عودة المظاهر المسلحة في اليمن وازدهار تجارتها وسط تدهور أمني حاد
المصدر أونلاين - شينخوا
طغت المظاهر المسلحة على الحياة في العاصمة والمدن اليمنية الاخرى خلال الاشهر القليلة الماضية وازدهرت معها تجارة بيع الاسلحة.
ويتجول العشرات من المواطنين اليمنيين باسلحتهم في شوارع العاصمة وعواصم المدن الاخرى وبحرية تامة في ظل التدهور الامني الحاد الذي تشهده البلاد منذ اشهر. ومع انتشار المدرعات والمصفحات والدبابات في الشوارع الرئيسية بالعاصمة والمدن اليمنية الاخرى الا أن ذلك لم يقلق اليمنيين اكثر من خوفهم من امتلاك الموطنين للسلاح والتجول به في ظل وضع مشحون بالتوتر.
وتحدث عدد من المواطنيين بان ما هو مخيف بان يكون السلاح بيد مواطن، فالجيش على الاقل تحكمه قياده ويمكن السيطره عليه في اى وقت بمجرد صدور أوامر لكن المواطن امره بيده وهذه مشكله.
وقبل اندلاع الاحتجاجات المطالبة باسقاط النظام بداية فبراير الماضي كانت اختفت كافة المظاهر المسلحة ونجحت وزارة الداخلية اليمنية في منع اي شخص من التجول بسلاحه في العاصمة والمدن الرئيسية الاخرى.
وأصدرت وزارة الداخلية العام المنصرم لوائح نظمت حمل السلاح لمرافقة المسئولين والشخصيات الاجتماعية واعضاء البرلمان وتمكنت من خلال تلك اللوائح تقييد حيازة السلاح لدى جميع اليمنيين. وحاليا تشهد العاصمة صنعاء وعواصم المدن في عموم محافظات اليمن انتشار مجاميع مسلحة وبشكل ملفت ومخيف.
وفتحت العشرات من المحلات التجارية ابوابها لبيع قطع الاسلحة الخفيفة والمتوسطة في المدن اليمنية خاصة ذات التواجد القبلي الكبير.
وشاهد مراسل وكالة انباء (شينخوا) عشرات المحلات لبيع الاسلحة تفتح ابوابها وتبيع الاسلحة بكافة انواعها (المتوسطة والخفيفة) في الشوارع الرئيسية بمحافظة عمران شمال العاصمة صنعاء وتبعد عنها بمسافة حوالي 50 كم.
وقال خالد اليزيدي وهو مالك محل لبيع الاسلحة الخفيفة (مسداسات – الكلاشينكوف – البنادق وغيرها من الاسلحة الخفيفة بالاضافة إلى القنابل اليدوية) بانهم يبيعون اي قطع سلاح دون اي مانع من قبل احد وبحرية ودون اعتراض من قبل الاجهزة الامنية.
وأضاف «كنا قبل بداية الازمة في اليمن نبيع اسلحة بشكل سري وخارج المدن، والان هذا الشارع تحول بكامله الى محلات لبيع كافة قطع الاسلحة».
وتابع صاحب محل بيع الاسلحة بان هناك اقبالا كبيرا على شراء الاسلحة وكذلك الذخائر وأن الناس يأتون من العاصمة صنعاء ومدن يمنية اخرى لشراء الاسلحة من عمران والتي تتوافر فيها كل انواع الاسلحة الخفيفة والمتوسطة واحدثها.
ومع تزايد انتشار المظاهر المسلحة تستعد وزارة الداخلية اليمنية للقيام بحملات توعية لتخفيف هذه الظاهرة ولو عن العاصمة.
وانتقد مسئول امني يمني بعض المسئولين والشخصيات الاجتماعية لمبالغتهم في عدد المرافقين الذين يحملون الاسلحة ويتجولون بها على سيارات فارهة في العاصمة ومدن اخرى.
وقال الدكتور محمد القاعدي مدير عام العلاقات العامة بوزارة الداخلية للاسف الشديد عادت المظاهر المسلحة في عواصم المدن والعاصمة اليمنية صنعاء مؤخراً.
واوضح القاعدي «كانت وزارة الداخلية قامت في السابق بحملات لمنع المظاهر المسلحة وتوصلت الى نتائج مرضية ولم نشاهد اي مظاهر مسلحة في المدن، لكن حاليا ومنذ توتر الاجواء بين اطراف الازمة السياسية نشاهد شيئ مؤسف جدا لكثرة انتشار المظاهر المسلحة».
