http://www.mukallatoday.com/pages/De...&C=NewsDetails
وماذا بعد الاعتراف؟
د. خالد بلخشر
10/17/2011
[SIZE="5"]
الجنوبيون (والحضارم بشكل خاص) يدركون جيدا حقائق ما سمي بالوحدة ، وما رافقها من إقصاءٍ و تهميشٍ للمكون الآخر ، ابتداءً بجريمة حرب 1994 ، وما تلاها من تحالفات قبلية عسكرية متخلفة؛ تسببت في كوارث الجنوب كاملاً ، حيث إنَّ ما نتج عن تلك الجريمة حالةٌ تجاوزت ما حدث في مراحل الاحتلال الأجنبي الكامن في الجنوبيين (والحضارم بخصوصية وضعهم آنذاك) وذاكرتهم الجمعية ..
فلقد كان الاحتلال رحيماً بعدن وأهلِها (على الأقل في مرحلة ما قبل الثورة عليه) ، وإنسانياً إلى حدٍّ كبيرٍ مع حضرموت ؛ لم ينهب الأراضي ولا الثروة ويوزعها على المتنفذين الموالين . . وهذا ليس تمجيداً للاحتلال البريطاني (وخاصة في ذكرى الثورة عليه) أو غيره من القوى الاستعمارية ، وإنما للمقارنة بين حالين أحلاهما مرٌّ ، يقوم على إلغاء الآخر والتشكيك في إنسانيته و أصله ، وحرمانه من حقوقه في مستوياتها الدنيا.
ولعل من أشد المخاطر التي نتجت عن حملة 1994 الظالمة ، (إضافةً للنهب والسلب والتسريح وظلم أبناء الجنوب) الآتي:
أولاً: محاولة طمس الهوية في مكوّنها الأشمل(الجنوب) أو في الخصوصية الحضرمية ؛ حتى بلغت بهم العنجهية والصلف التدخّل في عَنْوَنة رسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراة عبر مخبريهم الأمنيين المنتشرين في الجامعات و السفارات ؛ حتى صارت "هجرة الحضارم" من التابوهات (المحرمات) التي لا يمكن تقبّلها إلا بصيغة الإلغاء لخصوصية الهوية ؛ لتصير:" هجرة اليمنيين" .. ويتجاوز الطمس الحاضر إلى الخلفية التاريخية ، حتى صار أمرؤ القيس وباكثير أبعد ما يكون عن حضرموت في موسوعاتهم وكتاباتهم ؛ وحتى في المؤتمرات العالمية يمارسون تسلطهم في وفرض نمط معين من التاريخ والجغرافيا.
ثانياً: تدمير منظومة القيم التي سادت في حضرموت على مدى قرون من خلال نشر القات، والمخدرات، والرشوة، ونهب المال العام ، وتعيين الكثيرين من غير الأكفاء، وأنصاف المتعلمين ، في مناصب قيادية ليسود الجهل والفساد والتخلف ، وبالمقابل تخوين من لا ينفّذ سياساتهم ومخططاتهم.
ومازال البعض منّا ، رغم هذا! ، ولا أبري نفسي هنا ، يدسُّ رأسَه في الرمال ، وكأنّ الأمر برمته لا يعنيه ، وكأن لسان حالنا يقول: حيثما ترسي السفينة معها، وكأننا لا ننشدُ كرامةَ عيشٍ لأجيالنا القادمة !!
ومع تصاعد حدة الأزمة بين أصدقاء الأمس ، أعداء اليوم ، صارت جرائمهم معلنةً على الملأ دون حياء .. فذلك (القطّ السمين) يردد على الفضائيات عبارات ممجوجة سمجة تبدأ: الأخ الرئيس.. الأخ الرئيس .. وتنتهي به ، وهو (مكلّف) إعلامياً وأمنياً ليكيل الاتهامات لشريكهم الرئيس (حزب الإصلاح) بأنه من نهب الجنوب واستحوذ على أرضهم وأملاكهم وحول الجنوبيين إلى (قطعان) ووووو...إلخ! ، وكأنّه و حزبه مجموعة من الملائكة الذين يرفرفون علينا صباح مساء ساهرين على أمننا ومعيشتنا وحياتنا ، أو كأنما السلطة المطلقة حينئذ ليست بأيديهم ، وهو مثال حيٌ على أولئك الذين انتشلهم النظام من قارعة الطريق ؛ ليلبسهم بدلةً باريسيةً وربطةَ عنقٍ ، ويكسوهم شحماً ولحماً ، ويضاعف أرصدتهم في البنوك ، و(يفرمتهم) ويعيد شحنهم بأيديولوجية التخلف والفيد والفساد والإفساد .. حتى صاروا يردّدون عبارات مقرفة تصيبنا بالغثيان والتقزز.
وها هو الجنرال( الثائر).. الجناح العسكري للنظام على مدى العقود الثلاثة الماضية يعترف اليوم بأن فيصل بن شملان (رحمة الله عليه) هو الفائز الحقيقي في انتخابات 2006 الرئاسية.. وكأنه حينذاك يقضي إجازة على كوكب المريخ الذي يطالبون بملكيته أيضا !! أو كأننا لم نشاهد زعيم حزب الإصلاح المعارض يرشّح رئيس حزب المؤتمر في مفارقة تراجي-كوميدية لا مثيل لها في قواميس السياسة!
لقد رحل بن شملان شريفاً عفيفاً .. ونحمد الله الذي جنبه ذلك المستنقع الآسن الذي سعى البعض للأسف للزج به فيه لاستثمار سمعته الإدارية والسياسية العطرة لأغراض خاصة بهم ، دون غيرهم، فهما وإن تباينوا في الظاهر وجهان لعملة واحدة ..
لا أحب أن أكرّر حقائق معروفة للكل ، ولا شك أنني قد فعلت، للتذكير ليس إلا ، ولكن يقولون في المحاكم والقضاء
بأن الاعتراف سيد الأدلة.. وهاهم يعترفون ليس أمام القضاء(النزيه) وليس أمامنا فحسب ، ولكن أمام العالم أجمع .. إنهم مجموعة من اللصوص والمزوّرين والمتحايلين والمتآمرين علينا جميعاً .. فهل بعد الاعتراف من دليل؟! وهل لا زال البعض لم ينفض الرمال عن رأسه ليقول: الآن تيقنت.. علينا أن نرسم مستقبلنا بعيداً عنهم وعن مؤامراتهم .
/SIZE]