عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-10-04, 05:33 PM   #47
طائر الاشجان
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2009-07-23
المشاركات: 695
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لشري مشاهدة المشاركة
الاحفال بثورة ١٤ أكتوبر ١٩٦٣م أعتراف بإن الارض يمنية
قامت ثورة ١٤ أكتوبر ١٩٦٣م بإهداف واضحة وصريحة منها: تحرير جنوب اليمن وتوحيده مع اليمن وبناء دولة وطنية يمنية... والغاء وإزالة دولة وهوية الجنوب العربي... وحققت أهدافها في ٢٢: مايو ١٩٩٠م... واليوم التمسك والاحتفال... بأول طلقة أطلقها الغزاه اليمنييون... في يوم ١٤ أكتوبر... هو أعتراف وتأكيد من قبل المحتفلون بها: بشرعية أهل اليمن... في السيادة والتصرف بإلارض والشعب والملك لانه يمني... وعلى من يحتفلون أن يسكتون ويتخلون عن المطالبة : بتحرير أو أستقلال أو فيدرالية لان أهداف ثورة ١٤ أكتوبر اليمنية تأكد ذلك.
للأمانة ، يجب أن نوضح جانباً في منتهى الخطورة .. وهو أن ثورة 14 اكتوبر حدثٌ علقَ في ذهن كل مناضل جنوبي بكونه مشروع تحرير الجنوب من هيمنة الإستعمار البريطاني ، الذي احتل الجنوب مدة 129عاماً ، وقد كان شعار الجبهة القومية " تحرير الجنوب العربي المحتل " أما كيف تبدل الشعار إلى " تحرير الجنوب اليمني المحتل " فهذا أمر يطول شرحه ، لكن المعاصرين لتلك الحقبة يفهمون جيداً الظروف العامة ، ومظاهر الحماس السائد حينها ، ولقد توجهت إلى أبي بالسؤال الإستيضاحي عن هذه المسائل جميعها ، قلت له : اشرح لي يا أبتي عنها .. وهو يعلم أنه لن ينتابني الملل من حديثه معي ، فقال لي بدون تردد : اسمع يا بني ..
كنا نخرج في المسيرات الصاخبة التي ينظمها الإتحاد الطلابي ، وكانت صور الزعيم "جمال عبدالناصر " وحدها تكفي لإشعال حماس تلك الجموع الغفيرة .. كان "جمال" في حقيقة الأمر هو الزعيم الروحي لكل عربي ، ليس على مستوى الجنوب فحسب ، كانت كلمات " عبدالناصر " هي الغذاء العاطفي الذي نتعشقه .. عندما يزمع إلقاء خطابه نكون قد أعددنا العدة لسماعه ، وقد تضحك من لفظ " العدة " نعم ، لم تكن هنالك قنوات فضائية ، بل لم يكن هنالك تلفازاً ، وإن وجد فهو لا يغطي أكثر من مدينة "عدن" وضواحيها ، كنا نقوم بشراء بطاريات للراديو ، ونعمل حسابنا ألا شيء يشغلنا خلال إذاعة الخطاب ، الأسواق والشوارع تكاد تخلو من المارة ساعة البث ، الكل في حالة إنصات ، وطبيعي أن تسألني عن مضمون هذه الخُطب ، أقول لك : هي تمجيد للوحدة العربية ، والقومية العربية ، والثورة العربية ، ( كنا عرباً كما لم تكن العروبة من قبل ) وما أن ينتهي زعيم الأمة العربية من خطابه ، أو قل يترجل الفارس عن جواده ، حتى يأتي دورنا في امتطاء المسيرات ، وتشعر حينها أن الأمة قد اتحدت من المحيط إلى الخليج ، هل كان يجرؤ أحد كائناً من كان أن يطعن في وحدة الأمة ، أو يشكك في شعاراتها ، وفي هذه الأجواء – التي لم أبالغ في وصفها ، إن لم أكن قد محقتها من حيث كونها تستحق بسطاً منصفاً – الكل كان مهووساً بحلم الوحدة العربية ، وفي هذا الخضم تم الزج بإسم " اليمن" في الشعار كما أسلفت ، ورأينا حماساً منقطع النظير لهذه الفكرة – ونحن ندرك أنها من وحي الخيال ، وأن هذه أكذوبة بحجم الربع الخالي – تعرض الكثير من الشخصيات القيادية للصفيات الجسدية عندما أبدوا تذمراً من يمننة هذا الجزء الجنوبي لشبه الجزيرة العربية ، والذي لم تلامسه هذه الصفة طيلة قرون الماضي السحيق ، ومن ضمن هؤلاء العظام فيصل عبداللطيف الشعبي ، وعلي عبدالعليم ، وفحطان الشعبي ، ومجموعة ضحايا طائرة الدبلوماسيين ، ومنهم محمد صالح عولقي ، وأحمد صالح الشاعر ، وغيرهم كثيرون ، واستمرت التصفيات الجسدية تأخذ طابعاً مناطقياً حيناً وعقائدياً أحياناً أخرى ، وانتهت إلى ما يُعرف بيوم 13 يناير الدامي .
ذلك هو مختصر الحكاية يا ولدي .. فلا تلقِ باللوم على مَن طبّل وزمّر ، ورقصَ وصفّق ، الكل فعل ذلك ، وعاش أجواءاً لو كنت معها لاستهواك عزف النشيد ، وها قد شرحت لك السبب الذي بمعرفته يبطل العجب .
قلت لنفسي حينها : من الصعب أن نحاكم الماضي ، ونستدعي كل مرحلة للمثول في قفص الإتهام .. فلكل مرحلة ظروفها التي لا يمكن إسقاطها على بقية المراحل الأخرى ، ولا يمكن أن تختزل مسؤولية الكل لترمِ بها شخصاً بعينه ، وتجعله سبباً كلياً أو جزئياً ، فما كنت تراه صحيحاً بالأمس ، ينقلبُ خطأ قاتلاً في الغد ، ولله في خلقه شؤون ، وإذاً فما جرى كان يجب أن يجري لأنها سنة الله في الكون " ولن تجد لسنة الله تبديلا " .

تحياتي
طائر الاشجان
__________________
طلائعُ ثوّار الجنوبِ تآزروا ... وساروا على دربٍ عليهِ تَدَرّبوا
ألا إن شعبي اليومَ أمضى عزيمةً ... وحربُكَ للمُحتلّ يا صاح واجِبُ
طائر الاشجان غير متواجد حالياً