عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-08-21, 02:26 AM   #5
شيخ الطيور
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2009-07-20
المشاركات: 2,206
افتراضي

التغيير السياسي* ‬في* ‬اليمن ومستقبل دولة الوحدة
علاء عبد الرزاق


تحاول هذه الورقة دراسة الاحتمالات التي* ‬تتمخض عن حركة الاحتجاج في* ‬اليمن وما الذي* ‬يمكن أن تسفر عنه على صعيد تزايد الاحتمالات الخاصة بانفصال الشطر الجنوبي* ‬من البلاد عن دولة الوحدة التي* ‬تأسست في* ‬عام* ‬1990* ‬وعوامل إخفاق هذه التجربة ودراسة السيناريوهات المحتملة للوضع في* ‬اليمن*.‬ لم* ‬يكن التوتر الحالي* ‬في* ‬اليمن وليد لحظة الاحتجاجات العربية التي* ‬اندلعت خلال الأشهر الأولى من هذا العام ذلك أن شرارته الأولى تعود إلى عام* ‬*,‬1994* ‬أي* ‬منذ أن أضحت الوحدة اليمنية تتجاذبها نار الصراع بين الشمال والجنوب،* ‬وبدا إخفاق هذه التجربة على المحك،* ‬ومنذ أن عالجت الحكومة اليمنية التمرد الحوثي* ‬بأساليب من شأنها أن تديم حالة من الصراع بين مكونات المجتمع اليمني* ‬بدلاً* ‬من أن تفضي* ‬إلى حالة من الوئام والاستقرار*. ‬ومع هذه العوامل هنالك عوامل تتعلق بالفشل الذي* ‬لحق بممارسات الدولة القطرية العربية عموماً* ‬والدولة في* ‬اليمن ومنها الرغبة لدى النخبة الحاكمة في* ‬الاستحواذ على الأركان الأربعة السلطة والثروة والأمن والمرجعية من دون فسح المجال لوجود مجتمع مدني* ‬قادر على موازنة سلطة مهيمنة* ‬غاشمة تستند إلى الولاءات القبلية والعشائرية لإدامة حكمها،* ‬وتحاول في* ‬الوقت ذاته أن تديم حالة من الشرعية أو تدعي* ‬التواصل معها باسم الثورة والتحرر وتأسيس دولة الوحدة مع العلم أن دولة الوحدة هذه لم تؤسس على قاعدة صحيحة* ‬يجد معها أبناء الشعب الواحد أن هنالك مصلحة مشتركة في* ‬إدامة حالة الوحدة والانسجام بين شقي* ‬اليمن،* ‬فلاتزال النخب السياسية العربية تعتقد أن الحالة المثلى للوحدة هي* ‬التي* ‬تتماثل مع الأنموذج الروسي* ‬الذي* ‬يقوم على الحديد والنار من دون إدراك أن هنالك نماذج أخرى للوحدة تقوم على إشاعة الثقة المتبادلة بين الأطراف المشاركة في* ‬الوحدة أو الاتحاد،* ‬الأمر الذي* ‬أفضى لأن تكون الحالة السائدة في* ‬المجتمع السياسي* ‬العربي* ‬هي* ‬العمل على تجزئة التجزئة بدلاً* ‬من لم شعث الأطراف التي* ‬تمت تجزئتها أصلاً* ‬بعد الحرب العالمية الأولى وكنتيجة حتمية للاتفاقيات المبرمة بين الدول الاستعمارية الكبرى*. ‬ الحراك الجنوبي*: ‬عوامل التحرك* ‬ لابد من القول إن هنالك جملة من العوامل الداخلية والإقليمية التي* ‬دفعت نحو تدعيم أسباب الرغبة لدى قطاع كبير من أبناء جنوب اليمن بالانفصال عن دولة الوحدة والرغبة