21/11/2011
قبس عربي
الأسد وصالح والجائزة العالمية في التلاعب الكارثي
كتب نبيل حاوي :
لا شك أن بعض الرؤساء في بلدان الربيع العربي يستحقون ترشيحهم لكتاب غينيس للأرقام القياسية، وهذه المرة لجائزة التلاعب بالألفاظ والتهرب اللولبي من الالتزامات أمام شعوبهم وأمام العالم أجمع.
لن نستعيد تجربتي تونس ومصر، حيث انتهى «عصر» بن علي ومبارك على وجه السرعة مع أن التداعيات لم تنته. وكذلك انتهى القذافي. نكتفي بالنظر إلى الأساليب التي يعتمدها كل من الرئيسين بشار الأسد وعلي عبدالله صالح في التبرير «الذكي» لعدم الوفاء بأي من الالتزامات، والتهويل الصارخ بزيادة القتل والتنكيل في الداخل وافتعال مخاطر على دول الجوار والخارج.
قبيل انتهاء المهلة التي حددتها الجامعة العربية، بادر الرئيس السوري إلى اتهام الجامعة بالسعي لإيجاد «ذريعة لتدخل عسكري غربي يحدث زلزالاً» في المنطقة، معلناً أن هذه المهلة تهدف إلى «إظهار أن ثمة مشكلة بين العرب»، وبرر القمع الدموي بالقول إن «الحل الوحيد يكمن في البحث عن المسلحين وملاحقة العصابات المسلحة ومنع دخول الأسلحة والذخائر من دول مجاورة.. إلخ».
ويكاد الأسد يقتبس نمط نظيره اليمني حول التفرد بالحكم: «دوري كرئيس يكمن ليس في الخطابات أو الحزن، بل في قرارات لتفادي مزيد من إهراق الدم».
قبله استخدم الرئيس صالح عدداً قياسياً من المصطلحات المفضية إلى التجاوب الشكلي مع المبادرة الخليجية وضغوط المجتمع الدولي، ومنها: «أنا مستعد ليس للتنحي وإنما لنقل السلطة إلى نائبي بشروط».. «سأنقل إلى نائبي فقط صلاحية توقيع المبادرة».. «التوقيع غير ملزم إلا بعد الاتفاق على الآلية التنفيذية والمهل الزمنية».. «أنا كرئيس سأشرف بنفسي على الانتخابات الرئاسية المبكرة، وبعدها لكل حادث حديث»... إلخ، إلى أن وصل إلى بيت القصيد، مساء السبت، بالقول مخاطباً العسكريين الذين يشرف أبناؤه على أهم قياداتهم: أنا مستعد لنقل السلطة إلى الجيش!
وهذا كله مع التبرير المتواصل للقصف الدموي للمعتصمين ولقوات الجيش المنشق على قيادة صالح وأبنائه.
بالطبع، فإن الرئيس السوري من جهته لم يصل إلى حد القول بنقل السلطة إلى المقربين (الممسكين هم أيضاً بالعسكر وتوجهاته). ولم تصل الانشقاقات إلى ما هي الحال في اليمن، لكن التحدي المتصاعد للجهود العربية، واستدرار النقمة على المتظاهرين، والشتائم المرفقة باستهداف سفارات عربية وغير عربية في دمشق.. كل ذلك ينبئ بتطورات بالغة الخطورة.
المتابعون بدقة للمشاورات الجارية بعيداً عن الأضواء يؤكدون أن التذاكي والتلاعب بالكلمات لن ينفعا في التخلص من الالتزامات. كما أن الخيارت الأشد هولا، بدءاً بحرب أهلية ووصولاً إلى تكرار السيناريو الليبي، سيكون النظام الحاكم هو المسؤول عنه، سواء في سوريا أو في اليمن أو في أي بقعة ملتهبة أخرى.
د. نبيل حاوي
http://www.alqabas.com.kw/Article.as...&date=21112011