نحن والجنوبيون
المكلا اليوم / القاهره
: كتب / د. أحمد باحارثة6/15/2011
يبدو أن ربع قرن من الانخراط مع الجنوبيين كحكام علينا قد أورثت في كثير منا الانحناء للجنوبي وتعملقه في نفوسنا حتى صار كأنه هو المتفضل علينا وأننا نحن جزء منه حتى صار الخيار أن نصبح جزءًا من دولته وليس العكس .
إنني أريد أن أسأل هل كانت ما يسمى بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية هي دولة الجنوبيين وحدهم وكنا نحن الحضارمة لاجئين لديهم كحال اللاجئين الفلسطينيين في لبنان مثلاً ، أم كنا شركاء في الدولة سواء بسواء . لكن لماذا ما زال البعض يصور تلك الدولة وكأنها دولة أناس آخرين ( الجنوبيين ) وعلينا نحن أن نكون أو لا نكون منها ؟
ألسنا نحن الأحرى بها وعلى الآخر هو الذي أن يختار البقاء معنا أو يستقل بنفسه وأرضه عنا ، لمن المساحة الأكبر في تلك الدولة ، لمن ثرواتها البرية والبحرية ، أين موضع الثقل الثقافي والتاريخي ، لقد غفلنا نحن الحضارمة عن هذا كله في خريف 67 وسلمنا أنفسنا لأناس من غير هوية ( الجنوبيين ) في تلك الدولة لنصبح جزءًا منهم بينما الحقيقة أنهم هم جزء منا ، أو هكذا ينبغي ، لا العكس ، وها نحن اليوم يكرر بعضنا هذا الأمر العجيب .
إن كثيرًا من المؤرخين يعترفون بقوة الوجود الحضرمي في عدن ونواحيها ( الجنوب ) ، ولن أتكلم هنا عن الأقوال التي تشير إلى امتداد مفهوم حضرموت لتشمل معظم الساحل الجنوبي الغربي ، لكن سأتكلم عن فاعلية العنصر البشري ، فمعظم الدراسات التاريخية – ومنها الأكاديمية – تشير إلى فعالية العنصر الحضرمي في عدن ولاسيما في الحياة العلمية والثقافية ، فمعظم العلماء الذين برزوا هناك هم من الحضارمة بشهادة المؤرخ المستشرق سارجنت ، وتاريخ عدن مملوء بأسماء من مثل ( بامخرمة باشكيل باحميش باوزير العيدروس ) وكثير غيرها ، وعندما تحدث محمد علي لقمان في صحيفته فتاة الجزيرة عن الحياة الأدبية في عدن في الأربعينيات اعترف أن الفضل يعود لتنشيطها هناك لأربعة من العرب هم عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف وعلي أحمد باكثير وصالح الحامد وعبد الله بن يحيى ، وهؤلاء كلهم لا تخفى هويتهم .
لقد كان بعضنا يثرثر ويقول لنتحد مع شركائنا الجنوبيين حتى نتحرر من الشماليين ثم من السهل أن نتفاهم مع الجنوبيين لنيل حقوقنا الخاصة بنا كحضارم ، فنحن بحاجة لما يتصف به الجنوبي ولاسيما جماعة الضالع وردفان ويافع من قوة الشكيمة لمواجهة القبلي الشمالي ، وكنت أضحك في نفسي من هذا القول ، لأنني أعرف جيدًا أن الصلة بيننا وبين القوم ليست بهذه السطحية ، فضلاً عن ما فيها من استخفاف وازدراء بقوتنا نحن الحضارم التي نسيناها بنسيان بطولاتنا أسلافنا عبر التاريخ ، بل إلى حاضرنا هذا ، وكل ما في الأمر أننا أشربنا احتقار أنفسنا وإمكانياتنا واستعظام ما عند الآخر ( سواء في الشمال أو في الجنوب ) .
أنا في رأيي أن ما يجمعنا نحن الحضارم مع الجنوبيين فضلاً عن ( الغبن المشترك ) ، الشيء الكثير والكثير جدًا ، لكن لابد من تصحيح البوصلة بحيث نصبح نحن قطبها ، وعلى الآخر أن يختار أن يسير في ركابنا ويتلبس هو بهويتنا مع احترام ما قد يكون له من بعض الخصوصية ، أو فليبحث له عن هوية وليعد قراءة تاريخه .