نحن نختلف على الهدف وليس على الرؤية ... وفي موضوع للكاتب ابو عامر اليافعي
اعجبني
القضية الجنوبية بين الاخلاق والسياسة
" إبتسامة صادقة قد تلغي حرباً "
" إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب "
كثيرا ما نرى كتابات وحوارات بين الجنوبيين تتعلق بالشأن الجنوبي وقضيته المركزية ولعل اخطر ما يمكن أن يواجهنا في هذا المضمار هو الخلط الواضح بين السياسة والأخلاق وكذلك طريقة استخدمهما وتوظيفهما من قبل الجميع في شكل من العشوائية والأنانية وكسب النصر المزيف ضد بضنا البعض .
فنحن نستخدم السياسة عندما نجد أن ظرف ما أو حالة ما في صالح طرف منا وعندما تعجزنا السياسة نبحث عن نصر على بعضنا البعض من خلال الأخلاق .
هل السياسة ترتبط بالأخلاق أم لا ؟.. وان كان نعم هل الأخلاق تقود السياسة أم السياسة تقود الأخلاق وكم نصيب حجم كل منهما في علاقاتهما وما الذي يجعل أحدا منهما أهم في لحظة معينة أو ظرف محدد الطرح الأقوى عن الآخر ؟
وان كانت السياسة شيء والأخلاق شيء آخر ولا ترابط بينهما هل من يمارس السياسة لا أخلاق له ؟ وهل الأخلاق ليس له مجال أو محل من الإعراب في السياسة وكيف ذلك والعالم مترابط اشد الترابط وطابع الحياة المعقدة متشابكا لدرجة لا تستطيع أحيانا أن تجد فرقا كبيرا مابين الأشياء فما يحدث في الصين يؤثر على من يسكن في الاسكيمو وما يحدث لمن هم يسكنون جبال الانديز له تأثيره على أوربا والاهم من ذلك أن السياسة يمارسها أناس وبشر والأخلاق ليست مقتصرة على جانب معين في حياة الإنسان .
هل يمكننا أن نكون أخلاقيين في لحظات ونكون غير ذلك في لحظات أخرى وما السبيل لمعرفة أيهما أهم في تحديد الضرورة والمصلحة العليا كما يقال ؟
لكي نحاول أن نفهم توظيف المفهومين لدى الجنوبيين في ثورتنا الجنوبية لابد أن نعرف أولا ما مجال وقدرات كل منهما واعني السياسة والأخلاق وسننطلق في ذلك في فهم عبارتين يتم تداولهما كثيرا وهما:
- ما يجب أن يكون
- الأمر الواقع
فما يجب أن يكون اعتقد هي عبارة تتحدث عن الأخلاق وليس عن السياسة لان المفروض والمطلوب وما ننشد فيه من الكمال له طابع أخلاقي بحت.
أما الأمر الواقع فهو يتحدث عن الإمكانية المتاحة ولهذا فالسياسة دائما تتعامل مع واقع موجود وأمر واقع تسعى لاستثماره في تحقيق ما يجب أن يكون .
إذاً السياسة بهذا الشكل تنطلق من الأمر الواقع وتستخدم كل السبل التي توصلها إلى ما يجب أن يكون وهنا سنقع بما وقع به الآخرون تاريخيا هل السبل التي نستخدمها يجب أن تكون طابعها سياسي أم أخلاقي ؟
وهل من الأفضل المزج بينهما لكي نتحاشى اقل الخسائر السياسية مع الحفاظ على الأخلاق في ماهيتها .
فعلى سبيل المثال طرد تاجر يمني من الجنوب ما وزنه في مجالي السياسة والأخلاق ؟ ومثل آخر قتل جندي يمني هل هو أخلاقيا مقبول أم أن السياسة تفرض علينا ذلك ؟
مثل آخر فينا وهو هل عندما نختلف فيما بيننا نتهم من يختلف معنا بأنه عميل وبائع وما إلى ذلك وهل الأخلاق تقبل ذلك أم أن المصلحة العلي تستدعي أن نتعامل مع الأمر بشكل سياسي كأمر واقع وماذا يجب أن يكون التصرف الصحيح ؟
اعتقد إن الأخلاق والسياسة تتشابك في أمور وتنفصل في أمور أخرى فكلاهما يسعيان لإيجاد علاقة إنسانية واسعة ففي الأخلاق العلاقة بين أطرافه هي حكم التوافق بين ما نريد نحن وما يريده الآخرون لكن في السياسة فالقوة هي من تحدد تلك العلاقة بمعنى مبسط الأخلاق علاقة تراضي بينما في السياسة العلاقة جبرية بين طرف يريد وطرف مجبر على الإرادة .
فالسياسة شيء قائم بذاته والأخلاق شيء آخر قائم بذاته ولكنهما يتكاملان ويرتبطان ولا يمكن أن نجعل لكل منهما وظيفة مختلفة لأنهما باختصار شديد يختصان بالإنسان في كل تفاعلاته المعنوية والمادية.
في الأخلاق توجد مفاهيم الطيبة والبراءة والرحمة والاعتدال والإنسانية بينما في السياسة لابد من استخدام الذكاء والخبث والمكر وتتعامل مع أعداءك باعتبارهم أشرار وخبثاء.
كيف تعامل الجنوبيون مع قضيتهم في الماضي والحاضر ؟ وكيف سيتعاملون معها مستقبلاً؟
فلو أخذنا على سبيل المثل بعض الأسماء لسياسيين عبر التاريخ الإسلامي كيف سيتم تصنيفهم تبعا لذلك فعمر بن الخطاب وصلاح الدين الأيوبي وعمر بن عبدالعزيز قادة مسلمين حققوا نجاحات باهرة والتاريخ أشاد بهم ليس كناجحين في السياسة بل لأنهم كانوا في تعاملهم أكثر أخلاقيا من السياسة وصاروا رموزا ومثل عليا لنا جميعا بينما نجد الحجاج بن يوسف الثقفي ومحمد علي باشا والظاهر بيبرس كانوا أيضا سياسيين ناجحين وحققوا نجاحات كبيرة لكن التاريخ لم ينصفهم أخلاقيا ولهذا فليس لهم من التقدير والاحترام مكانا. .
لم أجد داع أن أتحدث عن قادة الجنوب من هذا المنظار لان ذلك يقود إلى الخلاف الذي لا نريده ولكن كل منا يعلم رأيه في قيادات الجنوب سوأ الذين رحلوا أم الباقون حتى الآن.
بين المفروض والواقع بين الواجب والحرية بين التوحد والتشرذم بين الاستقلال والفيدرالية بين القيادة والجماهير بين الصبر واليأس بين الوطنية والمناطقية بين العام والخاص بين الموضوع والذات بين الرفض والقبول بين التمرد والرضوخ أين وكيف تقف كل من السياسة والأخلاق في مفهومنا وسلوكنا الجنوبيان ؟
|