رغم عدم إتساع الوقت لقيادة الحزب الإشتراكي لوضع خطة مدروسة متكاملة و خطة أخرى أيضاً لمعالجة الأخطاء التي يحتمل أن تعترض تطبيقهم للخطه الأولى أو فشلها ، إلا إن قيادة الحزب الإشتراكي أطلقت العنان لطموحها عبر ما ذكرته الدراسة بإن لديهم برنامج لتطوير الجمهورية العربية اليمنية و القضاء على الفساد و التخلف و القبلية ، لخلق فرص ملائمة لتولي قيادته في الأخير .
ربما كانت هناك إيعازات و تطمينات من الاشتراكيين الشماليين الموجودين في الحزب الإشتراكي اليمني الذي يحكم دولة الجنوب ، بإنه يتوجب عليهم الإسراع في توقيع الإتفاقية لإنقاذ أنفسهم من الإعصار القادم إلى الجنوب من المنظومة الشرقية المنهارة ، و تطمينهم بإن قواعدهم في الشمال ستساعد في تنفيذ برامج التطوير و ستلتف على الحزب الإشتراكي اليمني ، و أن ابناء اليمن في الشمال قد سئموا من نظام صالح و من الرجعية و اليمنية و يريدون مواكبة القوى التقدمية .
خطط و ربما وعوداً أيضاً ثبت فشلها فلا إنه تطور نظام و شعب الجمهورية العربية اليمنية ، و بدلاً من أن يستفيد الجنوب أكثر من الوحدة على أسس التكامل بين الشعوب و الأمم و الأنظمة السياسية ، و نتيجة هذه الخطط و البرامج الغير مدروسة ، و التي لم تضع خططاً و برامجاً بديلة لتطبيقها في حال فشلت الخطة السابقة ، فقد ضحت دولة الجنوب بنظاماً مؤسسياً و حضارة مدنية و ضحت بخدمات عالية الكفاءة في التعليم و الصحة و الكهرباء و المياه و جيشاً كانت تهابه دول في المنطقة ، و بثروات بترولية و معدنية و سمكية و عملة كان لها صداها و ظهر مفهوم كان قد أنتهى تداوله في داخل الجنوب هو ( البطالة ) ، كل شيء أرتبط ذكره سابقاً بإسم دولة الجنوب . . . آلخ ، فالجنوب خسر حينها و لم يستفيد من هذه الوحدة ، و الشمال ظل على ما هو في جهل و تخلف و قبلية و تطرف ديني و تفشي الفساد و الثقافات الإجتماعية المنحرفة و الخاطئة و كما يقال كإنك يا أبو زيد ما غزيت .
تذكر الدراسة الصادرة عن الندوة إن نظام صنعاء أستفاد من حرب الخليج و غزو النظام العراقي لدولة الكويت عام 90 _ 91 م ،في تثبيت مناعته ضد تحديث الجنوبيين كشعب ، و ذلك عبر عودة المهاجرين اليمنيين من دول الخليج بعد موقف نظام صنعاء من الغزو ، حيث سبب عودة المتدفقين من دول الجوار نوع من الفوضى الداخلية ، المخلة بالتوازن الإجتماعي شكلياً ، و بداء نظام الطاغية صالح بعدها كما ذكرت الدراسة التصميم على تحجيم و تقليص قوة الحزب الإشتراكي اليمني .
لقد كانت خططاً مدروسة تدل إنها وضعت قبل الوحدة المعلنة بفارق زمني كبير ، أي منذ الكفاح المسلح ضد الوجود الإستعماري البريطاني ، و ما شهده الجنوب في تلك الفترة من إنقسامات و أحداث ضمن هذه الخطة للإيقاع بدولة الجنوب ، و قد تم إستخدام هذه الإنقسامات لتحجيم و تقليص قوة و دور الحزب الإشتراكي اليمني في الشارع و لاحقاً في السلطة عبر إغتيال الرافضين للما يجري ، و تهديد و إبتزاز الآخرين و جعلهم راضخين و قابلين للواقع المفروض عليهم ، مع تيقظ نظام صنعاء و حرصه على عدم تدمير الحزب الإشتراكي اليمني فالمحافظة على الحزب الإشتراكي شريكاً جنوبياً للوحدة الموقعة بين دولة الجنوب و نظام الجمهورية العربية اليمنية مصلحة يمنية ، لإضفاء الشرعية على وحدة 22 مايو أمام الرأي العام الإقليمي و خاصة الدولي ، إذ أن بقاء الحزب الإشتراكي اليمني في صف المعارضة تحت سقف سلطة صنعاء بعد إحتلال الجنوب شكل خدمة مجانية أخرى قدمها الحزب الإشتراكي اليمني لنظام الإحتلال ، و هي خدمة لا تضاهيها خدمة إلا تسليم دولة الجنوب بكل مقدراتها دون ضمان أو دراسة إلى نظام صنعاء في 22/مايو/1990م .
تحدثت قبل قليل في هذا الموضوع إن نظام صنعاء مارس تهديدات و إبتزازات لقادة الحزب الإشتراكي اليمني ، ليجعلهم في آخر الآمر يرضخون للمخططات المبيتة لتدمير الجنوب و جعل الجنوب إقطاعية خاصة يديرها نظامه الأسري و المتنفذين في نظامه ، هذه الإبتزازات التي قد لا نعلم ما هي إلا إننا قد لا نجد صعوبة في التخمين و التفكير عنها ، فكلنا يعلم أن الحزب الإشتراكي اليمني و قياداته هم من حكم الجنوب برفقة مندسين شماليين من اليمن و قبله كانت أيضاً الجبهة القومية ، و تزامن مع فترة هذا الحكم أحداث و صراعات دامية شهدها الجنوب ، ففتح ملفات كهذه لم تتوقعها قيادات الإشتراكي حبنها ، و لم تتوقع قيادات الحزب الإشتراكي أن من شارك معهم في الحكم من أبناء اليمن في الشمال والذين أن دسوا بين قيادات الحزب الإشتراكي في السابق الدسائس هم من أعد مثل هذه الملفات للمستقبل لإبتزاز رفقائهم في الحزب الإشتراكي بعد الوقوع في فخ و مصيدة الوحدة ، ليفرض على هذه القيادات شعار إما الوحدة أو هذه الخيارات ، إما أن تكونوا معارضة في الهامش و في سقف نظام الوحدة و الإحتلال و إلا فتح هذه الملفات .
فمن خلال الإطلاع على الدراسة التي أنبثقت عن الندوة الإماراتية و ما نعرفه نحن كجنوبيين إن الإنفصال و فك الإرتباط كان قراراً متأخراً ، حيث كان يفترض لهذا القرار أن يصدر في سبتمبر أو أكتوبر من عام 1991 ، و لكن كانت قيادات في الحزب الإشتراكي مترددة كثيراً في هذا القرار و ربما خائفة بسبب ما تعانيه من إبتزاز من نظام صنعاء و أمور نجهلها في الوقت الحالي و ستتضح أكثر في المستقبل ، و بكل تأكيد فإن لهذه الإبتزازات علاقة لما يجري اليوم من صمت بعض قيادات الحزب الإشتراكي اليمني في الداخل و الخارج و تغاضيهم عن نصرة القضية الجنوبية و إتجاه بعضهم المحتمل لدعم مشاريع صغيره لا تخدم و لا تلبي طموحات الشعب الجنوبي.
فقد تطرقت الدراسة التي صدرت عن الندوة بشكل غير مباشر في ذلك الوقت أحداثاً مؤسفة وقعت في فترة ما قبل حرب الإحتلال عام 1994 م ، عن جملة الإبتزازات التي كانت تمارس على قيادات الحزب الإشتراكي اليمني التي كان يفترض إنها تقود شعب و دولة الجنوب ، و أصبحت هذه القيادات شكلية في دولة 22 مايو ، كمثل بعض الشخصيات الجنوبية التي نراها اليوم تحمل مناصب شكلية في نظام صنعاء ، فتذكر الدراسة على لسان دولة الرئيس العطاس إن رئيس نظام الإحتلال كان دائماً يهزأ من ترتيبات المشاركة في السلطة التي تم إنجاز الوحدة في إطارها ، إذ إن هذا الفعل يعد خرقاً واضحاً لإتفاق الوحدة الموقع بين قيادات الحزب الإشتراكي اليمني و نظام صنعاء ، و هل كانت لا تزال قيادات الحزب معلقة بآمال الوحدة ؟!!! أم كان يمارس صالح بحقها إبتزازاً جعلها راضخة و شكلية في دولة الوحدة ؟!!!!


يواصل دولة الرئيس العطاس حسب الدراسة الإماراتية : إن رئيس نظام صنعاء الطاغية صالح كان مستاء بنحو خاص من برنامج الإصلاح الإقتصادي و الإداري و التي كانت لدولة الرئيس العطاس جهود غير عادية فيه ، من أجل القضاء على حالة الفوضى التي يعيشها النظام الذي كان يحكم الجمهورية العربية اليمنية ، و الذي توج ببرنامج البناء الوطني و الإصلاح و الذي أقره البرلمان ديسمبر 1991م ، و حد تصريح دولة الرئيس العطاس : إن الرئيس صالح كان يتجاهله رغم إقراره في البرلمان ، و كانت القرارات الإقتصادية يتخذها الرئيس صالح بنفسه منفرداً و متجاهلاً مجلس الوزراء كهيئة معنية بالأمر و كان يتجه إلى وزير المالية مباشرة .
و من ضمن هذه السلطات الشكلية التي تؤكد حجم الإبتزاز التي كانت تعانيه هذه القيادات الجنوبية في الحزب الإشتراكي ، حيث كانت القرارات الفعلية في وزاراتهم تتخذ من قبل المديرين العامون الذين كانوا في أغلبهم شماليين .
