فك الإرتباط مع الدحبشة!
أسامة الشرمي
عدن الغد
نسمع في الآونة الأخيرة كثيراً مصطلح فك الارتباط ، وخصوصاً في المحافظات الجنوبية والشرقية ، مصطلح يطلقه الجميع وكأنه من معجم قوانين السياسة وأبجدياتها ، كل من يتحدث عن فك الارتباط يقصد الانفصال أو بالتحديد نقض اتفاقية الوحدة الموقعة في العام 1990م ، بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية .
وبعيداً عن اتفاقنا مع دقة هذا اللفظ في توصيف الحالة السياسية والتعبير عن مطالبها من قبل من يرددون دائماً فك الارتباط .. فك الارتباط. لماذا فك الارتباط ؟.. كل من يطلع على حيثيات القضية الجنوبية ، والأسباب المؤدية لها ، يصل إلى قناعة تامة بأن ما أوصل الجنوبيين حد المطالبة بالانفصال "فك الارتباط" ، مجموعة من الممارسات الإجرامية والعشوائية الفوضوية الخارجة عن القانون ، ممارسات لم يعتد أبناء الجنوب عليها في ظل القانون الذي كانوا ينعمون به قبل ثورة أكتوبر وما بعدها ، حتى جاء مايو90 الذي أعلنت فيه الوحدة اليمنية من عدن.
بسطاء الحراك .. كيف يفهمون فك الارتباط ؟.. في أحدى الجلسات التي جمعتني بقواعد الحراك الجنوبي ، في أحدى المحافظات النشطة في الحراك ، كان الحديث حماسي عصبي ، كناشط حقوقي أثار الطرح لدي الاشمئزاز ، بالقدر الذي أثار الحماسة لدى البسطاء الذين كانوا يستمعون له ، هجوم شمل أبناء الشمال جملة وتفصيلا ، أكلهم ، شربهم ، لونهم وجنسهم ، رجالهم ، نساءهم ، أطفالهم وحتى لبسهم ، البصل ، البطاطس ، القات ، والفل الذي يزرع في الشمال ، حتى اسطوانات الغاز المتداولة في المحافظات الشمالية تم انتقادها .
وكل تلك الأمور المنتقدة كانت مضاف ، والمضاف إليه لفظ دحباشي كل ما تداوله بسطاء الحراك ، لا يحمل حجة واقعية ، وتسقط كل تلك الأسانيد في أي حوار يعتمد على أدنى معايير الموضوعية ، هذا ما جعل الجنوبيين فاشلين في توصيل وتوصيف حقيقة قضيتهم للعالم وللمعارضين لهم حتى داخل الجنوب ، كل ما يتم تداوله يسيء للقضية والهدف والحقوق المطالب بها ، الدحبشة ممارسات قد أبدع الكوميديان "آدم سيف" في تجسيدها من خلال مسلسله المعروف (يوميات دحباش) ، ألا تعد العنصرية والفوضى والعصبية المناطقية وازدراء الآخر "الشعوب" والممارسات الخارجة عن القانون كلها من باب الدحبشة كما يستعرضها "آدم سيف".
فك الارتباط إن لم يكن للتخلص من الدحبشة ، فلا جدوى من بلوغه ، هل لازالت الدحبشة حكراً على منطقة جغرافية معينة من يمن 1990م ، أم أنها تسربت إلى الجنوب ومؤسساته وممارسات المجتمع في الجنوب كما هي في الشرق والغرب والشمال ، ولا أقول دون أن نعلم ، جميعنا يعرف هذا وحذر منه ، أوليس فك الارتباط بالدحبشة أجدر من فك الارتباط بالشمال ، أولم يكن الأجدى بالجنوبيين أن يطّعموا ثورتهم السياسية بثورة أخلاقية ثقافية ، إن لم تثمر ثقافة اقتلاع الدحبشة ، فيا أبناء الجنوب تضحياتنا ونضالاتنا ستذهب مع الرياح سواءً تحقق الهدف السياسي أو لم يتحقق ، والعكس صحيحاً أيضاً..
|