عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-02-05, 12:44 AM   #2
أبو عامر اليافعي
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2008-02-14
الدولة: الجنوب العربي
المشاركات: 18,528
افتراضي

البردوني في حوار الوحدة والحرب والفن ينشر لأول مرة: كانت عدن بالنسبة إلى اليمن والجزيرة والخليج مثل باريس في الغرب والقاهرة في الشرقالخميس , 13 نوفمبر 2008 م* لا يستطيع أحد القول بأن حرب 94 انتهت ما دامت آثارها قائمة
* كل وحدة مُهيأة للانفصال، ووحدتنا منفصلة لأنها قامت على الإلغاء
* اعتاد الشمالي فتح البلدان وتدويخها، وأن يحكم باسم اليمن كله
* المؤتمر (الشعبي) مجرد لملمة، ناس ينفعوا للمظاهرات والزامل، لا للسياسة الخلاقة
* لا توجد تعددية حزبية، وإذا وُجدت أحزاب فإنها بلا قوة سياسية
* الأحزاب التي تعددت لم تبد كذلك عندما أعلن (الرئيس)علي عبد الله صالح الحرب
* الاشتراكي حزب حقيقي، لكن تعصبه حوّل شاعراً طبلاً إلى نابغة

بعض اللحظات الحرجة إذ تستدعى تجيء محمولة بشعور عذب، تماماً كما تفعل السنون في الحزن على أحبة رحلوا، وحين تكون «اللحظة الحرجة» في حضرة عبد الله البردوني تعلن العذوبة عن نفسها في هيئة ابتسامة عريضة!
كنت قد أعددت جيداً لمحاورته محدداً المحاور وفيها أسئلة مصاغة وكلمات مفاتيح، وذهبت اليه مطمئناً إلى أنني أوفيت بوعد قطعته له بأن تكون الاسئلة غير نمطية واستثنائية حسبما اشترط.
كان ينتظرني أعلى السلم أمام غرفته في الدور الثاني من منزله الذي أمضى فيه السنوات الأخيرة من عمره. صافح ورحب. وقبل أن يتفضل بدعوتي إلى الجلوس باغتني أنا المقيم في سباتي الهني، القادم من حصن المعارضة المنيع, بسؤال جاء مموهاًَ في مظهره عارياً في مخبره: هل تضمن لي أنك جئت وحدك؟
كان يعرف انني جئت وحيداً ممثلاً لصحيفة معارضة هي «الوحدوي»، وقد استجبت للتحدي الماثل قائلاً: أضمن لك ذلك منذ مغادرتي الصحيفة حتى ركوب التاكسي الذي أقلني إلى منزلك, بعدها لا أضمن شيئاً!
تعمدت قول ذلك بنبرة هازئة، لتمويه صدمة السؤال، لكن الاحتدام المكتوم في كلامي لم يكن ليراوغ الذي «يرى بسمعه» فإذا هو يتعمد التبسط في الحديث معي بادئاً، بما فهمت أنا أنه اعتذار ضمني، بالإشارة إلى حالة الحصار المفروضة عليه اعلامياً بحيث لا يكاد صحفي يصل إليه إلا بعد أن يكون مرَّ بمرحلة «فلترة» لدى جهات معنية!
دعاني إلى الجلوس في حجرته الصغيرة التي تصور البعض أن جدرانها هي حدود عالمه الطبيعي والابداعي معاً. وأضاف بنغمة يفوح منها السرور أنه أدلى صباح اليوم بحديث إلى فريق من الـــ B.B.C من وراء «الجماعة» (كان يفترض أنني أعرف من يقصد بالجماعة)، وزاد وكلماته الشامته تسابق قهقهته الشهيرة:« سيباغتون حين يبث الحديث».
نشر الحوار على حلقتين في صحيفة «الوحدوي» في 21 و28 إبريل 1998. وبعد نشر الحلقة الثانية، اتصلت به لغرض الكتابة للصحيفة، وقد سألته عن أصداء الحوار، وفيما يشبه تحوط «رجل في حالة حصار» أبدى عدم ارتياحه للعناوين الإبرازية المثيرة التي صاحبت النشر بدءاَ من مانشتات الصفحة الأولى.فبادلته اللعب بتذكيره بأن كل العناوين الضاجة مختارة مما قاله. فاستدرك قائلاً: الصحفي الجيد هو من يفعل ذلك.
