عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-12-15, 03:10 PM   #1
ابو شريف الحدي
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2008-10-24
المشاركات: 521
افتراضي الحراك في جنوب اليمن جرح نازف لحرب 94م-صحيفة الوقت البحرينيه

الوقت البحرينية
المتأمل للمشهد السياسي اليمني اليوم يلمس بروز الحراك السلمي في المحافظات الجنوبية آخذا أشكالا مختلفة وأبعاد متعددة.
فمنذ العام ,2006 بدأت الأصوات تعلو والمطالب تبرز، وأزمة ما تسمى بالقضية الجنوبية تظهر على السطح كنتيجة مباشرة للحرب الأهلية بين الشمال والجنوب في العام .1994
ومع تزايد الصدام بين الحراك في المحافظات الجنوبية والسلطات اليمنية ارتأت ''الوقت'' ضرورة تسليط الضوء على هذه الأزمة التي تهدد مستقبل الحلم العربي البازغ والمنجز الكبير المتمثل بالوحدة اليمنية التي تحققت في 22 مايو/ أيار 1990 م.

وبعيدا عن أطراف الأزمة الرئيسيين نرى جوهر هذه القضية كما صورها لنا تقرير حقوقي حديث أصدره أحد المراكز اليمنية المستقلة. وحسب تقرير المرصد اليمني لحقوق الإنسان حول '' الحق في التجمع السلمي ''فإن الحراك في جنوب اليمن جاء نتيجة مباشرة لحرب 1994 التي أدت إلى الاستيلاء على الأرض والممتلكات العامة والخاصة في المحافظات الجنوبية وإبعاد عشرات الآلاف من الوظيفة العامة.
وفي العامين 2006 ـ 2008 طرحت التجمعات السلمية إلى جانب المطالب السياسية مطالب حقوقية تأتي في مقدمتها استعادة الممتلكات العامة والخاصة وإعادة الموظفين المدنيين والعسكريين إلى وظائفهم وتعويضهم عما لحق بهم من أضرار.

الاستيلاء على الأراضي
وتعد قضية الأراضي والممتلكات من أهم الأسباب التي خلقت الحراك الشعبي، حيث ذكر التقرير أنه منذ اندلاع الحرب الأهلية يجري الاستيلاء على أراضي الدولة في الجنوب بصورة واسعة الأمر الذي يترتب عليه حرمان السكان المحليين من الانتفاع بها.
وقال التقرير انه في أعوام (2004 ـ 2005 ـ 2006) تعرض مالا يقل عن (7789) فداناً من أراضي الدولة في محافظة لحج للاعتداء، وهي وقائع تقدمت بها نيابة الأموال العامة أمام أجهزة القضاء وفقا للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في محافظة لحج،كما يجري الاستيلاء على أراضي الجمعيات الزراعية منذ حرب 1994م.

وأوضح التقرير انه ترتب على ذلك إفقار الفلاحين المنظمين في هذه الجمعيات وتركهم دون مصادر عيش، مشيرا إلى أنه في محافظتي لحج وعدن جرى الاستيلاء على أراضي (70) جمعية زراعية تصل مساحتها الإجمالية إلى (63.672) فداناً، ما يعادل (267.422.400) متر مربع،فيما يصل عدد أعضاء تلك الجمعيات إلى (16.449).

قضية المبعدين
وتبرز قضية المبعدين عن وظائفهم عقب الحرب كإحدى شرارات الأزمة، حيث يقول التقرير إن المنتصر في الحرب قام باتخاذ إجراءات قمعية وتعسفية ضد كل من ساهم أو شارك مع المهزوم في حرب صيف .94 أو كان له مواقف مغايرة منها أو وقف ضدها وخاصة من أبناء المحافظات الجنوبية.
وقال إنه تم إقصاء عشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين من وظائفهم يمتلك ''المرصد'' بيانات تتعلق بعدد (23000) مبعد من مختلف أجهزة ومؤسسات الدولة وفي مقدمتها المؤسسات العسكرية والأمنية. منهم (13.000) شخصا مبعدين من وظائفهم في السلك العسكري.

هذه الإجراءات التعسفية دفعت المبعدين من وظائفهم مطالبة السلطة بإعادتهم إلى وظائفهم وتسليمهم مستحقاتهم كافة وتسوية أوضاعهم من خلال التجمعات السلمية، الأمر الذي جعل السلطة تشكل عدة لجان لمعالجة تلك المشاكل.
وحسب التقرير فإن اللجان قامت بتسوية أوضاع حالات لم تتجاوز الستة في المئة بحسب جمعية المتقاعدين، ما ساهم في استمرار الأغلبية بتنظيم التجمعات السلمية للمطالبة بتسوية أوضاعهم، وهو ما لم تقم به السلطة وأدى إلى استخدام العنف والاعتقالات ضد المشاركين في التجمعات السلمية.

