أمواج
فاتكم القطار.. يا شعوب المنطقة!
190
2011-05-17
من يتابع المظاهرات الشعبية السلمية الحاصلة هذه الأيام في بعض الدول العربية يجد أن القاسم المشترك بينها هو المطالبة بفتح باب المشاركة السياسية في إدارة الأوطان أمام الشعوب العربية التي غيبت طويلا عن صنع الحدث الوطني، وتركت تعيش على هامش الحراك السياسي الرسمي، لدرجة أن هذه الشعوب العربية -على كثرتها- تعتبر سقط متاع في نظر الأقلية الحاكمة التي استحوذت على جميع وسائل القوة الوطنية، سواء كانت قوة سياسية أو اقتصادية أو تشريعية، ونتيجة لهذا الاستحواذ تركت الشعوب العربية في العراء، لا يحميها من بطش هذه الأنظمة إلا خوف هذه الأنظمة من ردة فعل المجتمع الدولي على هذا البطش، لهذا يجب أن لا تتراجع هذه الشعوب للخلف بعد أن عرفت طريق الخلاص، ومن المهم أن تتفق على كلمة سواء بينها وبين هذه الأنظمة أن لا إقصاء للشعوب العربية عن مراكز صنع القرار الوطني بعد اليوم، وأن الاستحواذ على مقدرات الأمة من قبل الأقلية الحاكمة أمر باطل باطل باطل.
هل يعقل أن كل شعوب الأرض استلمت زمام المبادرة وأصبحت تشارك بقوة وفعالية في صنع مستقبل الأوطان؟ إلا الشعوب العربية التي تعيش على الرصيف السياسي وتحيا وتموت وهي في أسفل ركب قطار الأوطان المنطلق بسرعة إلى الأمام، حتى متى تعتبر هذه الشعوب لا في العير ولا في النفير في نظر هذه القيادات العربية، هذه القيادات التي دفعت هذه الشعوب المغلوبة على أمرها للترحم على أيام عهد الاستعمار الخارجي بعد أن جربت جبروت الاستعمار الداخلي المحلي وذاقت طعم الذل والهوان على يد المؤسسات العسكرية الوطنية التي أصبحت جداراً عازلاً بين الشعوب العربية وبين الحرية والمشاركة الشعبية كلما حاول الشعب القفز عليها ازدادت طولاً.
ومن هذا المنطلق -ألا وهو تغييب الشعوب عن صنع الحدث الوطني، ومن أجل الدفاع عن شعار الكلمة السواء بين القاعدة الشعبية والقيادة الوطنية بين مصير الوطن والمواطن في دول مجلس التعاون الخليجية- نستغرب نحن شعوب المنطقة أن تقدم عضوية المجلس على طبق من ذهب لكل من المملكة الأردنية والمملكة المغربية، ونستهجن استمرار سياسة صنع القرارات المصيرية بليل! هل يعقل أن تغيب شعوب المنطقة -ككل وهي تصل إلى الملايين- عن حدث كهذا له ارتباط وثيق بمصيرها ومصير الأجيال القادمة من أبنائها وأحفادها ولا تسمع عنه إلا من خلال الإعلام والقنوات الفضائية، ألا نتعظ من الحصاد المر لزرع القرار السياسي الفردي في دول الثورات العربية المشتعلة هذه الأيام؟ للأسف إن هذا القرار الخليجي المفاجئ لكل سكان المنطقة والصادر من رأس الهرم السياسي الذي من المفترض أنه يمثلنا جميعا يثبت المقولة التي ترددت كثيراً خلال العقود الثلاثة الماضية، وحاولت شعوب المنطقة عدم أخذها على محمل الجد بسبب بقاء بعض الثقة ما بين هذه الشعوب وتلك الأنظمة، وأقصد هنا العبارة التي تقول إن هذا التنظيم الإقليمي لا يمثل الشعوب بأي حال من الأحوال، وإنما مبرر وجوده وغاية أحلامه تحقيق أجندة هذه الأنظمة والانقلاب سريعا على أحلام هذه الشعوب إذا ما تعارضت مع كوابيس هذه الأنظمة في النظر إلى استشراف المستقبل السياسي لهذه المنطقة، وكل ما ورد من عبارات منمقة ودبلوماسية في ديباجة النظام الأساسي لهذا المجلس عن المصير المشترك، ووحدة الهدف التي تجمع بين شعوبه إنما هو كلام ليل يمحوه التخوف من نتيجة نهار الثورات العربية على مصير أنظمة الحكم الملكية.
لهذا أقول مع كثرة التصريحات التي تصدر من القيادات السياسية الخليجية والتي تعبر عن تقديرها للثورات العربية وتعترف بشرعيتها وضرورتها لتصحيح مسار الأمور في تلك الدول وأهميتها لرفع ليل الاستبداد العربي الطويل إلا أنها للأسف تعيد تكرار نفس الأخطاء والدوافع التي أشعلت فتيل النار في جسد الشاب محمد البوعزيزى ولو بدرجة أقل، لهذا نتمنى على هذه القيادات التي نُكِنُ لها كل الاحترام أن ترفع شعار لا قرار سياسياً فردياً مدى الحياة بعد اليوم.
والسلام
http://www.alarab.com.qa/details.php...=1248&secId=16