واكد ان الاحتقان الموجود بين اطراف الصراع اليمنى ادى الى زيادة انتشار السلاح، متمنيا بان تكون فترة مؤقتة وتنتهي خاصة وان رجال الامن يقومون بالتفتيش ومحاولة منع تلك المظاهر وانه تم ضبط آلاف القطع من الاسلحة في مداخل المدن خلال الاشهر الماضية. حسب قوله.
وناشد المسئول الامني اليمني كافة الموطنيين بالحفاظ على الوجه الحضاري للعاصمة صنعاء وعواصم المدن والتعاون مع رجال الامن في التخفيف من المظاهر المسلحة وانتشار الجريمة.
واشار القاعدي بان وزارته حاليا بصدد توزيع مئات الالاف من المطبوعات عن مخاطر التجول بالسلاح بالتزامن مع ايام العيد في اطار الحملات التي تقوم بها الوزارة للتخفيف من المظاهر المسلحة.
وانتقد القاعدي مسئولين وشخصيات اجتماعية يمنية لعدم تقيدهم باللوائح المنظمة لحيازة الاسلحة، وقال: «هناك مبالغة لدى عدد من المسئولين والشخصيات الاجتماعية ومشايخ القبائل في عدد المرافقين واعتقد بان هذا سببه جانب نفسي والشعور بالنقص لدى من يتصرفون بتلك التصرفات». مضيفا بان الوزارة ستقوم بمنعهم ليتقيدوا بالضوابط التي نصت عليها اللوائح المنظمة لذلك.
ويرى باحث يمني بان عودة المظاهر المسلحة في العاصمة والمدن اليمنية الاخرى ياتي في اطار تدهور الحالة الامنية وعدم ثقة المواطن اليمني بقدرة تلك الاجهزة بالاضافة الى التخوفات من انفجار الاوضاع عسكريا.
وقال الباحث السياسي اليمني طلال الخطيب بان الأحداث التي شهدتها اليمن منذ مطلع فبراير الماضي قد ساهمت بشكل كبير في زيادة مظاهر السلاح في المدن الرئيسية بشكل يثير الفزع والخوف، والأخطر من ذلك هو مظاهر إطلاق النار بحيث اصبح من الطبيعي بعد سته اشهر من الأزمة ان تسمع اصوات اطلاق النار بشكل دائم وطوال اليوم دون ان يعني ذلك وجود مواجهات مسلحه او خلافه.
وأضاف الخطيب ان هناك عدم ثقة لدى المواطن اليمني والشعور بالقلق من ناحية وتدهور الحالة الأمنية من ناحية اخرى، بالاضافة الى سعي مختلف الأطراف السياسية وتحديدا المعارضة لحشد مسلحين للمدن الرئيسية فيما يمكن وصفة التجهيز لأسوا الإحتمالات (المواجهة المسلحة) لحسم الأمور بالقوة إذا ما فشلت محاولات اسقاط النظام بالثورة السلمية. ويمتلك اليمنيون ترسانة كبيرة من الاسلحة وهو ما يثير القلق لدى الجميع من خطر اندلاع المواجهات.
واشار الباحث الخطيب إلى ان المواجهات التي شهدتها منطقة الحصبة وسط صنعاء بين قوات الامن ومسلحي قبيلة حاشد خلال الاسابيع الماضية، كشفت عن حجم الترسانه العسكرية المهولة ومن مختلف انواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيله التي تم الزج بها في المواجهات من قبل أنصار الأحمر.
وعن انعكاسات ظاهرة انتشار المظاهر المسلحة وإثارها المستقبلية قال الخطيب بان الاثار ستتركز على مسار الأزمة الحالية والمخاوف من تفجر الوضع عسكريا أو على ظاهرة (إنتشار الأسلحة) ان تم تغليب الحل السلمي عن طريق الحوار بين مختلف أطراف الأزمة ، فإنه لا بد من الإشاره إلى كون أن الأزمة الحالية سيكون لها تداعياتها الخطيرة التي لن تنتهي بانتهائها على صعيد (ثقافة الإحتكام للسلاح) و(تراجع مفاهيم الإحتكام للدولة والنظام والقانون).
وكانت اخر احصائية لمنظمة دار السلام لمكافحة العنف اليمنية (منظمة مدنية) اكدت وجود (13) سوقاً للسلاح تنتشر في أرجاء مختلفة من اليمن، وتضم مئات المحلات التجارية وان هناك أكثر من (9) ملايين قطعة من السلاح الخفيف في اليمن، يملكها موظفو الحكومة، ورجال القبائل، والباعة، وأن سوء استعمال الأسلحة يؤدي إلى وفاة وإصابة (1200) مواطن يمني على الأقل سنويا.
http://almasdaronline.org.org/index....&news_id=23062