ولم تنحصر عملية الإضرار بالمواطنين في الجنوب عن طريق الاستبعاد الوظيفي بتسريحهم من أعمالهم أو مقاعدتهم قسرا فهناك وسائل أخرى للاستبعاد، مثل حرمانهم من ممارسة مهامهم وإجبارهم على البقاء في بيوتهم مع حصولهم على مرتباتهم دون مستحقاتهم الأخرى أو تعيين من هم اقل كفاءة منهم وخبرة ورتبة كمسؤولين إداريين عليهم أو التصرف بالمؤسسات العامة واستبعاد العاملين فيها دون أن تعالج أوضاعهم كما جاء في التقرير.

التقرير قال إنه عند لجوء المتضررين من أثار حرب 1994 لمطالبة السلطات اليمنية بإزالة تلك الآثار قوبلت مطالباتهم باللامبالاة والتجاهل، واستمر مسلسل الاستيلاء على الأراضي وازدادت معاناة المبعدين والمقاعدين الأمر الذي جعلهم يعبرون عن استيائهم من تجاهل السلطة لقضاياهم بالوسائل المشروعة التي كفلها لهم الدستور والقانون كتنظيم الاعتصامات والاحتجاجات والمسيرات والمظاهرات السلمية. إلا إن تلك الفعاليات قوبلت بالقمع وبالرصاص الحي الذي غيب حياة عدد من الأشخاص في بعض المحافظات الجنوبية.

وأدت مواجهة الفعاليات السلمية بالعنف إلى توسيع دائرة الحراك السلمي والاهتمام بقضاياه سواء من قبل الأحزاب السياسية المعارضة أو منظمات المجتمع المدني أو الصحف التي تناولتها وغطت أحداثها، وهو ما جعل السلطة تعيد النظر في تعاطيها مع تلك القضايا وقياداتها عن طريق التوجيهات المستمرة بحلها وتشكيل لجان حكومية لها والالتقاء بقياداتها والوعد بإنهاء تلك القضايا وحلها وبقدر ما مثلت تصرفات السلطة تلك اعترافا بحقيقة القضية الجنوبية إلا إنها أكدت أن السلطة غير راغبة في التعاطي مع هذه القضية بجدية فقد كانت تلك التوجيهات والحلول جزئية وليس بمقدورها إزالة نتائج أثار الحرب حسب التقرير.

اعتقالات ومحاكمات
وتعرض العشرات من قيادات الحراك السلمي والمشاركين فيه للاعتقالات والمحاكمات وممارسة انتهاكات عدة ضدهم مثل ''التعذيب النفسي والمعنوي والمادي والمعاملات اللاإنسانية، حيث تم وضعهم بأعداد كبيرة في زنازين ضيقة ومنعت الزيارة عنهم وتم احتجازهم لفترات طويلة دون إحالتهم إلى النيابة في المدة المحددة وفقا للقانون وحرمانهم من الرعاية الصحية ورفض إدارة المعتقلات عرض المعتقلين الذين يعانون من حالات مرضية صعبة على أطباء متخصصين ومنعهم من تعاطي أدويتهم اللازمة التي يتعاطونها باستمرار''.
وخلص التقرير إلى أن الحق في التجمع السلمي قد تعرض العام 2008 لانتهاك واسع أدى إلى تعطيل ممارسة هدا الحق وانتهاك حقوق المنظمين والمشاركين، وانتهاك طائفة من حقوق الإنسان المدنية والسياسية المكفولة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

وأكد أن لجوء الأجهزة الأمنية للعنف غير المشروع يؤدي إلى إشاعة انتهاك حقوق الإنسان وأعمال العنف وثقافة التسامح، مما يجعل اليمن أمام مخاطر إشاعة العنف الواسع وانهيار امني غير مستبعد الحدوث، مشيرا إلى أن هذا الخطر يقع على الدولة والمجتمع ومؤسساته ما يجعل مسألة إزالة مصادر الإحباط والظلم، والعنف واجب ملح.

معالجات
وأوصى التقرير باتخاذ التدابير التشريعية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية لإزالة التهميش والشعور بالغبن وكفالة حقوق المواطنة المتساوية، وإزالة معوقات ممارسة الحق في التجمع السلمي وحمايته من العنف وإنفاذ أحكام ونصوص الصكوك الدولية.

وطالب بتشكيل هيئة وطنية مستقلة ومحايدة للمصالحة والإنصاف لجبر ضرر الأفراد وإنهاء حالة الخصومة السياسية والاحتجاجية جراء الصراعات السياسية الجهوية، وتوفير مناخات آمنه لممارسة حقوق الإنسان ومنها الحق في التجمع السلمي وحرية الفكر والرأي والتعبير، واتخاذ التدابير اللازمة لإشاعة ثقافة التسامح، كما طالب بتعديل الدستور بإضافة النص على كفالة الحق في التجمع السلمي وعدم إخضاعه لأي قيود قانونية أو إدارية.

----------
- نقلا عن جريدة الوقت البحرينية العدد 1029 الاثنين 15 ديسمبر 2008م
ابو شريف الحدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس