هنيئاً لنا عيد الاستقلال الوطني
من حق الشعوب أن تحتفي بأعيادها الوطنية
انتزع جنوبنا المحتل استقلاله من بريطانيا في 30 نوفمبر عام 1967م ، بعد احتلال دام مائة عام ونيف (19يناير 1839م) ، ومنذ ذلك اليوم الأغر جبل شعب الجنوب على الاحتفال به كأهم الأعياد بعد عيد الرابع عشر من أكتوبر ، حين اندلعت في ذلك اليوم ثورة الجنوب المسلحة ضد الوجود البريطاني من قمم جبال ردفان الشماء .
وكانت الاستعدادات والتحضيرات للاحتفال تتم قبل أشهر منه . فتنظم العروض الكرنفالية والمسرحية والرياضية وتقام الندوات الفكرية والأمسيات الشعرية والقصصية، كما تنظم المسيرات الجماهيرية التي تصاحبها الأهازيج الشعبية والفرق الموسيقية ، وتنظم كذلك المبادرات الطوعية في تنظيف الشوارع والأحياء السكنية ومرافق العمل المختلفة والمدارس لاستقبال المناسبة والوطن في أبهى زينته . كانت الاحتفائية عظيمة بعظمة الشعب اليمني المناضل الذي ضحى بخيرة أبنائه من أجل التخلص من أكبر دولة استعمارية ، أُطلق عليها لقب "الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس" ، إلا أن الشمس غابت عنها بعد أن ثار شعب الجنوب ضدها واسقط تاجها التي كانت عدن أبرز جواهره المرصعة
ولأول مرة لم يتم الاحتفال بعيد الاستقلال بعد أن وضعت حرب صيف 1994 م أوزارها ، وما تبعها من تطورات غيرت مسار الوحدة الشئومه ، التي دفع شعب الجنوب من أجل تحقيقها ثمناً باهظاً من أرواح ودماء أبنائه الأخيار . وأدرك الشعب ا من أقصاه إلى أقصاه أن مؤامرة خسيسة دارت وتدار ضده ، وأن الحرب اللعينة ضد الجنوب كانت آخر المحاولات للقضاء على الفريسة التي فشلت منذ عقود ، المحاولات السابقة للنيل منها ، والتاريخ يشهد على ذلك .
لم يُلغَ بعد الحرب الاحتفال بعيد الاستقلال فحسب ؛ بل وأعياد أخرى كانت تمثل لشعب الجنوب محطات لها مكانتها وتأريخها المتميزين في حياته السياسية والاجتماعية والثقافية ، منها 20 يونيو ، يوم الشهداء 11 فبراير ، ثورة 14 أكتوبر ، يوم المرأة العالمي 8 مارس ، عيد الأسرة 21 مارس ، يوم المعلم 10 سبتمبر، عيد العمال ، وغيرها من المناسبات التي كنا في بعضها نحظى بأجازة من الدراسة والعمل لأهميتها الوطنية والقومية والأممية. كل تلك المظاهر اختفت بحجج واهية ، مستَبطِنة نوايا غير شريفة ، الهدف منها طمس تاريخ أرض وشعب الجنوب البطولي ، واستبداله بمحطات تاريخية أخرى بعضها لم تجرِ على أرضه
وقد رأينا ذلك التعتيم والتزوير الجليين في كتب التاريخ المدرسية ، التي سرعان ما تم إصدارها في السنة الأولى من تلك الحرب/ الجريمة وتغير أسماء عدد من المدارس والشوارع التي كانت تحمل أسماء شهداء الثورة والاستقلال . وهي سياسة قديمة فقهناها إبان الاحتلال البريطاني ، الذي كان يعمد إلى غرس مفاهيم تاريخية مغلوطة في أذهان تلاميذ المدارس ، لينشأ جيل جاهل لتاريخه وجغرافية بلاده . وفشلت بالطبع كل تلك السياسات الاستغبائية .
اليوم قرر الجنوب الاحتفال بعيد الاستقلال الوطني بمليونية جماهيرية في ربوعه .. فهنيئاً لك يا شعب الجنوب عيدك في ذكراه الـ 44 . هنيئاً لك النصر يا صاحب البطولات الفذة العظيمة ، والنصر حليفك دائماً حتى تعود كل مكتسباتك الوطنية ، وكل ما تم نهبه وسلبه نهاراً جهاراً بغير وجه حق من قبل معتدٍ مغتصبٍ لئيم ، كائنٍ من يكون .
|