و بمناسبة الحديث عن قرارات الوزراء الشكليين ، فقد عرضت الدراسة الإماراتية نموذجاً عن وزارة الدفاع ، من حيث إنها وزارة مهمة في الأزمة ، و كان وزير الدفاع هو هيثم قاسم طاهر أحد قيادات الحزب الإشتراكي اليمني الجنوبيين ، حيث كان من المتفق عليه مع نظام الجمهورية العربية اليمنية تخفيضات مهمة في المؤسسة العسكرية ، إتفاق ضمن عدد من الإتفاقيات التي خرقها نظام صنعاء ، حيث كان اللواء هيثم قاسم طاهر من المستحيل عليه أن ينفذ هذه التخفيضات في الوحدات الجنوبية و الشمالية لإن قراراته تصطدم و تقابل بإهمال من رئيس الأركان الموالي للطاغية صالح ، و مع كل هذا لم تعلن القيادات الجنوبية فك الإرتباط ، و كذلك البحث الذي أجهد دولة الرئيس العطاس في إعداده من أجل عملية الإندماج العسكري هو الآخر تماطل و تأفف منه ما يعرفوا بشركاء الوحدة في صنعاء ، و تحدثت الدراسة عن تدريب مخصص لجنود شماليين من قبل ضباط عراقيين ، و كانت قيادات الإشتراكي تعلم بهذا و ظلت ترقب الأمر دون أن تحرك ساكناً .
أما الورقة الأخيرة من الدراسة فقد تحدثت عن عمليات الإغتيالات و التصفيات التي طالت كوادر في الحزب الإشتراكي اليمن منها كوادر جنوبية ، حتى مغادرة دولة الرئيس العطاس صنعاء إلى الخارج في يناير 94 قبل ثلاثة أشهر من شن العدوان على الجنوب و إتهامه للمؤتمر الشعبي العام بإنه يستخدم تكتيك الترهيب و الإستفزاز لدفع الحزب لإتخاذ قرار الإنفصال .
فعلاً نظام العربية اليمنية الجمهورية العربية أصبح ينتظر إعلان من قيادات الحزب الإشتراكي اليمني إعلان الإنفصال من طرف واحد ليكمل خطته و هي إزاحة شريك الوحدة من الحكم ، مع الحذر على عدم تدميره و تركه هامشياً في معارضة تضفي للوحدة نوعاً ما من الشرعية .
و بحسب ما جاء في الدراسة فإن كثير من أعمال التهميش و الخرق الواضح لإتفاقيات الوحدة من قبل طرف النظام في الجمهورية العربية اليمنية ، و التي بدأت هذه الخروقات في سبتمبر عام 1991كانت كافية حينها لإعلان فشل الوحدة و فك الإرتباط بحد تساؤل الدراسة عندما أشارت إلى أن في ضوء كل ما ذكر آنفاً فإنه من المعقول كان الإستنتاج بإقتناع قيادات الحزب الإشتراكي بسوء نية الرئيس صالح و أعوانه و أهدافهم العدائية المبيتة تجاههم و تجاه الوحدة و إتفاقيتها و دولة الجنوب ، و لكن يبقى التساؤل الملح دائماً هل كانت تعرض لإبتزازات أم كانت غبية إلى هذا الحد و هو أمر مستبعد .
في الأخير الشكر كل الشكر للأخ انا الجنوب الحر على تقديمه لهذه الوثائق القيمة عن الندوة التي أقيمت في الإمارات العربية المتحدة برعاية الشيخ زايد آل نهيان و بحضور عدد من الساسة العرب و الغرب الكبار .
و برزت أهميتها لنستائل في هذا المقام عن صمت عدد من قيادات الحزب الإشتراكي اليمني إزاء ما يجري لأهلهم في الجنوب و عدم الإعلان صراحة عن حق و مساندة الشعب الجنوبي في تقرير مصيره من نظام الجمهورية العربية اليمنية .
و صمتهم إزاء ما تعرضوا له من شتائم و محاولات إغتيال نفذها عليهم نظام مخابرات نظام الإحتلال اليمني ، و يثير تساؤلات جدية عن أسباب تعامل قيادة الحزب الإشتراكي اليمني مع الحراك الشعبي السلمي الجنوبي و موقفهم من القضية الجنوبية .
و ما يتردد بين لحظة و أخرى مؤخراً عن علاقة الحزب الإشتراكي اليمني ممثلاً بقيادته و موقفهم من جملة من المواضيع مثل التشاور الوطني الذي يقوده حميد الأحمر و الموقف من الإنتخابات و من الفيدرالية .
__________________
إن تاريخ الجنوب يروي لنا , أن أبناءه لا يلبثون وقت الشدة إلا أن يجمعوا صفوفهم علي هيثم الغريب
لا بد من التضحية والفداء ليس كرهاً بالحياة بل تعبيراً عن حبنا لهذه الحياة التي أردنا أن تعيشها أجيالنا القادمة بسعادة وحرية وشرف وكرامة عميد الاسرى العرب ( سمير القنطار)
التعديل الأخير تم بواسطة أبو غريب الصبيحي ; 2009-02-21 الساعة 11:16 PM
|