ثالث يوم من الاشتباكات العنيفة في صنعاء بين مسلحي آل الأحمر والقوات الحكومية
صنعاء - وكالات الانباء:
احتدمت الاشتباكات العنيفة مرة جديدة أمس الاربعاء بين المسلحين المناصرين للشيخ صادق الاحمر زعيم قبائل حاشد النافذة في اليمن، والقوات الحكومية الموالية للرئيس علي عبدالله صالح، فيما سجلت حركة نزوح للسكان من مناطق التوتر في شمال العاصمة.
وقد استولى المسلحون القبليون خلال الليل على مبنى وكالة الانباء اليمنية «سبأ»، حسبما افاد مسؤول . وسمعت اصوات الرصاص والانفجارات بكثافة في الصباح في حي الحصبة الذي يشهد اشتباكات بين المسلحين القبليين والقوات الموالية لصالح لليوم الثالث على التوالي وقد اسفرت حتى الآن عن 44 قتيلا على الاقل من المعسكرين.
وقتل ستة اشخاص بينهم خمسة مسلحين قبليين الاثنين فيما قتل 38 شخصا من المعسكرين خلال اشتباكات يوم الثلاثاء بينهم 14 عسكريا، بحسب وزارة الدفاع التي اشارت الى ان عسكريين كانا في عداد المفقودين.
والاشتباكات التي انطلقت يوم الاثنين، تراجعت خلال ليل الثلاثاء بعد ان طلب الرئيس اليمني من قواته وقف النار ومن مناصري الشيخ صادق الاحمر الذي يدعم الانتفاضة المطالبة بتنحي الرئيس، الانسحاب من المباني العامة التي سيطروا عليها، والتي تشمل وزارة الصناعة والتجارة ومبنى الخطوط الجوية اليمنية ومبنى المعهد العالي للارشاد ومدرسة الرماح.
وذكر شهود عيان ان الطرقات المؤدية الى حي الحصبة حيث منزل آل الاحمر مغلقة بالحجارة واطارات السيارات. كما افادوا ان المسلحين القبليين دخلوا خلال الليل الى مبنى «سبأ» وطلبوا من الموظفين المغادرة، فيما اشار شهود الى ان اربع قذائف انفجرت في محيط وزارة الداخلية.
وفيما توسعت رقعة المواجهات لتطال الاحياء المجاورة لحي الحصبة، غادر عدد من السكان المدينة التي سيطرت عليها المخاوف، اضافة الى استمرار حالات انقطاع التيار الكهربائي والمياه وعدم توفر الغاز بكميات كافية. وغادر معظم الفارين باتجاه الجنوب اذ ان طريق الجنوب كانت سالكة، اما الذين حاولوا الفرار باتجاه الشمال فقد حذرتهم حواجز الحرس الجمهوري من انهم لن يتمكنوا من العودة الى صنعاء، وذلك بحسب سكان غادروا منازلهم.
ويعد شمال اليمن من اهم معاقل قبائل حاشد النافذة والمسلحة والتي يتزعمها الشيخ صادق الاحمر، كما تعد عائلة الاحمر بالغة النفوذ في اليمن، وهي تستطيع حشد آلاف المسلحين من قبائل حاشد الاكبر في اليمن.
وفي ساحة الاعتصام المطالب باسقاط النظام امام جامعة صنعاء، تضاءلت اعداد المعتصمين بشكل ملحوظ، وبعض الذين غادروا افادوا انهم سيلتحقون بالمقاتلين المناصرين للشيخ الاحمر .
يذكر ان المواجهات الحالية اندلعت يوم الاثنين غداة اعلان الرئيس اليمني رفضه التوقيع على المبادرة الخليجية لانتقال السلطة والتي تنص خصوصا على تنحيه في غضون شهر.
وكان الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني الذي قاد مساعي المبادرة الخليجية، دعا مساء يوم الثلاثاء الى «وقف فوري» للمعارك الدامية في صنعاء معربا عن خشيته من ان «تتسع» المعارك، كما دعا الاطراف الى ضبط النفس. واعتبر الزياني ان مبادرة مجلس التعاون الخليجي لانتقال السلطة في اليمن لا تزال تشكل «فرصة للتوصل الى حل سياسي» في هذا البلد الذي يشهد منذ نهاية يناير تظاهرات تطالب بتنحي الرئيس صالح.
ورأى محللون ان الرئيس اليمني اختار الهروب الى الامام عبر مواجهة اقوى شيوخ القبائل في اليمن على امل اضعاف الحركة الاحتجاجية في الشارع، وتخوف بعضهم من امكانية الاتجاه نحو «سيناريو ليبي».
وقال فرانك ميرمييه الخبير الفرنسي في شؤون اليمن «امام هذا الحائط المسدود الذي اقامه بنفسه، اختار صالح استراتيجية اشاعة الفوضى». واضاف الخبير «لقد قرر الرئيس على ما يبدو اما ان يطلق حربا اهلية، واما ان يتسبب بمواجهات لدفع السعودية الى التدخل»، مشيرا الى العلاقات المميزة بين السعودية وقبائل حاشد، وهي الاكبر والاكثر نفوذا في اليمن والتي ينتمي اليها صالح نفسه.
وبحسب ميرمييه الذي يعمل في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية فان صالح قد يدفع مجلس التعاون الخليجي - الذي تتزعمه السعودية - باتجاه «اطلاق وساطة جديدة مع مبادرة تكون لصالحه» اكثر من المبادرة السابقة التي تنص على تنحيه. وخلص ميرمييه الى القول انه «لا يجب ان ننسى ان صالح فجر المعارك بعد خطابه الذي حذر فيه من الحرب الاهلية واكد فيه ان الاخوان المسلمين المتمثلين بالتجمع الوطني للاصلاح» وهو مكون اساسي في المعارضة قريب من آل الاحمر «متحالفون مع القاعدة». من جانبه، اعتبر رئيس مركز ابحاث المستقبل في صنعاء فارس السقاف ان «ارادة الرئيس الآن هي ان يخلط الاوراق ويربك المشهد... انه هروب الى الامام وتهرب من الاستقالة».
واضاف «يبدو ان الرئيس يريد ان تبدأ حرب اهلية بما يشمل وحدات الجيش الخصمة» وعندها «اذا جاءت مبادرة خليجية جديدة فستقوم على اساس التهدئة وليس التنحي».
اما المحلل السعودي عبدالعزيز الصقر رئيس مركز الخليج للابحاث في دبي فيرى انه «لا خيار آخر لصالح الا اللجوء الى العنف طالما هو غير مقتنع بالتنازل عن السلطة».
وبحسب الصقر، فإن صالح «مقتنع انه لا بديل عنه دوليا» و«الشيء الوحيد الذي يمكن ان يوقف المعارك هو رسالة واحدة قوية من قبل المجتمع الدولي». واعرب الصقر عن الخشية من توجه اليمن الى سيناريو ليبي اذا ما تسبب الرئيس بمواجهات شاملة مع القبائل في البلاد. وبحسب الصقر، فانه اذا انزلق اليمن الى اتون العنف، فالانقسام سيكون واردا، ولكن ليس الى شطرين بل الى اربعة. والاشطار الاربعة هي بحسب الصقر صنعاء ومنطقتها، وامارة الحوثيين في الشمال، وشبوة التي قد تكون منطقة عازلة، واليمن الجنوبي السابق (عدا شبوة)، الا اذا اختار أهل حضرموت في جنوب شرق اليمن الانضمام الى المملكة العربية السعودية على حد قوله.
http://www.akhbar-alkhaleej.com/#!445118