سقط القذافي … من التالي؟
سقط القذافي بعد شهور طويلة من المواجهات الدموية، وسقطت "امبراطورية" من كرتون انشأها على اكتاف الليبيين وبثرواتهم. انها علامة من علامات الفجر العربي الجديد تقترب فيه نهاية "جمهوريات الصمت" التي قامت على العسكريتاريا، ولم تصنع سوى المآسي لشعوبها. انها نهاية مرحلة كان يجب ان تنتهي قبل عقدين لكنها استمرت تحت شعارات واهية كالثورة او الممانعة او المقاومة. وجل ما فعلته تلك الانظمة انها حولت دولها معتقلات كبيرة وحولت معها شعوبا بأسرها افواجا من المعتقلين، او المهاجرين قسرا، او المقموعين بوحشية، او الاموات. هذه هي تركة تلك المرحلة السوداء من تاريخ العرب. هكذا كانت في كل مكان من مصر الى تونس، فالعراق وسوريا. بعض تلك "الجمهوريات" سقط كـ"جمهورية معمر القذافي"، وبعضها الآخر آيل الى السقوط مهما اهدر من دماء في سبيل اطالة عمره المستقطع بانتظار النهاية المحتومة.
إن سقوط القذافي في هذه اللحظة بالذات يشكل حافزا اضافيا للثورة السورية على الاستمرار. ولعل ما قاله المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو بأنه يمتلك تقارير تفيد بأن النظام في سوريا ارتكب فظاعات ما يشير الى ان ساعة المحاسبة تقترب بخطى حثيثة. وما تأكيد المفوضة العليا لحقوق الانسان نافي بيلاي خلال الجلسة المغلقة الاخيرة للمجلس على ضرورة محاسبة مرتكبي الجرائم ضد الانسانية في سوريا سوى انطلاقة لماكينة العدالة الدولية التي ستجعل من النظام بأركانه كافة، وعلى رأسهم بشار الاسد، في وضعية الملاحقين دوليا. ومن هنا لن يعود الخطاب الخشبي كالذي تميزت به مقابلة الاسد الابن التلفزيونية اول من امس ذات معنى حقيقي، ولن تعود للحديث عن ان سوريا تتعرض لمؤامرة بسبب مواقفها المقاومة والممانعة قيمة. فالمقاوم الحقيقي لا يقتل شعبه ويتلذذ، ولا يعمل على تأبيد حالة الظلم التي دامت لأكثر من اربعة عقود.
لقد وصف احدهم مقابلة الاسد الابن مع التلفزيون الرسمي بأنها اتت من خارج هذا العالم، وانها اكدت بما لا يقبل الشك ان النظام يستحيل اصلاحه، وان مستقبل سوريا لا يمكن ان يبنى مع هذا النظام ولا مع رئيسه الذي اختار بملء ارادته ولوج طريق القتل والاضطهاد املا في كسر ارادة الشعب في التغيير. ومع ان الثمن باهظ، فإن سقوط الفي شهيد وما يزيد ما كان كافيا لكسر ارادة الشعب في اسقاط جدران ذلك السجن الكبير الذي بناه حافظ الاسد.
إن نهاية القذافي يجب ان تخيف الطغاة وقتلة شعوبهم. ويجب ان تفيدهم بأن من يسير عكس منطق التاريخ، وعكس ارادة شعب ثائر من اجل الحرية والكرامة، ينتهي به الأمر الى ان يجرفه التاريخ وتكسحه ارادة الشعب الذي خرج كي لا يعود اياً تكن الاثمان. فمن تراه التالي؟
علي حماده
http://www.annahar.com/content.php?p...alat &day=Wed