بقلم : نجيب قحطان الشعبي
كالعادة احتفى الإعلام الرسمي بعيد ثورة 14 أكتوبر بطرق انتقائية وسطحية وتشويهية محاولا توظيف هذه ا
لمناسبة الوطنية لإعادة ترسيخ حب الوحدة اليمنية في نفوس الجنوبيين والتأكيد على ما يسمى بواحدية الثورة
اليمنية حتى أن صحيفة "26 سبتمبر" نشرت في عدد 14 أكتوبر 2010بصفحتها رقم 13 شعاراً ضخماً
وبعرض الصفحة يقول ما يلي "لا كرامة ولا وطنية ولا شخصية سوية لمن يشكك في واحديه الثورة اليمنية"!
هذا إرهاب فكري صارخ يحاول تكميم أفواه المعارضين لمقولة "واحديه الثورة اليمنية" وأنا أحدهم بل أولهم
فقد كتبت مراراً منذ ما بعد الحرب الأهلية اليمنية في 1994م حول زيف مقولة واحديه الثورة, وحتى يدرك
البعض أن أسلوب الإرهاب الفكري لا يجد مع كل الناس فإنني أنكر هنا مجدداً أي وجود حقيقي لشيء اسمه "واحديه الثورة اليمنية" فهذه المقولة هي مجرد هراء.
واستكمالا للحقائق التي بدأت بنشرها في الجزء 1 من هذا المقال, وبالنظر إلى أن الإعلام اليمني الرسمي
يحاول بدأب عبر بعض من جماعة لبوزة أن يكرس في أذهان الناس أن الشيخ راجح لبوزة عاد من الشمال إلى
ردفان بالاتفاق مع قادة 26سبتمبر لتفجير الثورة المسلحة لتحرير الجنوب لذلك رفض مطالب الإنجليز بتسليم
سلاحه ومجموعته أو دفع غرامة مالية فهاجمتهم القوات البريطانية في 14 أكتوبر 1963 فأستشهد بنفس
اليوم فاتخذت الجبهة القومية من تاريخ استشهاده بداية للثورة المسلحة لتحرير الجنوب وهكذا بدأت حرب
تحرير الجنوب في اليوم الذي استشهد فيه لبوزة وتواصلت مدعومة من صنعاء بالمال والسلاح والرجال حتى
تحقق الاستقلال!! وإزاء هذه الأكاذيب فإنني أورد الحقائق التالية :
* ليس صحيحاً أن لبوزة استشهد في 14 أكتوبر 1963 فقد استشهد في 13 أكتوبر, ولذا ليس صحيح أن
الجبهة القومية جعلت من تاريخ استشهاده بداية للثورة المسلحة لتحرير الجنوب. فهل سيتوقف كثير من
المهرجين وهواة تزوير التاريخ عن الزعم بأنه في 14 أكتوبر 1963 فجر لبوزة الثورة؟! والزعم بأنه في 14
أكتوبر أستشهد لبوزه وهو يحتضن بندقيته؟! ومنذ يومين طالعت لأحد أبناء ردفان حديثاً أدعى فيه بأن
المعركة مع القوات البريطانية وقعت في 14 أكتوبر وكان في ذلك اليوم نفسه يقاتل بنفسه وهو بجوار راجح
لبوزة الذي أصيب بشظية قنبلة فأستشهد فوراً! آه ياكذاب فالمعركة وقعت في 13 أكتوبر1963(وهذا مثبت
وبالوثائق الصحيحة وهي بحوزتي فعمري ما تحدثت من فراغ أو بإملاء من أية جهة لأنني والحمد لله أحترم
نفسي وأحترم القارئ) أما يوم 14 أكتوبر فلم تقع فيه أية معركة ولا في الأيام التالية حتى سخنت الجبهة
القومية الجو ببيان حماسي ألهب مشاعر أبناء ردفان الشجعان - وكل أبناء الجنوب- فهبوا من كل أنحاء ردفان
وليس فقط آل لبوزة أو مجموعة العائدين مع لبوزة من الشمال بل من كل ردفان هبوا ليحاربوا قوات الاستعمار
البريطاني وحلفائه من الحكام المحليين.
