3. ركاكة التهم الموجهة وضعف الأدلة :
التهم بالتخابر لصالح إيران في القضية رقم (66) لسنة 2008، النيابة الجزائية الابتدائية المتخصصة أن المتهم (الرئيس) عبدالكريم علي عبدالكريم لالجي بدأت علاقته بالسفارة الإيرانية في نهاية عام 1997 حتى تاريخ القبض عليهم في يونيه 2008 هو والمتهمين الآخرين: هاني أحمد دين حمد سكرتير مدير عام خفر السواحل –المعلا- عدن- وإسكندر عبدالله يوسف عبده متقاعد مقيم المنصورة/ م عدن عمل كضابط مشتريات في السفارة الأمريكية لبرنامج نزع الألغام في م/عدن [تتهمهم النيابة العامة أنهم خلال الفترة من عام 1997 وإلى شهر يونيه 2008 بدائرة اختصاص النيابة والمحكمة الجزائية المتخصصة تخابروا مع دول أجنبية (إيران) بالاتصال غير المشروع مع من يعملون لمصلحتها بأن سلموا لهم أخباراً ومعلومات ووثائق وصور خاصة بأسرار الدفاع والأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في البلاد مما أضر بمركز الجمهورية اليمنية الحربي والسياسي والاقتصادي... الأمر المعاقب عليه بالمادة (128) من القرار الجمهوري بالقانون رقم (12) لسنة 1994بشان الجرائم والعقوبات.] وسنبين فيما بعد أبعاد الفبركة والتلفيق في هذه القضية .
(أ) من ناحية فترة التخابر من عام 97 حتى يونيه 2008.
الصياغة الجمعية للمتهمين الثلاثة بالتخابر غير صحيحة لتلك الفترة. فإذا كان المتهم عبدالكريم ذكر بأن علاقته بالسفارة الإيرانية بصنعاء بدأت عام 1997، فأن علاقته بهاني في (خفر السواحل) بدأت مهنيا في منتصف عام 2005 عندما كان يحضر لعمل مطبوعات لخفر السواحل عند مطبعته الحظ التي تمتلكها عائلته، وبدء يسأله عن خفر السواحل في منتصف عام 2006، علماً أن قرار إنشاء خفر السواحل صدر في 7 / 1 / 2002م وعمل هاني منذ بداية تأسيسها في عام 2003 كسركتير مكتب مدير عام خفر السواحل. وبالنسبة للمتهم الآخر إسكندر بدأت علاقة عبدالكريم به في نهاية عام 2003 ومع شركة زينب للتجارة في أدوية ومعدات لبرنامج نزع الألغام التي دفعت قيمتها السفارة الأمريكية، أذن عبدالكريم وحده تنطبق عليه فترة التعامل المذكورة.
(ب) التهم الموجهة : بالنسبة لعبد الكريم لالجي خريج كلية الاقتصاد بجامعة عدن 1995، أنه تم تجنيده من قبل أحد أعضاء السفارة الإيرانية بصنعاء لتزويدهم بالمعلومات والتقارير عن الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية في المناطق الجنوبية بشكل خاص وفي اليمن بشكل عام، وكذا عن الوضع الاقتصادي في الجنوب وعن الرؤساء في الجنوب وأسباب حرب 86، ودخول الوحدة اليمنية وحرب 0094 وشخص آخر ــــ وافاه بتقارير عن الحراك الجنوبي ... هذا ما جاء وما قيل عن اعترافات عبدالكريم في قائمة أدلة الإثبات. هنا من الواضح في هذا التلفيق الإيحاء بوجود اهتمام إيراني بالجنوب والحراك الجنوبي، وهو ما سبق أن روجت له بعض صحف الموالاة الحكومية بوجود رابطة بين الحوثيين والحراك الجنوبي؟ وأن عبدالكريم تحدث مع عضو (السفارة الإيرانية) عن قضية الحوثي وسلمه تقرير في شهر أربعة 2007 عن نقل 50 دبابة من ميناء عدن إلى صعدة، ونقل جنود من معسكر العمالقة في أبين إلى الجبهة في صعدة (وبذلك أكتملت الحلقة حول علاقة الجنوب بالحوثيين وإيران) بالله كيف يمكن بالتحديد أن يتسنى لعبدالكريم إعطاء عدد الـ50 دبابة التي نقلت من ميناء عدن إلى صعدة ؟ فإذا كانت حروب صعدة وفق تقرير رئيس الأمن القومي علي الانسي المقدم إلى مجلسي النواب والشورى، حدد زمن الحرب الأولى من 20/6/2004 حتى 10/9/2004، والثانية من 19/3/05 حتى 12/4/05، والثالثة في 2006، والرابعة في يناير فبراير 2007 (صحيفة 26 سبتمبر 15/2/07) وبداية تزويد الإيرانيين بمعلومات عن خفر السواحل بتعاون هاني معه من منتصف عام 2006، وحصوله على معلومات عن الأمريكيين عبر إسكندر الذي تعرف عليه في نهاية عام 2003 عن ماذا كان يتخابر مع الإيرانيين من 97 حتى 2003، هل لمدة 6 سنوات كان يبلغهم باسماء الرؤساء الجنوبيين وأوضاع الجنوب؟ هل هذا كلام جاد أم مسخرة؟ وقيل أن عبدالكريم أعترف حسب النيابة أنه سلم الإيرانيين ((أخبار ومعلومات ووثائق وغير ذلك؟ من الأشياء الخاصة بالمصالح الحكومية وتسليمهم سراً من أسرار؟ الدفاع عن البلاد؟ لم تحدد النيابة ولم نسأله ما المقصود بالأشياء الخاصة بالمصالح الحكومية وما طبيعة السر من أسرار الدفاع التي سلمها لهم؟ هل اكتشف عبدالكريم أن اليمن تمتلك أسلحة الدمار الشامل دون معرفة بذلك؟ أم أبلغهم بمعلومات عن أسرار حصل عليها كما ذكر عبر (هاني) عن تقسيم خفر السواحل والهيكل التنظيمي وعدد الزوارق التي تملكها ومعلومات عن الدورات التدريبية التي حصل عليها وصور السفن العسكرية التي دخلت الميناء هل هذه المعلومات سرية، ألا تنشر كثيراً منها في الصحف المحلية في عدد الزوارق المهداة من الدول الأجنبية، وإمكان المارة رؤية السفن أم أنها تدخل الميناء محجبة مغطاة ؟ إذا كان سكرتير المدير العام لخفر السواحل يمتلك أسرارا خطيرة عن أسرار الدفاع اليميني اليس ذلك يعتبر من مسؤولية من وضع تلك الأسرار الخطيرة في حوزة السكرتير والا يستدعى مسائلة مديره العام عن ذلك؟ وقمة المهزلة ما يتعلق بموضوع نزع الألغام أن (إسكندر) الذي يعمل في المشروع الأمريكي لنزع الألغام سلم الإيرانيين صورة لتقرير أمريكي يتحدث عن ضربة استباقية ضد إيران، لماذا تقرير مثل هذا ترسله وزارة الخارجية الأمريكية والبنتاجون إلى السفارة الأمريكية بصنعاء وكيف تمكن ضابط مشتريات في السفارة الأمريكية لبرنامج نزع الألغام الحصول عليه، وما علاقة هذا التقرير الذي يخص العلاقات الأمريكية الإيرانية بأمن ومركز اليمن الحربي والسياسي إلا في حالة واحدة إذا كان التقرير يشير أن اليمن حلت محل إسرائيل لتتعاون مع الولايات المتحدة لتوجيه ضربة استباقية لإيران وهل يعقل أن يحدث ذلك والتقارير الأمريكية والدولية تشير إلى اليمن بالدولة الفاشلة ونظامها الفاسد القابل للانهيار؟ من الواضح حسب ما زعم من اعترافات المتهمين أن الجانب الإيراني لم يحددوا منذ البداية مجالات المعلومات والأسرار التي يريدون الحصول عليها عن اليمن بالاستعانة بعبد الكريم لالجي والدليل الآخر للفبركة الكاملة للقضية أن المتهمين الآخرين هاني (لخفر السواحل) وإسكندر (نزع الألغام) هما اللذان دخلا في علاقة مع عبد الكريم بحكم أنه من الشركاء في مطبعة (الحظ) في عدن . فالأول هاني سكرتير المدير العام كلف بعمل مطبوعات من أوراق رسمية وختومات وكروت تعريف... الخ، فتوجه إلى مطبعة (الحظ) والثاني إسكندر تعامل مع عبدالكريم وشركة زينب للتجارة في شراء أدوية ومعدات لبرنامج نزع الألغام كما أسلفنا الذكر وبمعرفة الجهات التي فبركت القضية برمتها ارتباط المتهمين الآخرين بخفر السواحل ونزع الألغام ظهرت أمامهم فرصة توليفة قصة التخابر مع إيران لان بداية القصة حبكت على اساس قيام مطبعة (الحظ) بطباعة مطبوعات للحوثيين التي يقال أن العامل المسرح من المطبعة اوشى بها لجهات أمنية بدت غير كافية يجب أن تكون التوليفة تأخذ صبغة التجسس وتوريط إيران بها، خاصة أن ملاك المطبعة من المذهب الشيعي ومن الجنوب وبذلك تضرب عدة عصافير بحجر واحد ضد أعداء المرحلة للنظام / الجنوب / والحوثيين / وربطهما بإيران .
الأمر الآخر المثير للتساؤلات أنه في ديسمبر 2004 اغتيل محمد سالم الصغير وزوجته صاحب مطبعة (الجيل الجديد) واتهمت ابنته بسمة 17 سنة بقتل والديها وصدر حكم براءتها في 4/12/2006. والآن أفراد أسرة لالجي أصحاب مطبعة (الحظ) وآخرين متهمين بالتخابر مع إيران ومطلوب أنزال عقوبة الإعدام عليهم؟ وفي الربع الأول من عام 2008 تم محاصرة منزل عائلة الناشرين (للأيام) هشام وتمام باشراحيل في صنعاء، ثم مقتل أحد الأفراد واتهام انطلاق الرصاصة القاتلة من مقر الصحيفة، وعلى ضوء ذلك أحمد المرقشي منذ مطلع عام 2008 لا يزال يقبع في السجن. هل هناك جهة نافذة في السلطة لديها حساسية ضد ملاك المطابع التي تبث الثقافة وملاك الصحف المدافعين عن حقوق المقهورين من المواطنين، أم لا توجد أية علاقة بين المواضيع الثلاثة .
الشي الأكيد أن قضية التخابر لصالح إيران مفبركة ذات طابع سياسي بحت لم تفلح النيابة بإظهار إفشاء أسرار الدفاع اليمني لإيران من قبل المتهمين ولامدى استفادة إيران من التخابر لأن أصل القضية برمتها مفبركة .