وقد عرفت منه، ومن آخرين، أن مسؤولين رفيعين هاتفوه مغاضبين فور نشر الحلقة الأولى. وكنت أدرك أن الغضب مما قاله ليس سوى محطة في سياق غضب ممتد عليه جراء آرائه الانشقاقية بشأن الوحدة والديمقراطية والحكم.
بروحية شاعر استثنائي يستعصي على التنميطات الوحدوية والانفصالية الرائجة هذه الأيام, يواصل البردوني توجيه ضرباته المباغتة، حتى بعد 9 سنوات منه رحيله.
وفي هذا الحوار غير المنشور، الذي حصلت «النداء» على نسخة منه قبل شهور، يؤكد الرائي على «ثوابته» التي أعلنها قبيل قيام الوحدة اليمنية بأشهر وبعد الحرب. فالوحدة التي أراد خطأ، والحرب خطيئة، والتعددية الحزبية خرافة، وحرية التعبير وهم، والنظام السياسي رئاسي أوتوقراطي.
في 14 فبراير 1995, أي بعد 7 أشهر من انتهاء حرب صيف94، التقى الزميل رشاد ثابت الشاعر البردوني في منزله، وحاوره في الفن والأدب والسياسة.
سنتذاك كانت العتمة هي المتوَّجة بظلال الحرب ودخان القذائف، ولم يجد الحوار طريقة إلى النشر. وإذ تنشر «النداء» مقتطفات منه، لتلفت الانتباه إلى أن البردوني عبَّر غير مرة عن المواقف ذاتها حيال الوحدة والحرب والحكم. وقد استمعت منه في لقائين لآرائه في الوحدة والحرب، ومنها استهجانه موقف النخب السياسية من حرب 94، إذ قال: «هل أحد يرضى باقتلاع الجنوب... لو كانت الأحزاب حقيقية لما فُرض عليها ذلك»، و «اليمن شعب واحد، لكن ماعرفنا (يوماً) دولة واحدة»، و«الانفصال قائم مادام هناك غالب ومغلوب، ويمن محكوم بفرد».
قال ذلك وأكثر منه، وبحساسية الفنان الذي كانه، وبعينيْ «وحدوي» حقيقي رأس أول كيان مدني وحدوي يمني (إتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين)، تنبأ بعدم امكانية استمرار الحالة التي أفرزتها الحرب، وقال: «انتظروا ما سوف يحدث».
*سامي غالب

* حوار: رشاد ثابت
> جنوبيون في صنعاء شماليون في عدن
يمانيون في المنفى ومنفيون في اليمن
هذه الأبيات أستاذ عبد الله، من إحدى قصائدك، هل ما زالت تتمتع بفاعلية في مدلولها على صعيد الواقع، أم أن لها دلالة ضمنية الآن كيف؟
- القصيدة ما زالت قضيتها قائمة، وما يزال الجنوب جنوباً والشمال شمالاً، وما زال جنوبي في صنعاء شمالي في عدن. الظواهر كلها كما كانت، لأنه لم تحدث تغيرات ثقافية وتغيرات اقتصادية واجتماعية فتحل مفهوماً مكان مفهوم. ظلت المفاهيم القائمة قائمة. ليس عيباً أن يكون هذا جنوبيا وهذا شماليا، ليست المسألة الجهة أو الانتماء لأي جهة، المسألة: الإنسان، الذي يقدر أن ينفع في الشمال وينفع في الجنوب، وإذا كان أنفع في الجنوب يا حيا الله. كل ما يحدث من خير لشطر فهو في صالح الشطر الثاني. القضية ما زالت قائمة، وقائمة على أشدها، ولا بد أن الحرب أججتها وفجرت لها أبعاداً بعيدة وأغواراً لا أحد كان يظن أنه سيصل إليها، لأنه لم يسبق أن قامت حرب بين الشطرين، ولا سبق أن حدث هذا الهجوم الكاسح الذي يتكون من نصف مليون بما فيه الدبابات والطائرات والمدافع والصواريخ.
> ولكن وقعت حربان في عام 1972 و1979!