كما استمعت من إذاعة صنعاء منذ يومين أيضا لشخص آخر من ردفان وهو "ينخع" من رأسه عنتريات لا
يصدقها عقل ويزعم أنها وقعت في يوم 14 أكتوبر 1963 ومن ذلك أنه كان هو الآخر يقاتل في ذلك اليوم
(أي 14 أكتوبر 1963!) وهو بجوار لبوزة مباشرة فأصيب لبوزة برصاصة وتم نقله ليعالج لكنه توفي بنفس
اليوم! طيب يا أخينا ما رأيك أن لبوزة لم يستشهد برصاصة ولكن بشظية من قذيفة مدفع؟ وأنه لقي مصرعه
فوراً فلم ينقل للعلاج ولكن ليوارى الثرى؟ ثم ما رأيك في أن المعركة وقعت في 13 أكتوبر لا 14 أكتوبر؟ الله
يرحمك يا لبوزة فكثير من جماعتك ينسبون لأنفسهم ولك عنتريات لم تحدث في الواقع!
* ولبوزة لم يكن الوحيد أو أول من استشهد في المعركة التي قتل فيها.
* ولبوزة ومجموعته لم يهاجموا من قبل القوات البريطانية مثلما يزعم الكثيرون, فالذي هاجمهم هي قوات
مسلحة إتحاديه (أي تتبع حكومة الإتحاد الفدرالي للجنوب العربي).
* كما أن تلك المعركة وقعت لأسباب "ذاتية" تخص مجموعة لبوزة ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بموضوع
تحرير الجنوب المحتل.
* وقد بينت بالجزء(1) أن صنعاء لم تدعم قائدة ثورة تحرير الجنوب بأي رجل ولا حتى بريال واحد أو رصاصة واحدة! وخذوا عندكم هذه الحقائق الهامة أيضا ً :
* الرسالة التي تنشر في الصحافة المحلية في كل ذكرى لثورة 14 أكتوبر وكل ذكرى للاستقلال الوطني ويقال
أنها وجهت من الضابط السياسي البريطاني المدعو "مستر ميلن!" ويطالب فيها لبوزة بتسليم السلاح ودفع
غرامة مالية, والرسالة التي يقال بأن لبوزة رد بها على رسالة المدعو"مستر ميلن!" والتي يزعم البعض بأن
لبوزة وضع معها في ظرف الرسالة طلقة رصاص! إن كل ذلك لا أساس له من الصحة مطلقاً, وأي شخص لديه
خلفية ثقافية متوسطة عن التاريخ السياسي للجنوب والشمال في أوائل حقبة الستينات من القرن20 إذا دقق
في الرسالتين المذكورتين فسيكتشف فوراً أنهما تحملان في طياتهما ادلة كثيرة يثبت كل منها زيف الرسالتين
وأن من قام بفبركتهما (أي إختلاقهما) انما هو شخص جاهل بل أنني أرثي لجهله, وأمقت من يروجون
للرسالتين, وأشفق على القراء فنحو 99% منهم غير مطلعين على أهم الحقائق السياسية لتلك الفترة ,كما أنه
بين الواحد بالمائة المطلعين يوجد بين كل عشرة تسعة يقرأون بغير تدقيق! وللأسف فأن الاخ العقيد محمد
عباس ناجي الضالعي نشر الرسالتين في كتابه "حقائق جديدة عن الإنطلاقة الأولى لثورة14أكتوبر" الصادر في
2002م ليتفاخر برد لبوزة! فهل لم يلاحظ - وهو رجل متعلم - ما بهما من أدلة واضحة (لكل ذي لب) تثبت أن
الرسالتين يستحيل أن تكونا صحيحتين بل أن إختلاق الرسالتين جرى عل نحو يثير الضحك ؟! وآ أسفاه يا
محمد عباس!
بإختصار, لم يكن هناك وجود لرسالة المدعو "ميلن" ولا لرد لبوزة ولا لطلقة رصاص في الظرف.
* والحقائق "الموثقة" الصحيحة تؤكد بما لا يدع أي مجال للشك أن أحداً لم يطالب لبوزة ومجموعته بتسليم
أسلحة ولا غرامات مالية ولا هم يحزنون فلا السلطات البريطانية طالبتهم بذلك ولا حكومة الإتحاد الفدرالي
للجنوب العربي طالبتهم بذلك, والأمر كله مجرد تزوير مكشوف (لذوي الألباب) ومجرد استهبال واستخفاف
بعقول الناس, وأرجو أن لا يتصل بي أحد -مثلما حدث من قبل- ليحاول إحراجي بالعتاب المشفوع بالرجاء أن
أتوقف عن النشر, فقد سبق السيف العذل فهاأنذا قد نشرت وأما التفاصيل التي توضح الأدلة التي تثبت زيف
الرسالتين, والتي توضح أن أحداً لم يطالب لا لبوزة أو غيره بتسليم اسلحة أو دفع غرامات مالية عند عودتهم
للجنوب, والتي توضح السبب الحقيقي لشن الهجوم على لبوزة ومجموعته في أكتوبر1963, والتي توضح
كيف تعاملت كل من القيادتين المصرية واليمنية وقيادة الجبهة القومية مع حدث المعركة التي أستشهد فيه
لبوزة, وبيان الجبهة القومية حول معركة ردفان الذي امتنعت القاهرة - وبالتبعية صنعاء- عن بثه عبر
إذاعاتهما ثم وافقت القاهرة بعد أسبوع من كتابته على بثه فبث من القاهرة وصنعاء وتعز, وغير ذلك من
التفاصيل والحقائق الكثيرة "الموثقة" قد ضمنته مشروع كتابي حول تاريخ ثورة 14 أكتوبر والاستقلال
الوطني والتآمر الذي بدأ فور الاستقلال لإسقاط حكومة الاستقلال الفتية, ولم أعد أستطع حذف أو تعديل شيئ
منه تحت أي ظرف فقد سبق السيف العزل مرة أخرى لأنني سلمت لصديق نسخة من الكتاب في 18 أكتوبر
الجاري ليطبعه بإذن الله بالخارج طباعة فاخرة تليق بمضمون الكتاب وهذا إضافة للكمية التي سأطبعها بإذن الله
باليمن لتكون بسعر يجعله في متناول كل قارئ مهتم وستباع النسخة بسعر أقل من سعر التكلفة وسأتحمل
الفارق من جيبي إكراماً للقارئ "المهتم" بالبحث عن حقائق تاريخنا الوطني الذي أشبعه الكثيرون تزويرا إما
لأغراض شخصية خسيسة أو لأغراض سياسية خبيثة أو لتبرير هزائمهم الساحقة أمام الجبهة القومية.
وأود أن أوضح شيء هو واضح أصلا, ولكن فقط كي لا يسيء أحد تفسير ما جاء عن لبوزة في مقالي هذا,
فأوضح بإن ما تقدم من حقائق ليس فيه ما يسيء للشيخ راجح غالب لبوزة فلم أقل بأنه نسب لنفسه شيئاً غير
صحيح أو أي عنتريات غير صحيحة, وهو ليس مسئولا عن العنتريات الفارغة التي يروج لها بعض أقاربه
وجماعته. لبوزة كان مناضلا ومقاتلا شجاعاً, فرحمة الله عليه.
وبالأخير أقول: كم تعرض تاريخك يا ثورة 14 أكتوبر المجيدة لمحاولات التزييف والإضافة والحذف وكل ذلك
بغرض تشويه وجهك المضيء الجميل .. لقد تآمروا عليك منذ مولدك وأستمر التآمر عليك بعدما حققتي نصراً
عظيماً للجنوب ولكل الشعوب المكافحة وحركات التحرر الوطني ألا وهو الاستقلال الوطني المكتمل السيادتين
الداخلية والخارجية (لذا يوصف بأنه "ناجز" أي "مكتمل" وهذا أوضحه في مقالاتي بمعدل مرتين سنوياً
لأنني دائماً أجد من القراء من يسألني عن معنى كلمة "ناجز" التي يوصف بها استقلال الجنوب في 30
نوفمبر 1967). . وفي ذكراك 47 العطرة أقول لك سلام عليك ياثورتنا المجيدة والوحيدة في الوطن العربي
التي انتزعت الاستقلال عن الحكم البريطاني بالكفاح المسلح المنظم .. وسلام على شهدائك .. وعلى من ناضل
في إطارك بشرف وإخلاص .. وسلام على من قادك بنجاح حتى انتصرت بتحقيق استقلال "ناجز" لما كان
يعرف بالجنوب العربي.
وسيتواصل حديثي إلى القراء المهتمين في مقال آخر في الأسبوع القادم بإذن الله لأبين زيف مقولة "واحدية
الثورة اليمنية" وفي مقال يليه سأرضي فضول القارئ فأبين جانباً مما يثبت أن الرسالتين المذكورتين مزيفتين
واختلقتا بعد مقتل لبوزة, فلن أترك تاريخنا الوطني ليصير "ملطشة" بيد كل من هب ودب, فإلى اللقاء.
*من بعد كفاح ونضال بسلاح
وسجون رهيبة ما ترحم
*رغم التهديد ما هبنا وعيد
خلينا الآلي يتكلم
*واللي استشهد علشان نسعد
بفجر جديد علشان يولد
*في الجنه يهيم في حرير ونعيم
النور في ضريحه يتجدد
*والله ما ننساه ولا ننسى خطاه
ذكره واسمه يتردد.