تجاوزت أعدادهم المائة ألف
نازحو أبين.. تقاسم المأساة مع تلاميذ مدارس عدن
الجمعة 06 يناير-كانون الثاني 2012 الساعة 11 صباحاً تقرير - نبيل اليوسفي
عيشة ابنة عنتر قطعت مسافات طويلة هاربة من الحرب في أبين لتضع مولودها في مدرسة الفجر الجديد في محافظة عدن.. في بيئة لا تتوافر فيها أدنى المقومات الصحية، كما لا يتوافر الطعام الكافي الذي يعيد إلى عيشة عافيتها بعد آلام الولادة القاسية.. زوجها قتل أثناء فراره من المواجهات الدامية في زنجبار، فتحمّل والدها عنتر تلك المعاناة ليتكفل أولادها وأولاده في المخيم.
هذا وجه المأساة التي تحترق بها محافظة أبين منذ شهور بسبب الحرب الشرسة بين عناصر تنظيم القاعدة والجيش، وقد خسر الطرفان خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، لكن خسارة المواطنين في تلك المحافظة هي الأكثر، فغالبية الأسر تركت وراءها منازلها وممتلكاتها وفرت نازحة صوب مدارس محافظة عدن، كما فقدت الكثير من أقاربها في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
وضع النازحين في محافظة عدن يزداد كل يوم مأساوية, والمجلس المحلي في تلك المحافظة لا يوزع المساعدات بالشكل المطلوب, كما يقول أحد النازحين، ويتزاحم الكثيرون من النازحين للحصول على القليل من الطعام الذي يضمن لهم استمرار القليل من الحياة، فيما يتساءل الكثير من النازحين عن موعد العودة إلى مساكنهم التي سويت معظمها بالتراب، لكن القتال يزداد ضراوة وعداد الموت يعمل بسرعة هائلة، ولا أمل في عودة النازح عبدالرحمن وعائلته إلى منزلهم والسوق الذي كان يشتري منه كل احتياجاته ولا إلى موقع عمله الذي أضحى خراباً،محمد علي مسئول المخيم وهو أحد أبناء محافظة أبين أكد أن الإنسانية فقدت، فعملية إحصاء النازحين لم تتم بالشكل الصحيح، وكثير من الأسر النازحة لم يتم تسجيلها، فاضطرت ان تقتات فتات الأسر التي تم تسجيلها إلى أجل غير مسمى، ويؤكد في سياق حديثه انه لا يوجد هناك استشعار للمأساة، فأعداد النازحين قد تجاوزت المائة ألف قبل بضعة أشهر، والقتال الوحشي مازال يصدر الكثير من النازحين.
إحدى النساء العجائز ذات اللكنة البدوية تحدثت عن مأساة حزنها قائلة: «والله يا بوي دخلوا عندنا شباب يحدثونا قال الله قال رسوله، وبعدها ما درينا إلا الرصاص من كل جانب، وأصبح أولئك المحدثون مقاتلين، وهربنا بحيواناتنا وأمراضنا، جاري يحطنا وجاري يشلنا، وماتت علينا البوش “الغنم الظان” ولا ندري من هم اللي يقتلونا.. الجيش او عناصر القاعدة.. وبين الرصاص والموت وصلنا إلى هنا إلى هذه المدرسة ما نملك شيء، وكل شيء احترق علينا، وهذا قدرنا ذي يكتب الله له العمر يعيش، والذي يكتب له الموت يموت، وان شاء الله ربنا يعيدنا إلى ديارنا» .. لقد قل الدعم للنازحين المتزايدة أعدادهم، والأوضاع المعيشية تتدهور في ظل مدارس خالية من أدنى المقومات الصحية، فالنازحون غارقون وسط الذباب والمجاري والأوحال والقمامات المتراكمة، والطعام قليل للغاية، وثلاثة أسر مكونة كل أسرة من سبعة أفراد تعيش في فصل واحد وفرش واحد يضم أفرادها، وتتقاسم الأفواه الجائعة رغيف خبز الطاوة الهزيل.
وتطول مأساة محافظة أبين كما يطول انتظار أولئك النازحين الذين تعاقبت عليهم الشهور وهم مازالوا يمضغون معاناتهم، في ظل انعدام المساعدات الإنسانية.
|