- لا. كانت هذه حركات حدودية ما تجاوزتها، لكن هذه (حرب 94)وصلت إلى أعماق العاصمة عدن والمكلا. لأن الجماعة الذين في عدن (لم يحسنوا تقدير) موقف هؤلاء ومقدار قوتهم وماذا أعدوا للحرب. (الرئيس وحلفاؤه) أعدُّوا لحرب كبرى، وهم (الاشتراكي) ما أعدوا لحرب كبرى وقوتهم صغيرة وقسموها قسمين، في عدن والمكلا، وكان ينبغي المحافظة على العاصمة بكل ما هناك من قوة، والمكلا تبقى طالما العاصمة باقية. أهم شيء في السياسة أن تبقى العاصمة. وبعدها كل إقليم سيلحق بعاصمته. لكن كانوا يظنون أن القتال على البترول وكانوا يتصورون أن علي عبد الله صالح سوف يصل إلى المسيلة حيث آبار النفط ويتوقف. لا، الرجل كان يعدُّ لحرب كاملة، وكان ينبغي أن يعرفوا، لا أدري، هم ما عرفوا أو أنهم ما قدروا أو أنهم تصوروا الحرب تصوراً، ما رأوها من علوم حربية: يعرف موقف العدو، كم قوته، ما مدى نجاح استخباراته... هذه مسألة ضرورية للمتحاربين، وإلا سيكون غالبا ومغلوبا إذا لم يكن (هناك) تكافؤ في المعرفة. أتصور لو أن القوة الجنوبية احتفظت بعدن وما يتصل بها، كالضالع والعند، لكانوا انتصروا، وحتى يأخذوا المكلا، يأخذونها مدة، أيام، لأنها ليست عاصمة. إنما هو احتلال أرض، وإذا احُتُلّت أرضك وأنت صاحب عاصمة في الإقليم يمكنك تسترجعها بالاحتجاجات الدولية وبالمرافعات إلى مجلس الأمن بواسطة الجامعة العربية... كله كان يمكن أن يعود إلى أهله لو احتفظوا بعدن، لكن سقوط العاصمة أبقى البلد ليس فيه من يقول هذه بلادي!!
> أستاذ عبد الله، هل نقول إن الشعر كان بوابة ومتنفساً ووسيلة تعبيرية وحيدة، وخاصة الشعر الغنائي الأكثر تأثيراً وسماعاً منذ قيام الثورتين، سبتمبر وأكتوبر، في ظل شمولية النظامين السابقين ومنع حرية التعبير؟
- لا. الشعر وقع تحت الرقابة وتحت سلطة الرقيب سوى كان مقروءاً في ورق أو مسجلاً أو مذاعاً. الشعر كان يعاني من القمع كما تعاني الكتابات النثرية والتحقيقات الصحفية والأحاديث المجالسية أحياناً. الشعر كافح. وإلى جانب أنه كافح، فإنه حقق غاية وجوده وغاية المحافظة على قيمته في الصدق، في الصراحة، في الإيماءات المعرفية, في التهجم على القوى الظالمة... هكذا.
> يرى البعض عبد الله البردوني شاعراً أكثر منه باحثاًَ وكاتباً وأديباً وسياسياً، ما تعليقك؟
- للناس آراؤهم وهم المسؤولون عنها، وأنا أكتب الذي أرى حاجة إليه، وأنا مسؤول عما كتبته. فعلاً هناك من يقول في كتاباته لا يعتمد على المراجع العلمية ولا يشير إلى المراجع، لكن هذا غير صحيح. أنا لا أشير إلى المراجع في هامش ولكن أورد نصوص المراجع في سياق الكتاب، وأقول قال المؤلف الفلاني في كتابه كذا وكذا وأسرد كذا وكذا جملة، أو أقول قال الشاعر في ديوانه في قصيدته الفلانية وأورد كذا وكذا من القصيدة. كل كتاب كتبته تجده مليئا بالتقويسات بالنصوص بأسماء الكتب بمؤلفي الكتب، بل ومتى صدر الكتاب هذا، وفي أي مطبعة؛ لأن طباعة المطبعة تختلف عن إعادة طباعته في مطبعة أخرى. ولهذا كنت حريصاً على مراجع كل كتاب كتبته، إلا أنني لا أهمش المراجع كما يفعل الناس في الرسائل الجامعية الطلابية وفي رسائل الدكتوراه، لأن الدكتوراه والماجستير هي عبارة عن دراية للأستاذ أين وصل الطالب وهل تواتيه طبيعة البحث وهل امتلك ناصية البحث، بحيث يمكن أن يتابعه في مراجعه العامة والخاصة. الماجستير والدكتوراه ما تزال نوعاً من الامتحان، لكن الكتابة في غير هذا لا بد للواحد أن يكون أكثر حرية. وبعد، فإني ألاحظ الذين يقولون إن كتابتي غير علمية أو أكاديمية ألاحظ الأكاديميين يقرأونها بشغف. ولاحظت أنه لم يصدر كتاب في الثمانينيات إلا وأهم مراجعه "رحلة في الشعر اليمني" و"قضايا يمنية" و"اليمن الجمهوري". كل كتاب صدر بعد 1983 إلا وهذه كلها مراجع وإشارة إلى مجلات وإلى بحث في مجلة أو صحيفة أو حتى أحياناً استجواب صحفي.
