[المنظار]

دولة الجنوب ، بين سنوات الوحدة والتركة الثقيلة .
لم تكن الوحدة في الواقع مجرد احتلال الشمال للجنوب ونهب ارضه وثرواته وتشريد شعبه ، لكن الماساة تمتد الى أبعد من ذلك
وتحتاج بعد الاستقلال الى وقت طويل وجهد جبار لاصلاح ما افسده الدهر - دهر الاحتلال لاكثر من عشرون عاما -
نعلم ان الشعب في الجنوب يخوض غمار ثورته ضد نظام الاحتلال اليمني منذو خمس سنوات ، وقد رسم هدفه بنيل الحرية
والاستقلال ، وفي حساب حقائق التاريخ وتجاربه فأن النصر أمر حتمي طالما كان ذلك متعلقا بإرادة الشعب - أي شعب في العالم -
يسعى الى الحرية والتخلص من براثن الظلم والاضطهاد أي كانت صوره .
لكن يبقى الهم الأكبر والتحدي الاصعب بعد تحقيق الاستقلال ، هو كيف نمحو آثار ثقافة الفساد التي توغلت في المجتمع الجنوبي
طوال سنوات الوحدة .؟؟
ولا يمكن الاستهانة بهذا الأمر ، أو التقليل من مخاطره التي ستقف عائقا كبيرا أمام حركة البناء والتطور ومأسسة الدولة الجنوبية المنشودة
على كافة الاصعدة وبناء نظام مالي وإداري على أنقاض سلطة الفرد ونظام العشوائية وثقافة الاختلاس ونهب المال العام
واستباحة ممتلكات الافراد وانتشار ظاهرة الرشوة والمحسوبية .... الخ
كل هذه الاشكاليات ستكون محل اختبار حقيقي أمام المجتمع الجنوبي والنظام السياسي القادم ، فكيف السبيل في هذه الحالة
الى اجتثاث هذه الظواهر والثقافة القاتلة لأي تطور أو تنمية في الجنوب ؟
والى أي مدى سوف يتقبل الافراد والموظفون على كافة مستوياتهم ، التخلي عن ظاهرة الفساد الذي الفه ومارسه الكثير ابان سنوات الوحدة ؟
لا يمكن القول حتى نكون منصفين وواقعين ان الجنوبيين ملائكة منزهين من هذه اللوثات والامراض حتى نعبرعن قلقلنا وخوفنا منها ،
لان الشيء الاكيد ان المجتمع قد أصيب بهذه الآفات المرضية ونخرت واسفحلت في كل مفاصل حياته ، حتى اصبح الفساد هو الاصل ، والنزاهة هي الاستثناء .
موضوع للنقاش بموضوعية نطرح فيه ما يمكن من الافكار التي توائم بين مفهومين نظام صارم وحاسم ... ومجتمع متحرر من الاستبداد والظلم