2011-10-11, 02:14 AM
|
#103
|
قلـــــم فعـــّـال
تاريخ التسجيل: 2009-08-28
المشاركات: 704
|
ان الثورة ضد الإستعمار هي رد الفعل الإنعكاسي من البلد المحتل .. هي صيغة التعبير الحاسمة عن آمال شعب معين في بلوغ حريته .. وإستقلاله .. ومن العسير على المرء أن يقول بإن إشهار السلاح ضد الإستعمار عمل رديء .. وان الثورة على الغاصب الأجنبي سلوك غير حميد : ووجود هذه القاعدة سهل المهمة كثيرا أمام خطة المخابرات المصرية .. وجعلها تبدو في المنظار العام كما لو كانت مبادرة (( أخوية )) من دولة عربية كبرى تجاه أشقاء لها يرزحون تحت نير الحكم الإستعماري .. وإضطلاع بمسئولية (( قومية )) في تمكين قطر عربي من الإفصاح عن نفسه بتحرير بلاده .. وتطهيرها وتوصيل أبنائها إلى سدة الحكم في وطنهم .. ومن ثم الشروع في تحسين حياتهم .. وترقية وجودهم .. اقتصاديا .. وسياسيا وعسكريا .
هل هذا هو (( الدافع )) الحق لتصدير الثورة المسلحة إلى الجنوب العربي ؟ حسنا ..
لقد وصلت أول دفعة من القوات العسكرية للجمهورية العربية المتحدة إلى اليمن
( جوا ) يوم 9 اكتوبر عام 1962 .. ومضت عليها بعد ذلك ( 25 ) شهرا في اليمن دون أن تحرك ساكنا .. أو تسكن متحركا في الجنوب رغم الإغراء .. والشفاعات .. والإلتماسات .. التي كانت تقدم إلى المخابرات من قبل ذلك الوقت .. والقائلة (( بنضوج )) دواعي الثورة في الجنوب .. وتوفر مناخها .. وتكامل شروطها الموضوعية . وإفتقارها فقط إلى اليد التي تربت أكتاف الثوار .. وتبارك نهوضهم .. وتقدم لهم العون . وبكلمة واحدة .. كانت أجهزة المخابرات المصرية ( ترفض ) أن تشجع الثورة المسلحة في الجنوب العربي .. عندما كانت أسبابها قائمة .. ودواعيها همم الموتى من الأجداث .. عقب حرب السويس في السنوات
( 56 و 57 و 58 و 59 و 60 و 61 و 62 ) .. وعلل الرفض ( ظاهريا ) أن مصر تواجه من المتاعب الإقتصادية .. والضغط السياسي ما يحول بينها وتوسيع التزاماتها علاوة على الإلتزامات القائمة في الكونغو .. وأنجولا .. ومن قبل الجزائر .. فضلا عن أنها لا تريد الدخول في صدام من الحليف الوفي الإمام أحمد بن يحيى امام اليمن .. وعضو إتحاد الدول الدول العربية المؤلف من
( سوريا .. ومصر .. واليمن ) .. وكانت رابطة الجنوب العربي هي التي تتزعم الدعوة إلى حمل السلاح ضد الإستعمار .. - بل كانت تحمله - تحارب هذه السنوات .. خلال فترات متقطعة .. ولم تكن الرابطة موضع حفاوة من الإمام .. والداعي الخفي للإمتناع عن دعم الثورة في الجنوب هو أن المخابرات المصرية تعتقد أن
( القيصر أبعد من أن يسار إلى عنده ) وتعتقد أن الجنوب العربي أبعد من أن يكون بالمستطاع التأثير على مجرى الأحداث فيه (( بالثورة )) أو (( بالسياسة )) .
- وعندما أصبح الوجود المصري حقيقة قائمة بعد بضعة عشرات من الأميال من عدن .. أكثر من هذا عندما أصبح إستقلال الجنوب العربي ( قضية عالمية ) وأضحت بريطانيا أقل مقدره على تبرير بقاءها فيه .. ومن ثم قضت بإعلان إستقلاله في موعد أقصاه عام 1968 .. وأنحصرت الخلافات في (( شكل )) هذا الإستقلال .. ولمن يسلم .. وكيف يتم التسليم .. وكانت الأمم المتحدة قد أعتبرت نفسها مسئولة عن تظيم إنتقال السيادة لشعب الجنوب العربي عبر إنتخابات حرة .. وتسليم السلطة لحكومة ممثلة تمثيلا كاملا .. عند هذا الحد أدركت المخابرات المصرية أن الوقت ملائم تماما لتصدير
- (( السلعة الثورية إلى سوق الجنوب العربي )) !
وتحت ستار كثيف من الدعاية والتبشير بالمعجزات التي ستصنعها الثورة .. وتصعيد الإتجاه القائل بأن الإستعمار يجب أن يلقى مصرعه على أيدينا .. وعلينا أن نأخذ إستقلالنا بقوة السلاح .. لا أن نصفح أيدينا أيدينا لإستلامه .. أنجبت المخابرات المصرية في تعز (( مولودها الأول )) - إن أن هناك مولود ثان –
(( الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل )) ..
وكما يقول المثل (( الديك الفصيح يخرج من البيضة يصيح )) فقد أعلنت الجبهة القومية من يومها الأول أنها الممثل الوحيد لشعب الجنوب العربي .. وأن لا حق لأحد في أن يقدم رجلا ويؤخر أخرى بخصوص الجنوب العربي .. لأن هذا الأمر من شأن الجبهة القومية وحدها ..
عبدالله الجابري
|
|
|