بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
هل يجوز الدعاء بأن يشرب الإنسان من يد
الرسول شربة هنيئة لا يظمأ بعدها أبداً ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
حوض النبي صلى الله عليه وسلم يسمَّى " الكوثر " ، ومكانه
قبل الصراط على الراجح ،
ويأتيه ماؤه من نهر الكوثر في الجنة ،
حوضه مربع الشكل طوله وعرضه مسيرة شهر بسير الجِمال ،
وماؤه أبيض من اللبن ، ورائحته أطيب من المسك ،
وطعمه أحلى من العسل ، وعدد آنيته كعدد نجوم السماء ،
بل أكثر ، ومن شرب منه لا يظمأ بعدها أبداً .
وانظر في تفصيل الكلام حول الحوض : جواب السؤال رقم ( 48995 ) .
ثانياً:
يعتقد كثير من الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم
هو الذي يسقي الناس من ماء ذلك الحوض ،
لذا نسمع ونقرأ في دعائهم
" واسقنا من يده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبداً " !
وهذا الاعتقاد
خطأ ؛
لأسباب :
1. عدم ثبوت ذلك في جميع روايات أحاديث الحوض .
2. ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر
أنه من ورد الحوض شرب منه
قال صلى الله عليه وسلم:
((أنا فرطكم على الحوض ،
من ورده شرب منه ،
ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبدا ،
ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني ،
ثم يحال بيني وبينهم . قال أبو حازم :
فسمعني النعمان بن أبي عياش وأنا أحدثهم هذا ، فقال :
هكذا سمعت سهلا ؟ فقلت : نعم ، قال :
وأنا أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد فيه قال :
إنهم مني ، فيقال : إنك لا تدري ما بدلوا بعدك ،
فأقول : سحقا سحقا لمن بدل بعدي ))
الراوي: سهل بن سعد الساعدي
المحدث: البخاري
- المصدر: صحيح البخاري
- الصفحة أو الرقم: 7050
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
فعلَّق الشرب في الحديث على وروده ،
وليس على سقيا النبي صلى الله عليه وسلم له .
3. أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن عدد آنيته
بعدد نجوم السماء ، وهذا يشير إلى أن كل من يرده يشرب بنفسه .
قال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله :
آنيته وصفَها صلى الله عليه وسلم كما في
حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وغيره ،
قال صلى الله عليه وسلم:
((حوضي مسيرة شهر ، و زواياه سواء ، و ماؤه أبيض من اللبن ،
و ريحه أطيب من المسك ، و كيزانه كنجوم السماء ،
و من يشرب منه فلا يظمأ أبدا ))
الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص
المحدث: الألباني
- المصدر: صحيح الجامع
- الصفحة أو الرقم: 3161
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وهذا التشبيه بقوله ( كنجوم السماء ) نفهم منه صفتين :
الصفة الأولى :
الكثرة ، في أنَّ كثرتها كثرة نجوم السماء ،
وهذا يدل على مزيد راحة وطمأنينة في الشرب منه وتناوله ،
وألا يكون هناك تزاحم على كيزانه ، أو أنَّ الناس يشربون بأيديهم .
والصفة الثانية :
أنَّ كيزانه ـ أو كيسانه أو أباريقه ،
أو نحو ذلك - كنجوم السماء في الإشراق والبهاء والنور .
فنجوم السماء فيها صفة الكثرة ، وفيها صفة النور والبهاء .
" شرح العقيدة الطحاوية " ( شريط رقم 14 ) .
وقال الشيخ سفر الحوالي حفظه الله :
وليس في هذه الروايات أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يسقي النَّاس بيده الشريفة ، كما يزعم بعضهم فيدعو ويقول :
" اللهم اسقنا من يده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبداً " :
فهذا لم يرد ، في حدود ما اطلعت عليه من الروايات ،
هذا من جهة النص .
ومن جهة النظر :
فكأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو وحده وبيده
الشريفة يَسقي هَؤُلاءِ الناس ، وبهذا العدد الكبير
وعلى هذه السعة العظيمة ، ثُمَّ إن ذلك لا يتناسب مع مقام النبوة ،
فكأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما هو سقَّاء يسقيهم الماء !
مع أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو أول من يرد ، والحوض حوضه .
ولا يقتضي إعطاؤه الحوض أنه يسقي النَّاس بيده ،
وإنما هو صاحبه الذي يتقدم أمته ،
ثُمَّ يُسَر برؤيتهم وهم يشربون مع كثرتهم ،
وهم يردون من هذا الخير العظيم الذي أعطاه الله إياه ،
وأكرمه به ، ويتألم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند ما يرى أن قوماً يذادون .
إذاً : هو لا يسقي ؛ لأن التصريح جَاءَ بأنهم يردون ،
ويشربون، وهَؤُلاءِ يطردون ؛ بل يذادون .
وعليه :
فالدعاء بأن يسقي النبي صلى وسلم الداعي
يوم القيامة بيده الشريفة من حوضه :
مما لا ينبغي تداوله ،
وليس هناك خبر يدل على أن ذلك كائن يوم القيامة ،
والاقتصار على ما ورد به الخبر أعظم بركة ،
وأسلم من الخطأ في العلم والعمل .
فإن تعلق داع بأن يكرمه الله جل جلاله
بسقيا النبي صلى الله عليه وسلم له ،
فهذا ربما يكون ، والله أعلم بما هو
كائن من ذلك يوم القيامة ، له أو لغيره .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
|