماعي إلا ان تلك الحالة من التنافس قد سحبت نفسها على هذا الحدث الكبير لتفضي في النهاية إلى مواجهة مسلحة في صيف ١٩٩٤م بين طرفي المعادلة.
وما من شك أن الرئيس التوافقي عبدربه منصور هادي يعي جيداً أن طريقه لن يكون مفروشاً بالورود وأن مصاعب عدة تنتظره وانه ولكي ينجح في التغلب عليها فلا بد له الوقوف على مسافة واحدة من كل الأطراف السياسية والحزبية وكسب مساندة مؤيديه قبل معارضيه.
إن عبدربه منصور هادي الذي بدا خلال الأشهر الماضية حريصاً على تجنيب اليمن ويلات الصراع والانزلاق إلى حرب أهلية ضروس قد استطاع إقناع الناس بأن القدر وان كان قد اختاره بتولي مثل هذه المهمة الجسيمة فإنه سيبقى زاهداً في التعاطي مع مغرياتها خاصة وهو من عايش تعقيدات ممارسة الحكم في اليمن لأكثر من ١٧ عاماً كنائب للرئيس علي عبدالله صالح واستوعب عن قرب دلالات المقولة التي تشبّه حكم اليمن بالرقص فوق رؤوس الثعابين.. ولذلك فإن ما يراهن عليه الرجل يتجاوز حدود ذلك الزهد الذي يحمله في داخله إلى وحدة الموقف الداخلي واستشعار كافة القوى السياسية والحزبية بأنها معنية إلى جانبه في إيجاد المعالجات للمعضلات القائمة وتأمين الانطلاقة الجديدة لليمن.. وهو ما ستظهر مؤشراته في المؤتمر الوطني للحوار الذي من المقرر أن يخرج برؤية متجانسة تحفظ لليمن وحدته وأمنه واستقراره وتماسكه الاجتماعي.. ومهما كان عبء هذه المهمة فستظل مهمة كل اليمنيين الذين وإن لم يساعدوا أنفسهم في إنجاز تحولات الحاضر والمستقبل فلا ينتظروا ان يساعدهم أحد فالله لا يساعد من لا يساعد نفسه.
http://www.alriyadh.com/2012/02/17/article710518.html