في* ‬العودة إلى إعلان جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي* ‬كانت قائمة قبل مايو* ‬*,‬1990* ‬فهناك رغبة في* ‬الاستحواذ بشكلٍ* ‬كامل على مقاليد السلطة وعدم الرغبة في* ‬توسيع إطار المشاركة بالشكل الذي* ‬يستوعب الاختلافات الموجودة أصلاً* ‬بين أيديولوجيتي* ‬حزب المؤتمر الحاكم في* ‬الشمال والحزب الاشتراكي* ‬الموجود في* ‬الجنوب،* ‬وحينما تكون العقلية السائدة لدى النظام السياسي* ‬هي* ‬الرغبة في* ‬الانفراد بتسيير أمور البلاد والعباد من دون الأخذ في* ‬الاعتبار حجم ونوع المكونات الأخرى وقدرتها على التأثير في* ‬المسار السياسي* ‬حاضراً* ‬أو مستقبلاً،* ‬ولابد من تأشير حالة تكاد تكون سائدة لدى الأنظمة العربية وهي* ‬عدم الرغبة في* ‬الإبقاء على خط* ‬يتم فيه الشروع بالرجعة مع تيار سياسي* ‬أو مكون مجتمعي* ‬في* ‬حالة بروز صراع سياسي* ‬في* ‬مرحلة تاريخية ما،* ‬والتعنت بالرأي* ‬إلى حد التقديس وتخوين الطرف المقابل،* ‬الأمر الذي* ‬لا* ‬يجد معه الطرف المقابل سوى التطرف في* ‬المطالب ورفع سقفها حتى تصل إلى مستوى* ‬يفضي* ‬إلى الانشقاق أو الانفصال عن الوضع السياسي* ‬القائم*. ‬ومن المعروف أن الحراك قد تأسس في* ‬عام* ‬2007* ‬كإطار عام* ‬يتم من خلاله تنشيط الفعاليات السياسية الموجودة في* ‬اليمن الجنوبي* ‬من أجل التخلص من هيمنة الشمال،* ‬ويعتقد أعضاء الحراك ومعهم الأعضاء السابقون في* ‬الحزب الاشتراكي* ‬أن الوحدة التي* ‬أعلنت في* ‬عام* ‬1990* ‬كانت بمثابة خديعة،* ‬إذ إن جنوب اليمن الذي* ‬كان أكثر تطوراً* ‬من الناحيتين السياسية والاقتصادية قد خضع لحكم قبلي* ‬عائلي،* ‬وإذ تطورت مطالب الحراك من المطالبة بالاستناد إلى حكم القانون إلى المطالبة بالانفصال بشكل تام عن الجمهورية اليمنية،* ‬ويرى الكثير من الجنوبيين أن انفصال جنوب السودان والإعلان عن تشكيل دولة جديدة في* ‬هذه الرقعة قد* ‬يشكل عاملين،* ‬المهم بالنسبة لهم رغم أن التجربة الجنوبية في* ‬اليمن تتفوق على التجربة الجنوبية في* ‬السودان من خلال وجود حقيقة أساسية وهي* ‬أن جنوب اليمن كان دولة مستقلة في* ‬يوم ما وكل ما* ‬يحتاجه الجنوبيون اليوم هو إعادة الروح لبنى وهياكل الدولة التي* ‬ذابت في* ‬الوحدة قبل أحد وعشرين عاماً،* ‬وقد* ‬يراهن الكثير من اليمنيين المتضررين من حكم الرئيس علي* ‬عبدالله صالح على أن الوضع السياسي* ‬في* ‬الشمال وما سوف تتمخض عنه حركة الاحتجاجات* ‬يمكن أن* ‬يسفر باتجاه إقناع أعضاء الحراك الجنوبي* ‬ونسبة كبيرة من أبناء الجنوب بضرورة البقاء في* ‬إطار دولة الوحدة والعمل على إجراء إصلاحات شاملة وجذرية في* ‬بنية النظام السياسي* ‬اليمني* ‬القائم*. ‬ عوامل إخفاق دولة الوحدة كثيرة هي* ‬الأسباب التي* ‬يستطيع المتابع للوضع في* ‬اليمن أن* ‬يؤشرها والتي* ‬أفضت إلى خاتمة تكاد تكون مأساوية لتجربة وحدوية بين شقي* ‬بلد واحد،* ‬وهو ما* ‬يمكن أن* ‬يؤشر إلى الفشل الذي* ‬حاق بالتجارب الوحدوية العربية عموماً،* ‬ولعل أبرز عوامل الفشل تجسدت في* ‬الاختلاف الموجود بين المجتمعين الشمالي* ‬والجنوبي* ‬لليمن،* ‬فالمجتمع الجنوبي* ‬كان بشكل عام ونتيجة لظروف تاريخية،* ‬لا* ‬يسع هذا المقال ذكرها،* ‬أكثر انفتاحاً* ‬على التيارات السياسية الحديثة ومظاهر الحضارة بشكل عام ونقطة التقاء وانصهار لعددٍ* ‬من الثقافات والجنسيات،* ‬الأمر الذي* ‬ولّد أنموذجاً* ‬للشخصية اليمنية الجنوبية تختلف بشكل كبير عن أنموذج الشخصية الشمالية،* ‬والتي* ‬تقوقعت بفعل عوامل العزلة الطويلة عن أي* ‬مؤثرات خارجية،* ‬الأمر الذي* ‬رسّخ من هيمنة النظام القبلي* ‬والمؤسسات الدينية على بنية النظام السياسي* ‬في* ‬الشمال*. ‬وبالمقابل فقد ترسخ الأنموذج الماركسي* ‬اللينيني* ‬في* ‬الجنوب ومن شأن هذا التنافر بين طبيعة نظامين سياسيين أن* ‬يولد بالنسبة للجيل الذي* ‬ولد ونشأ وترعرع في* ‬ظل نظام سياسي* ‬كالنظام الذي* ‬كان موجوداً* ‬في* ‬اليمن الجنوبي* ‬قبل عام* ‬1990* ‬اختلافاً* ‬يكاد* ‬يكون جذرياً* ‬عن الجيل الذي* ‬نشأ وترعرع في* ‬ظل النظام السياسي* ‬الموجود في* ‬الجزء الشمالي،* ‬والاختلاف في* ‬النمط السياسي* ‬يعني* ‬فيما* ‬يعنيه اختلافاً* ‬في* ‬الرؤى والتطلعات والأنماط الشخصية،* ‬وقد* ‬يرد على هذا الرأي* ‬الاختلاف الذي* ‬كان قائماً* ‬بالنسبة لشطري* ‬ألمانيا الغربية والشرقية والانسجام الموجود حالياً* ‬بين الشعب الألماني* ‬الواحد*. ‬والحال أن التجربة الألمانية في* ‬الوحدة مختلفة بشكل جذري* ‬عن التجربة اليمنية الفقيرة،* ‬فألمانيا كانت موحدة قبل عام* ‬1945* ‬وعادت وتوحدت في* ‬عام* ‬*,‬1991* ‬أي* ‬أن الحقبة التي* ‬فصلت الشعب الواحد لم تكن بالحقبة الطويلة التي* ‬رافقت انفصال شطري* ‬اليمن منذ احتلال عدن وإعلانها محمية بريطانية في* ‬عام* ‬*,‬1878* ‬فضلاً* ‬عن أن التجربة الألمانية قد استندت إلى رغبة حقيقية لدى الشعب الواحد في* ‬الشطرين الشرقي* ‬والغربي* ‬بالوحدة والاندماج،* ‬كما أن سكان الجزء الشرقي* ‬من ألمانيا كانوا تواقين فعلاً* ‬للاستفادة من ثمار التقدم العلمي* ‬والصناعي* ‬والتكنولوجي* ‬الذي* ‬وصلت إليه ألمانيا الغربية،* ‬لكن ما الذي* ‬كان* ‬يستطيع تقديمه الشطر الشمالي* ‬من اليمن لشقيقه الجنوبي* ‬غير حكم عسكري* ‬يستند إلى شرعية ثورية مزعومة وحشد من التحالفات القبلية المنتفعة من الامتيازات التي* ‬منحها النظام للقبائل المقربة منه*. ‬ولقد شكا الجنوبيون من أن دولة الوحدة سلبت منهم هويتهم التي* ‬كانوا* ‬يعتزون بها وهي* ‬هوية تستند إلى حالة من الانفتاح والتسامح وعدم الانغلاق ونبذ التعصب،* ‬ويشير الكثير منهم إلى أن النظام القبلي* ‬في* ‬اليمن لم* ‬يكتف بسلب الأراضي* ‬وممتلكات أبناء الجنوب،* ‬بل سلب حتى طرزهم وطرقهم في* ‬العمارة والفن والتعبير عن المشاعر،* ‬ومن شأن مثل هذا الاستلاب أن* ‬يولد حالة من الشعور بالإحباط واليأس والاندفاع المستميت نحو تأييد أي* ‬تحرك سياسي* ‬يؤدي* ‬إلى تغيير الوضع القائم والعودة إلى تنظيم سياسي* ‬واجتماعي* ‬يجد فيه الفرد مجالاً* ‬للتعبير عن كامل تطلعاته ورؤاه من دون تهميش أو كبت*. ‬ ولعل من مساوئ التجارب الوحدوية في* ‬المنطقة العربية،* ‬ومنها التجربة الوحدوية في* ‬اليمن،* ‬هو اعتماد الطرف الذي* ‬هيمن على مؤسسات الوحدة على تجيير حالة الوحدة لصالحه الشخصي* ‬وعدها بمثابة مكسب سياسي* ‬يجيز له أن* ‬يتمترس في* ‬السلطة والاستفادة من منافعها وامتيازاتها لأمدٍ* ‬غير محدود والنظر في* ‬الوقت ذاته من علٍ* ‬للمجتمع الذي* ‬خضع حديثاً* ‬لهيمنته السياسية،* ‬وهو ما وقع فيه الرئيس علي* ‬عبدالله صالح،* ‬وأدى إلى شرخ كبير بين النخب السياسية في* ‬الشطرين الشمالي* ‬والجنوبي* ‬وبالشكل الذي* ‬حفز الرغبة في* ‬الانفصال لدى سكان الجنوب*.‬ ولعل أبرز الاحتمالات التي* ‬سوف* ‬يفضي* ‬إليها الوضع في* ‬اليمن تقوم على*: ‬ 1*- ‬نهاية وشيكة لحكم الرئيس علي* ‬عبدالله صالح لاسيما بعد أن انتهت الحلول التي* ‬قدمتها المبادرة الخليجية إلى طريق مسدود وتطور الأعمال الاحتجاجية في* ‬عدن وسائر مدن الجنوب إلى حركة انفصالية بكل معنى الكلمة والعمل على إعلان جمهورية اليمن الجنوبية*. ‬ 2*- ‬بروز قيادات* ‬يمنية جديدة ذات أفق ديمقراطي* ‬متنور قادرة على استيعاب مطالب أبناء الجنوب،* ‬وبالتالي* ‬الإبقاء على دولة الوحدة،* ‬لكن بمؤسسات وبنى جديدة تقوم على الاعتراف بالمطالب الخاصة بسكان الشطر الجنوبي* ‬من اليمن والعمل على إرساء شكل جديد من الاتحاد قد* ‬يكون اتحاداً* ‬فيدرالياً* ‬بدلاً* ‬من دولة وحدوية وهو ما* ‬يأمله كاتب هذه السطور*.‬ 3*- ‬استمرار الصراع بين المؤسسة العسكرية في* ‬الشطر الشمالي* ‬من اليمن والحراك الجنوبي* ‬ودخول البلاد في* ‬أتون حرب أهلية وهو ما لا* ‬يرغب فيه الجميع لاسيما القوى الكبرى،* ‬إذ سيكون اليمن مسرحاً* ‬لبروز قوة تنظيم القاعدة بعد أن بدأ* ‬يخسر مواقعه في* ‬مناطق أخرى في* ‬المنطقة والعالم*. ‬ أستاذ علوم سياسية* - ‬جامعة بغداد
ينشر بالاتفاق مع مركز الخليج للأبحاث
http://www.alwatannews.net/writer-re...oBNBu 4lFVeA=

التعديل الأخير تم بواسطة شيخ الطيور ; 2011-08-21 الساعة 02:30 AM
شيخ الطيور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس