في كل الأحوال يبقى ما نخطه أنا وأنت وهو وهي مجرد وجهات نظر ، وتحليلات تعتمد على الرأي الشخصي في تقييم الأحداث وتفسيرها ، ولا يمكن الجزم بصحتها أو نفيها في غياب الأدلة والإثباتات الدامغة ، وهذا هو العنصر الذي تفتقر إليه مجمل الكتابات اليوم إلا فيما نَدُر ، ,ولأن قدرنا أن نعيش حواراتنا بعيداً عن كبارنا ممن يُفترض أنهم قيادات ومراجع ، وأن نتعشم الكتابة إليهم دون أن ننتظر الرد ، فقد اختمر في داخلي سؤال : ماذا لو كنت أنا أحد الذين خاطبتهم في رسالتك ، ولنقل افتراضاً أنني علي سالم البيض ! كيف سيكون ردي أو ما يشبه ردي - مع الإعتذار إلى أولئك الذين ربما يعتبرون هذا ضرباً من التطاول ، والتعدي على قدسية الرمز .. ويشفع لي في هذا أن البيض ليس معصوماً في مثل حال المهدي المنتظر ، وأن مريديه ليسوا شيَعة بما فيهم كاتب هذه السطور - لهذا أستميحكم عذراً كي أتقمص لدقائق شخصية أبو عدنان للرد عليك بما يلي :
الرفيق الدكتور / الزامكي
تحية الثورة والبناء ،،
في مستهل ردي على رسالتك العزيزة دعني أشيد بمقدمتك المطنبة في الإشادة بدورنا في إرساء دعائم النظام ، وبحزمة التدابير التي رافقت هذه التجربة الفريدة من نوعها في الوطن العربي الكبير ، تلك التدابير التي حرصنا والكل معنا على أن تسير وفق إرادة جماعية ، يغيب عنها رأي الفرد الواحد ، وتهدف إلى عموم الفائدة لصالح قوى الشعب العاملة .
تُنحي باللائمة علينا جراء الهوان الذي لحق بنا ، وأنا أعيدك إلى ما ذكرته أعلاه ، ففي ظل توحدنا والعمل بروح الجماعة تمكنا من تحصين قلاعنا وكان جانبنا مهاباً ، وعندما شذّ رأي الفرد انقضّ البنيان الذي أسهمت في تشييده الجموع ، فما أصعب أن تبني جسراً إلى غايات المجد ، وما أسهل أن تلحق به الدمار ، ولما كان الخوف من النظر إلى الخلف والتأمل في الأنقاض والأشلاء هاجسنا فإننا قد تجاوزنا حاجز الخوف وإحباطات الأمس ، ومضينا بعزيمة لا تلين نحو آفاق المستقبل بنية الإستفادة من عثرات الماضي وإرهاصاته المريرة ، وإذا كان من عتب فهو على أولئك الذين يتمثل لهم الماضي شيطاناً يوسوس في صدورهم فيغويهم عن الحق واتباعه .
وكم يطيب لي أن أتناول في عجالتين هذه المحاور التي أوردتها بدءاً بالمحور الأول :
تفضلت أخي بالحديث عن القومية العربية والتي اكتسحت الوطن العربي في خمسينيات وستينيات القرن المنصرم ، وظاهرة اعتناقها من قبل الشعوب في القارتين الآسيوية والأفريقية ، وهذا يعني أن توجهنا يومها لم يكن تغريداً خارج السرب ، وأننا كنا مع الركب العربي ، ولم يكن بوسعنا اختراع حاضنة مستقلة عن القومية العربية ، وهي ليست سبباً فيما تشهده دولنا العربية اليوم بل أنه ( الربيع العربي ) وأكرر ( العربي ) .
تأكيدكم على جنوبية الهوية هو ما يتفق مع توجهنا وما نردده في أدبياتنا ، وإذا قُدر للقاء القاهرة أن يُعقد فسيكون هذا موقفنا ، ولكنكم تدركون تعارض هذا النهج مع نظرائنا على مائدة الحوار ، فما باليد حيلة .
المحور الثاني :
ربما نختلف في توصيف ما يجري في أبين ، فبحسب قراءتك يجب أن نسلم بأن هدف الغزاة هو السيطرة على عدن ، وأن ما تشهده مدينتا زنجبار والحوطة هو تمهيد لاجتياح عدن باعتبار هاتين المدينتين سياجاً - على حد تعبيرك - .
اجتياح عدن برأينا لا يحتاج من علي محسن الأحمر خوض معارك تفضي إلى تدمير البنية التحتية لأبين ولحج باعتبارهما تشكلان موانع تحول دون السيطرة على عدن فباستطاعة قوات الإحتلال الدخول والخروج من وإلى عدن بالصورة المعتادة يومياً باعتبار عدن خالية من أي قوى مضادة لهم عدا الحراك السلمي وعناصره لا تمتلك أسلحة ثقيلة ولا حتى متوسطة أو خفيفة ، يبقى الهدف الأساسي وهو يحمل غرضين : الأول تقاسم مناطق النفوذ في الجنوب بين آل الأحمر وأتباع الرئيس تحت مسميات مضللة ، فهناك مصلحة مشتركة في ذلك سنأتي على ذكرها في الغرض الثاني : وهو الزعم بوجود القاعدة بغية ابتزاز المجتمع الدولي بدعوى محاربة الإرهاب ، وفي الحالتين سيكون الحراك الجنوبي في مرمى هذه القوات التي تقتات كعادتها على هذه السيناريوهات الدموية المقيتة ، وربما حدا بالغرب الى التدخل كما ألمحت مشكوراً إلى هذه الجزئية في معرض حديثك .
ودعني أقول لك فيما يتعلق بالمنتديات بأنها جهود ذاتية لم يحتكر مؤسسوها هذه التسميات للغرض الذي قد يفسره البعض خطأ ، وبرأيي أن العبرة بما تجود به هذه المنتديات من عطاء يشكل رافداً لمسيرتنا نحو الإستقلال ، وعلى الجميع أن يتعاملوا مع هذه المنتديات بتجرد ، واضعين نصب أعينهم مصلحة قضية الجنوب في المقام الأول بغض النظر عن التسمية التي يفترض أن تشكل حافزاً للتنافس الشريف بين أبناء الجنوب على مختلف مناطقهم ومؤتلف ثقافتهم .
المحور الثالث : لا يوجد .
المحور الرابع :
ليس كل ما يُقال في المنتديات الألكترونية يعبر بالضرورة عن رأي القيادة ، وهناك ما يتفق مع رؤانا فنعتبره طرحاً إيجابياً يدعونا في أحيانٍ كثيرة إلي إيجاد همزات وصل مع حملة تلك الأقلام ، وهناك من يكتب نقيضاً لتوجهنا ، وهذا نحترم رأيه وله علينا حق الإختلاف باعتبار أن الإختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ، والطرح المنطقي بالنتيجة هو الذي يفرض نفسه ، فلا يستطيع شخص مهما كانت براعته في الكتابة أن يغير في قناعات الناس إلا بما يمتلكه من حجة وما يكتسبه من سلامة المنطق .
نقدّر لك حرصك الشديد على إيصال رسالتك ، وها قد تم التجاوب معها بكل ممنونية ، ونثمن عالياً شعورك النبيل تجاه قضية أهلك ووطنك .. كما يسعدنا تواصلكم دوماً .
تحياتي واحترامي
علي سالم البيض
__________________
طلائعُ ثوّار الجنوبِ تآزروا ... وساروا على دربٍ عليهِ تَدَرّبوا
ألا إن شعبي اليومَ أمضى عزيمةً ... وحربُكَ للمُحتلّ يا صاح واجِبُ
التعديل الأخير تم بواسطة طائر الاشجان ; 2011-09-13 الساعة 12:58 PM
|