> بعد أن وضعت الحرب العسكرية أوزارها وما أفرزته من وضع سياسي، كيف ترى مستقبل اليمن؟
- هو في الحقيقة لا يستطيع الواحد يقول إن الحرب انتهت، ما دامت آثارها قائمة وما دامت تداعياتها تتوالد، فالواحد (يمكن أن) يقول إن الحرب هدأت واختبأت من ظهر الأرض إلى باطن الأرض وأنها قابلة للانبعاث في أي فترة وعلى أي داعٍ من الدواعي.
> كيف ترى التمسك بالخيار الديمقراطي؟
- ما في تمسك ولا في ديمقراطية ولا في وحدة الآن. هناك حاكم واحد مفروض على الشطرين لكن ليس هناك وحدة، لأن الوحدة يجب أن تقوم بين فريقين: فريق يمثل جانباً وفريق يمثل جانباً (آخر)، ولا بد أن تقوم الوحدة من اثنين توحدا، لأنهم قالوا "يمن واحد"، قلنا إذا كان يمناً واحداً فكيف توحدوا؟ الواحد لا يتوحد وإنما يتوحد الاثنان.
> من وجهة نظرك ما هي أبرز مصاعب وإشكالات دولة الوحدة منذ قيامها والتي أدت وأفضت بها إلى الاحتراب والتدمير وإعلان الانفصال بين صناعها الحزب الاشتراكي اليمني والمؤتمر الشعبي العام؟
- ألقيت محاضرة قبل قيام الوحدة بأربعة أشهر في نادي الصحفيين في التواهي، وقلت إن كل المشاكل ستنبعث الآن من جديد، لأن الاقتراب والازدحام على المصالح هو الذي سوف يثير الحساسيات. كان (فيما مضى) هذا يعرف أنه شمالي وهذا عارف أنه جنوبي، لكن عندما توصل هذه القضية إلى زحام منفعة وإلى وصولية وظيفية لا بد أن ترتبك المفاهيم، يحدث بين أبناء المدينة الواحدة، بين أبناء المدرسة الواحدة، لأن هذا موضع الانتفاع، كل واحد يريد أكثر من الآخر، وكل يريد أن ينال ما لا يناله غيره، وكل يريد أن يصل إلى ما وصل من هو أكبر وأكفأ منه. هذه كلها توجد في الدواوين الوظائفية أو في المتاجر أو في أي مكان، لأن الاختلاف والاشتباك من طبيعة الخُلطة، الخُلطة لا بد أن تؤدي إلى عداوات وإلى منافسات، لكن فهمها والدراية بالعداوات (ضروري). يجب أن يكون هناك عداوة لأنها من طبيعة الاختلاط، ولكن لا بد أن يكون هناك شرف العداوة، يعني إذا عادى لا يبلغ المنتهي في الإساءة إلى عدوه أو يستغل به الفرص أو يهاجمه في حالة ضعفه، هذا في حالة المفهوم الإنساني وليس المفهوم السياسي. قلت لهم: لا بد أن تحصل مشاكل، قد يكون أهونها قيام حرب. وقالوا: ليش تقول كذا؟ وضاقت السلطة هنا وضاقت هناك، ولكن ما كادت تمر ستة شهور حتى قالوا صدق البردوني.
> حديثك يوحي بأنه ليس هناك أمان أو مأمن على دولة الوحدة، خاصةً وأنها تجاوزت أصعب اختبار لها؟
- كل وحدة مهيأة للانفصال كيفما كانت. أما وحدتنا فهي منفصلة من يوم قامت، لأن كل فريق كان ينوي إلغاء الفريق الآخر بهذه الطريقة أو بتلك. كان الجنوب واثقاً أن عنده حزب، عنده سياسة منظمة، وعنده (أجهزة) استخبارية منظمة، وأن علي عبد الله صالح "قبيلي" ما عنده من الرؤية السياسية ولا عنده ما يمكن أن يحمي به نفسه ويضر به غيره، لا أكثر من هذا. كانوا يريدون أن ينحوه من السياسة الكبرى أو من زحام السياسة (بحيث) يكون رئيساً رمزياً. هو عرف الوثيقة التي اشتهرت أنه لن يكون إلا رئيسا رمزيا، وأن الحكم الداخلي في يد علي سالم البيض، وهو رئيس جمهورية وذاك نائبه، والقضية كانت كلها زحزحته من المناصب المباشرة وأن يجعلونه رمزا. لكن تلك الوثيقة ظلت كما هي وظل كل واحد يشتغل من خارجها بالطريقة التي تتيسر له ويحس أنه أقدر فيها من غيره.
> تعتقد أن الوثيقة برنامج سياسي لدولة الوحدة أفضل بكثير من تصورات الحزبين الحاكمين حينها؟
- نعم. ولهذا كانت مقبولة. كانت معالجة للأخطاء التي كونتها الوحدة. وبعدها عندما دخلوا الوحدة عرفوا ماذا يريدون لكي تبقى الوحدة، فكانت الوثيقة أشبه بملتقى الآراء، كيف تكون الوحدة، لكان مقبولاً لو أنهم نظروا إلى البلد. الذين كتبوا له الوثيقة، مثلاَ كانوا يعرفون أن قادة المعسكرات من أقارب الرئيس، طيب الوثيقة تقول ما يكون القائد العسكري إلا مدة عامين؛ لهم الآن خمسة عشر عاما وهم قادة وما احد قادر يزحزحهم، فشافوا الذي يكون، لكن كيفية كونه لا ما أحد فكر فيها.
> قلت إن كل وحدة قابلة للانفصال، لكن وحدتنا من أساسها منفصلة، كيف؟
- يعني ما كان هناك ضوابط مشتركة، ما كان هناك حس مشترك، ما كان هناك تعاون على تجاوز السيئ إلى الأفضل أو تجاوز الكائن إلى الممكن، ثم تجاوز الممكن إلى المستحيل أو الذي كان مستحيلا. لكن هذه الوحدة عندما قامت كان كل واحد من الجانبين شاعر بفرديته وتميزه على الآخر. هذا يقول تميزي لأني سياسي وهذا يقول تميزي لأني شمالي. والشمالي متعود أن يفتتح البلدان ويدوخها، يعتاد أن يهاجمها حربياً، يعتاد أن يظل حاكماً بشكل أو بآخر. تكاد أن تكون الشمالية أو ما نسميها الهضاب من يريم إلى صعدة إلى كوكبان إلى حجة، بلاد جعلت من المناطق السفلى، اليمن الأسفل، تعز وإلى أطراف الجنوب، وترى أنها أحق بحكم هذا المكان، وأنها ما خلقت إلا لتحكمها، وأن كل ما فعلته لهذه المنطقة (هو) لليمن كله وباسم اليمن كله، سواءُ كان موافقا على هذا السوء أم غير موافق. وهذا يشبه المارونية في لبنان، الموارنة في لبنان بدأوا يسقطون من كونهم حكاما فقط. هؤلاء المارونيون إذا تكلموا عن مصالحهم أو عن مذهبهم فيروا أنهم معبرون عن لبنان كله. يسمون قواتهم المسلحة "القوات اللبنانية"، يسمون كتائبهم "الكتائب اللبنانية"، وكأنهم هم لبنان. في كل شعب من الشعوب منطقة تكون لها سيطرة أكثر، مثل العلويين في سوريا. وهذه الحساسية تكاد تكون غير موجودة في مصر، لأن مصر بلد جمعها نهر، وكلهم اضطروا أن يكونوا مجتمعين حوله، بفضل هذه الرابطة الإنسانية الانتفاعية كانت مصر موحدة وما في هناك مكان أو منطقة تشعر أنها الأحق تحكم الثانية ترى أن الحكم هو كفاءة وليس مناطقي.
__________________
تَهونُ عَلَينا في المَعالي نُفوسُنا * * وَمَن يَخْطَبُ الحَسناءَ لَم يُغلِها المَهرُ

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عامر اليافعي ; 2009-02-05 الساعة 01:33 AM
أبو عامر اليافعي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس