مداخلة أبو عامر اليافعي.
نرحب بالسيدة نوفاك ترحيبا صادقا ونشكر لها تعاطفها مع المظلومين والمضطهدين ونقدر ما تقوم به لأجل نصرة الحق والعدالة والمساواة
الوضع في اليمن الجنوبي كان على درجة عالية من الخطورة وعدم العدل لفترة تجاوزت العشر سنوات، ولكن تفاجأ الكثيرون عندما بدأت المظاهرات تشهد شدة ما يشعر به الجنوبيون.
ما السبب - باعتقادكم - بأنه لم يكن هناك سوى القليل من الإشهار في هذا الموضوع قبل الآن؟ فهل كان الناس لا يعلمون؟ أو لا يهتمون أم كانوا خائفون من إعلاء كلمتهم؟
فما الذي حصل من تغيير أدى إلى ظهور هذه الشكاوي الآن؟
سيدتي المحترمة :
نحن شعب لم تلوث أخلاقنا مآسي الماضي ولا نتاج المدنية وفي الماضي قاتلنا إمبراطورية كانت تحتل أرضنا وحتى انتصرنا ووجدنا أنفسنا في ساحة تعج بالكثير من الشعارات منا من اقتفى الأطروحات الدينية ومنا القوميين ومنا الوطنيين ومنا الاشتراكيون وانتصرت شعارات الاشتراكية في ظل الحرب الباردة واعتبرت ملاذا لنا لأنها كانت ترفع شعارات جميلة تهوى إليها أفئدة البسطاء وعندما تحولت تلك الشعارات إلى تطبيق سيئ لها تغيرت الأمور وبنفس الأمر هربنا من قدرنا الاشتراكي إلى قدر آخر يتمثل بالوحدة اليمنية واعتقدنا - حينها - إنها المخرج الوحيد لمصائب ومآسي نتجرعها رغما عنا وليس لنا يد فيها وكانت خاتمة الأمر إننا ووجهنا بحرب ضروس ممن كنا نظن فيهم الخير لنا ولهم وآملنا خيرا رغم كل ذلك وصبرنا واصتبرنا لعله يأتي من ننتظره وتصلح الأمور وينقذ ما يمكن إنقاذه ولكننا عرفنا على وجه اليقين بان الوحدة أصبحت سوط جلاد لا يرحم وأداة لذبحنا وقتلنا بل وإهانة آدميتنا ورأينا الوحدة جسر عبور لمآرب أخرى وأحقاد كانت مخفية ومصالح مشرعة تمخر عباب الوحدة وتلوث كل شيء في طريقها . لم تنفعنا أطروحات الاستعمار الأوروبي ونشر حضارته ولا المد القومي ووحدة المصير ولا الاشتراكية وشعاراتها ولا الوحدة اليمنية الممهورة بالدم المستمر والنهب المستديم .
لم نجد غير وطنا وشعبنا المغلوب على أمره وهو ملاذنا الأخير ولا زلنا إلى اليوم نبحث عن آدميتنا التي أهدرت وحقوقنا التي سلبت وآمالنا التي تبخرت.
أنا مواطن بسيط لا أجيد لغة الأرقام واثبات الوقائع ولكني اعرف إننا في المكان الخطاء والزمان الخطاء والوضع الخطاء ولابد من التغيير.
قال بعض الزعماء في الجنوب إن الانضمام مع حركة الناشطين في الشمال أمر مستحيل! هل تعتقد أن هذا ممكن؟
وكيف يمكن أن يكون الظلم في الجنوب مختلفاً أو مشابهاً لما يجابهه الناس في الشمال، عندما يتعاملون مع نظام الحكم وأجهزته؟
من من غير الجنوبيين الذين تثقون بهم وتعتقدون أن لديهم نظرة وطنية بالتساوي بين جميع المواطنين؟ وهل تعتقدون أن الانتخابات القادمة يمكن تفتح أي فرص للمشاركة في السلطة؟
سيدتي :
مشكلتنا مع إخواننا في الشمال نشطاء أو غير نشطاء تكمن - برأيي - بمسالتين هما:
أولا: بحكم التجربة والصراعات السابقة وبحكم خبراتنا المتراكمة لم نجد منهم عونا ضد الباطل وولائهم لوطنهم الشمال فوق كل اعتبار ونحترم فيهم هذا الخيار ولكنهم دائما بشرٍ أو بخيرٍ لا يمكن أن نجدهم إلا مع نظامهم الذي يشكون منه دائما ومرد ذلك أساسا يكمن في ولائهم لمن يحكمهم بغض النظر عن مساوئ أو حسنات وهذا الأمر افقدنا الثقة فيهم نهائيا ولا نستطيع أن نأتمنهم لأننا طعنا عشرات المرات من قبلهم وما بظني أننا نستطيع أن نتحمل غدر آخر وفجيعة أخرى قد تنهي كل الآمال والأماني.
