(2)
نظرة في صفحات مشرقة من تاريخ الجنوب العربي
إلى أجيال الجنوب العربي الواعدة ، وللتاريخ وللحقيقة نروي لهم جوانب من ملاحم نضالية وطنية مشرقة سطروها رجالا أحرار صدقوا الله على ما عاهدوا علية
منقول من كتاب ( الجنوب العربي في هيئة الأمم المتحدة ) 1963
الفصل الأول
هذه هي القصة
(الجزء الثالث )
مفاجأة للعرقلة
وقبل سفر الأخ شيخان الحبشي بيوم واحد حدثت مفاجأة استهدفت عرقلة سفره , وتبين أن احد اللصقاء بالحركة الوطنية في الجنوب وهو المدعو قحطان محمد الشعبي قد أجرى اتصالات سرية واسعة النطاق لتشويه الهدف من إرسال الأمين العام وشملت اتصالاته عددا من رجال الحكومة اليمنية السابقة ( حكومة المتوكلية اليمنية ) وعددا من المسئولين العرب استهدفت التأثير على الرابطة حتى لا تتخذ هذه الخطوة , والسر الخفي أو الدافع الرئيسي الذي لم يكن هؤلاء يعرفونه هو أن نية الرابطة كانت متجهة إلى إرسال وفد مؤلف من عدة أعضاء برئاسة الأخ الأمين العام وكان من ضمن أفراده المدعو قحطان الشعبي ولم تكن قد تكشفت حينذاك خيانته للحركة الوطنية وعمالته لصالح أعداؤها ، غير أن القرار الأخير اقتصر على إرسال الأمين العام وحده لسببين :
السبب الأول :
إن الغرض من ذهاب مندوب عن الحركة إلى هذا المحفل الدولي في ذلك الحين لا يستوجب
إرسال أكثر من شخص واحد .
والسبب الثاني :
هو عجز الحركة ماديا عن تمويل سفر ونشاط أكثر من شخص واحد ولكن قحطان هذا الذي
ثبت أنه كان يعمل لذاته ولصالح جهات معينة قد ساءه صدور القرار الأخير الذي فوت عليه
تحقيق نوازعه الشخصية واوحت له عمالته لتلك الجهات أن يعمل على عرقلة جهود رجال
الحركة للخروج بالقضية إلى المجال الدولي الجديد , غير أن عزائم الرجال لايمكن أن توقفها
محاولات الانتهازيين العملاء .
أهداف الرحلة
ولكن ماهي النتائج التي استهدفتها رحلة الأمين العام إلى هيئة الأمم المتحدة في نوفمبر 1959
لقد شعرت الرابطة أن الجامعة العربية في وضع لا يمكنها من بحث قضية الجنوب العربي في
اجتماعاتها وفي نطاقها العربي وهي ابعد ما تكون تفكيرا في عرض هذه القضية في مجال الأمم المتحدة , ومادامت اليمن حينذاك ترفض بحث القضية جديا في أي من المجالين العربي
أو الدولي , بل وأوغلت في عدائها لقضية الحرية والوحدة ولرجال الحركة الوطنية في الجنوب .
ومادامت حكومة اليمن ترى أن تطور هذه القضية سوف يحقق آمال شعب الجنوب حيث يسترد سيادته ويحقق أهدافه في الحرية والوحدة والكرامة .
ومادام هذا يعد أمرا خطيرا أفضل منه في نظر الحكومة اليمنية السابقة أن يبقى الجنوب العربي جنوبا بريطانيا سلاطينيا مجزأ .
مادام هذا هو خط الحكومة اليمنية حينذاك فان الجامعة العربية لا يمكنها أن تدخل معها في خلاف ومشاكل قد ينتج عنها انسحاب اليمن من الجامعة العربية !!!!!
وما على الجنوب العربي إرضاء لخاطر اليمن إلا ان يبقى جنوبا بريطانيا سلاطينيا ممزقا
وما على رجاله المناضلين في سبيل حرية العرب ووحدتهم وكرامتهم إلا ان يلعقوا جراحهم
ويأووا إلى جحورهم , وما على الشعب العربي في الجنوب إلا أن يستكين للمستعمر وعملائه
وأن يرضى بحكم الواقع فان أية محاولة لتغيير هذا الواقع المهين سوف تغضب الأسياد الرابضين في تعز وصنعاء وخلف مكاتب سفارة المملكة اليمنية في الدقي بالقاهرة .
بيد أن الشعب العربي في الجنوب ممثلا في رجال حركته الوطنية لم يرض لنفسه هذه السياسة
ولم يستجب لهذه النصيحة غير الغالية وصمم على أن يشق لنفسه طريق النضال رغم كافة
العراقيل والصعاب .
1- فكان أهم أهداف رحلة الأمين العام الى هيئة الأمم المتحدة هو تلمس الطريق لإدراج
القضية في جدول أعمال هذه الهيئة .
2- دراسة الأرض التي سوف تشهد الصراع الجديد مع القوى الاستعمارية ممثلة في بريطانيا
3- الاتصال بالدول والخبراء في هيئة الأمم .
4- مشاهدة صور من الصراع بين ممثلي الشعوب المناضلة وبين ممثلي مستعمريهم .
وعاد الأخ الأمين العام بمحصول وفير من المعلومات والصداقات وعكف رجال الرابطة
على دراستها وتمحيصها .
وضع في منتهى الغرابة
الحقيقة الأولى إنني استخلصت من نتائج الرحلة أو بالأصح تأكدت بهذه النتائج أن أية قضية
من القضايا لايمكن أن يبحث أمر إدراجها في جدول أعمال الهيئة إلا إذا تقدمت بها دولة عضو
في هذه الهيئة . ويعني هذا أن قضية الجنوب لا يمكن أن تجد طريقها رسميا في هذا المجال الدولي دون ان تحتضنها دول أعضاء في الهيئة .
ونحن إذا قسمنا مجموعة أعضاء الهيئة لوجدناهم ثلاثة أقسام :
الكتلة الغربية الكتلة الشرقية الكتلة المحايدة
وطبيعي أن أية دولة من دول الكتلة الغربية لا يمكن أن تعمل على إدراج قضية من قضايا التحرر ضد الاستعمار الغربي في هيئة الأمم , وان تعمل على التشهير بإحدى زميلاتها
أما بالنسبة لكتلة الحياد أو الكتلة الشرقية فان أي حديث مع ممثل أي دولة من هاتين الكتلتين
في أية قضية من قضايا التحرر العربي يثير سؤالا وجيها هو لماذا لا تتقدم الدول العربية بهذا
الطلب الى ممثلي الدول الأسيوية الإفريقية .
وفي حالة إدراكهم أن الدول العربية ممثلة في جامعتها لا ترغب في ذلك فان الأمر يكون محل لكثير من علامات الاستفهام والاستغراب !!!
ثم إننا نحن العرب نحرص جاهدين على عدم نشر غسيلنا أمام الأجانب وأية محاولة منا للإقناع سوف نستدعي شرح الحقائق وشرح هذه الحقائق يستتبع الدخول في معركة دعاية
وتشهير بين العرب أنفسهم , معركة تضيع بها معالم القضية ويستفيد منها أعداء العرب ,
هذا هو الوضع الغريب الذي كانت عليه قضية الجنوب .