
علي هيثم الغريب أثناء إلقاء كلمته
شلال:نجدد العهد بتجاوز أسباب ونتائج صراعات الماضي
وألقى شلال على شائع كلمة في المهرجان باسم أبناء الشهداء.. قال فيها:
«اسمحوا لي بالنيابة عن زملائي العافين المتسامحين أبناء الشهداء الأبرار، وبالأصالة عن نفسي أن أؤكد لكم بأن انتماءنا إلى قيم التصالح التسامح والتضامن الجنوبي، كقيم دينية واجتماعية وإنسانية نبيلة هو انتماء إلى شعب الجنوب الذي منحه آباؤنا كل الحب، وقدموا حياتهم في سبيل حريته وعزته وكرامته، ومن منظور الظروف التاريخية التي عاشوها، فليس من بينهم من خاض صراعا من صراعات الماضي المؤسفة من أجل مصلحة خاصة، فليس منهم من بنى قصراً أو امتلك رصيداً في بنك أو اقتطع أرضاً لصالحه أو نهب المال العام ليستثمره في أوروبا مما يفعله غزاة اليوم لأرض الجنوب الحبيب، بل جميعهم عاشوا فقراء وماتوا فقراء.
لقد كانت صراعاتهم صراعات سياسية وفكرية محكومة بزمنها وظروفها الموضوعية، حيث كان كل طرف يعتقد بأن فكرته السياسية هي الأفضل، وأنها القادرة على أن تحقق إنجاز أهداف الثورة التي سقط في سبيل انتصارها الشهداء الأبرار.

م. محسن علي باصره في المهرجان امس
صراع سياسي ينتصر فيه كل طرف لحق الشعب في حياة إنسانية حرة وكريمة، حياة التقدم والنهوض من وهدة التخلف والبؤس والجهل.
إننا إذ نجدد معكم وبكم العهد بتجاوز أسباب ونتائج صراعات الماضي السياسية، بما هي تجربة سياسية بحلوها ومرها قد سقطت أسبابها وعواملها التاريخية، فغدا مكانها -لذلك- ذمة التاريخ.
والشعوب الحية لا تستجر آلام ماضيها ومآسيه، فتحولها إلى قيود لحاضرها وعائقا لمستقبلها، وإنما تتعظ من دروس وعبر الماضي، فتتجاوز ما يعيق، وتأخذ بما يخدم حاضرها وينقلها إلى المستقبل.

مواطن يداه ملطختان بالدماء بعد إنقاذه أحد الجرحى
وبما أننا بالانتصار لقيم التصالح التسامح قد عبرنا كشعب، وجسدنا كثقافة الوعي بالداء الذي أوصلنا إلى هذا الهوان، داء التمزق والفرقة، وأدركنا بعد أن قادتنا أوهام أيديولوجيا (الوحدة القومية)، من الحاضر إلى الماضي، بأن العيش بالماضي ولد كما تريد قوى حرب 94م الظالمة لشعب الجنوب، يعني أن نضع مصيرنا بيد قوى التخلف.
ولكن هيهات.. فإن عام 2008م ليس عام 1994م و(المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين).

نعال الجرحى وحولها تناثرت خراطيش الرصاص
يا من تصنعون ملاحم نضالكم السلمي الحضاري بشجاعة نادرة، واستعداد عال للتضحية بمواجهة آلة الموت وثقافة القوى الغاشمة، مواصلين العزم على صنع تاريخ ثورة جديدة، تحصنكم إرادة حرة موحدة، إرادة شعب يتسلح بشرعية وعدالة قضيته.
13 سنة أثبتت ليس فقط فشل مشروع الوحدة، وليس فقط بأن حرب 94م العدوانية كانت إعلاناً رسمياً عن فك الارتباط باتفاقيات الوحدة بين شريكي الوحدة المغدورة، وإنما كذلك عدم التزام النظام القائم بقرارات الشرعية الدولية، وعدم تنفيذ التزاماته للمجتمع الدولي يوم 7/7/94م، وبدلا من كل ذلك مارس أبشع الجرائم بحق الجنوب أرضاً وإنساناً وتاريخاً وهوية ثقافية، وهي جرائم فاقت بصورة مريعة ما فعله الاستعمار البريطاني في الجنوب طوال 129 سنة أضعافاً مضاعفة.
وكلها حقائق صارخة لهيمنة غير شرعية على الجنوب حولت الصراع إلى صراع هويات، صراع وجود ، علاقة لا تقرها شرائع السماء ولا قوانين الأرض، لقد صرنا غرباء على أرضنا، محرومين من خيراتها، وكما تعرفون من مظالم وجرائم.. ضحايا انتمائنا الجغرافي، وأوهام التاريخ الزائف.
إنهم يمارسون ضدنا ما لا يقره عرف ولا دين، 13 سنة ولا أحد استنكر ولا ندد ولا أخذته حمية العدل ليقف معنا، فإلى متى نبقى نحن ضحايا الخوف من إنجيل التكفير بجرم النضال في سبيل حقنا في حياة إنسانية حرة وكريمة؟! فأي جرم في أن نطلب ما يعيد إلينا حريتنا وكرامتنا، لا شيء يمنعنا اليوم، فإرادة الشعوب لا تنكسر، وشعب الجنوب لا خلاص له من هذا الكابوس، إلا بمواصلته نضاله السلمي مفتوح الخيارات من أجل استعادة دولته المستقلة».