ثانيا: العادات الاجتماعية والرؤى الفكرية تختلف بين الجنوب والشمال بحكم سيطرة القبيلة وولاء أعضائها لمشايخهم وهي لديهم فوق أي اعتبار آخر حتى الاعتبار الديني ، ويسحب الأمر نفسه لولائهم لقادتهم وحكامهم وفيهم من يشعر بالظلم ولكنه يعبر عن سخطه بأسلوب غير حضاري كالاختطافات والتقطع للطرقات والقتل والنهب للممتلكات وكذلك الإرهاب ولا يوجد في أبجدياتهم الثورة السلمية أو ثورات الشعوب بل ثورات القبائل والتي دائما ما تنتهي بالتوافق وعن طريق المال بمعنى انه ليس لهم أهداف بعيدة ومرامي عظيمة ومجرد أمور آنية ومصالح فئوية والسبب يكمن بالتمايز القبلي والمذهبي والمناطقي وهذه عاهة مزمنة تجعلهم وتجعلنا لا نستطيع أن نلتقي ابدا.
يقول كثيرين إن السلطة التي قامت بعد الحرب الأهلية غير شرعية. وهم أعلنوا عن هدفهم وهو فسخ (فك ارتباط) الدولة الواحدة، كيف يمكن تحقيق ذلك بالطرق السلمية؟
وهل تتوقعون المساندة من المجتمع الدولي الذي فشل في القيام بأي شيء في الكثير من أوضاع الظلم؟
هل تفضلون القيام باستفتاء بين أبناء الجنوب لإعلان إرادة الشعب؟
وماذا سيحدث لو لم يتغير أي شيء؟
المشكلة ليست في السلطة التي قامت بالحرب عام 94م فقط، بل في أسباب الحرب وحيثياتها وأهدافها وهذه أمور لم تكن تعبيرا عن السلطة آنذاك بقدر ما هي رغبة ونيات مسبقة بالسيطرة والاستحواذ والنهب وإفراغ الجنوب من شعبه وهويته وتاريخه ومنجزاته واعتبار الجنوب مجرد فرع عاد إلى الأصل وهنا تحولت الوحدة إلى سيطرة واحتلال وضم وإلحاق ووجدنا أنفسنا نحن الجنوبيين ضحية لمؤامرة شمالية من أكبرهم إلى أصغرهم وما حدث من دعم شمالي للحرب على الجنوب غير عادي واتضحت أسبابها بنتائج الحرب ومناظر نهب كل شيء في الجنوب والإهانة وعدم الاحترام والتمييز العنصري بين الشمالي والجنوبي في: أجهزة الدولة و الشارع و الملتقيات المختلفة وحتى في الخارج.
وأملنا كبير بمساندة العالم لقضيتنا والوقوف إلى جانب المظلومين وإحقاق للحق وذلك لما نعرفه بوجود الطيبين والشرفاء والأحرار - أمثالك - في كل مكان، والاهم هو أننا عازمون وماضون في طريقنا لأننا على الحق وأهدافنا نبيلة ووسائلنا أيضا.
وبما يختص بالاستفتاء لفك الارتباط نتمنى حدوثه لأننا نثق بأنه سيكون لمصلحة شعبنا في الجنوب بغض النظر عن النتائج لان ما يريده الغالبية هو ما سيكون أيضا هدفنا بكل تأكيد ولكن المشكلة بطريقة وضمانات نتائج الاستفتاء وبالشكل الصحيح والنزيه وهذا يفترض أن يكون بإشراف دولي وعربي وإسلامي وإلا سيكون كارثة بدون ذلك.
بالنسبة للانتخابات القادمة لا ننتظر منها خيرا ولا تهمنا بأي شكل من الأشكال لأنها تعتبر تكريسا للواقع الموجود وتشريعا للاحتلال القائم.
ولدينا قناعة بأن النضال السلمي يستطيع أن يغير الأمور وما نراه من نتائج برغم قصر المدة الزمنية للحراك الجنوبي السلمي ما هو إلا نتيجة لنضالنا السلمي الذي ارتضيناه طريقا وخيارا استراتيجيا. ولكن ذلك لا يعني انه الخيار الوحيد فلكل مقاما مقال ولكل حادثا حديث.
الزخم الأكبر من الحركة السياسية تزعمها قادة تاريخيين، واسم موقعكم هذا "شباب جنوب اليمن".
إذا كان هناك فرق بين تفكير الأجيال السابقة والأجيال الجديدة، فما هو؟
وما هي الحسنات والمساوئ في خلق أدوار جديدة في القيادة؟
وما هي الآلية التي يمكن من خلالها إيجاد قيادة شابة؟
لا يوجد هنا أي تناقض بالأمر فالقيادة التاريخية هي منارا وفنارا لنا ولن نستطيع أن نستغني عن خبراتهم ونصائحهم ونحتاج إليهم كثيرا وهم من نتمنى أن يقودوا الثورة بحكم ما يحملونه من تجارب وخبرات وعزائم صقلتها الأحداث والسنين . وبنفس الأمر نحتاج إلى دماء شابة وعقول متجددة ولديها الطموح والحيوية والنشاط الدائم.
فخبرات القادة التاريخيين وحكمتهم إلى جانب الاندفاع الايجابي والحيوية في الشباب يمكننا من خلق فريق متجانس وقوي وحكيم يستطيع أن يصل بالجنوب إلى بر الأمان .
شكرا لك ضيفتنا الكريمة.