ولنا أن نسأل دعاة الفيدرالية كمشروع رديف للعشوائية المدمرة عدد من الأسئلة فدعاويهم ستؤخر عملية التطور الطبيعي في البلدين وتجرهم إلى الخلف ابعد بكثير مما فعله مشروع الوحدة الذي سبب للبلدين التخلف والصداع المزمن ويهددها بالتمزق والتفكك.
الوحدة هي مشروعا حضاريا سواءا مع اليمن او مع مجلس التعاون الخليجي او كأمة عربية بشكل عام, وهي لن تقوم عبر الأغاني الوطنية والخطب الرنانة التي ترافق تحرك الزعماء نحو اغتيال المشروع القومي كما فعل صدام حسين مع الكويت الشقيقة وكما فعل نظام علي عبدالله صالح مع شعب الجنوب العربي.
عند التفكير في أي علاقة مع دول الجوار يجب ان تنطلق من قراءه دقيقة للواقع تراعى فيه خصوصيات كل بلد على حده وتؤسس علاقه تبدأ بشكل متدرج تتداخل فيها المصالح والمنافع وتتمازج فيه الثقافات وتختلط فيه الأنساب تحافظ فيها على خصوصيات كل طرف من الأطراف بما في ذلك اولئك الذين يتواجدون في إطار الدولة نفسها وهذا يقودنا إلى شيء اهم للحديث عن مفهوم الوحدة. فأول تلك المعوقات التي تقف في طريق الوحدة بين اليمن والجنوب العربي هي تلك المفاهيم المغروسة في ثقافة ووعي اهل اليمن بأن الجنوب هو فرع يجب ان يعود للأصل وهي من ابرز الأسباب التي ادت إلى فشل قيام الوحدة ولن تنجح قبل ان يتغير هذا التصور في الوعي الجمعي لشعب اليمن. هل يستطيع احد ان ينكر ان تجربة الدمج التي تجاهلت خصوصيات شعبي الجنوب واليمن ادت إلى خلق حواجز واخاديد نفسية لم تكن موجوده من قبل بين كل ما هو جنوبي وكل ما هو يمني وادت إلى بروز عوائق خطيرة في طريق أي مشروع وحدوي مستقبلي يصعب تخطيها.
ان التمسك بالدعاوي التاريخية بأن اليمن شعب واحد منذ الأزل يقود اصحاب هذه الدعاوي إلى تزوير التاريخ وتعسف الحقائق وهو ما فعله القوميين والوريث الشرعي لفكرهم -الحزب الاشتراكي اليمني - عبر العمل الممنهج إلى تغييب الوعي الجنوبي عن حقائق التاريخ وطمسها وهي جريمة ادت إلى مسخ الوعي الوطني الجنوبي احدثت فيه عاهة شبه مستديمة نعاني منها اليوم وهو ما يفسر وقوف بعض الجنوبيون اليوم ضد أنفسهم واهلهم ووطنهم بشكل غريب قلما تجده في أي مجتمع وفي أي زمان . ستجد من ينبري اليوم لشتمي ودفاعا عن الحزب الاشتراكي وعن الوحدة المزعومة لأني اقول في الاشتراكي بما اعتقد ولن يحرك ساكنا حيال الجرائم الكبرى التي يتعرض لها شعب الجنوب وتاريخه باسم الوحدة وهو سقوط لا يمكن وصفه عندما يصبح الحزب والمصلحة الشخصية فوق الوطن لدى هؤلاء.
هكذا نستطيع ان نقتفي حقيقة الصراع بين شعب الجنوب واتباع الأحزاب اليمنية الشمولية وفي المقدمة منها الحزب الاشتراكي اليمني وحزب الإصلاح الذي يعج بمليشيات التطرف والتكفير . كلا الحزبين الشموليين ينتميان الى الماضي الغير ديمقراطي لهما صفة شمولية وتاريخ مثقل بالجرائم.
الاشتراكي هو الذي صنع المأساة التاريخية التي يعيشها شعب الجنوب ليس في تمزيق الاواصر الاجتماعية لشعب الجنوب وافتعال الصراعات تحت مبررات ودعاوي ايديولوجية واهية لا يقف اليوم على النقيض مما كان يدعي به وحسب بل أن الاشتراكي كحزب يتحمل مسئولية تدمير الهوية الوطنية الجنوبية وكان ومازال الحامل الرئيس لمشروع يمننة الجنوب وهو خطرا يفوق كثيرا خطر الاحتلال العسكري القبلي اليمني. ليس خافيا على احد بان الاشتراكي هو الذي قاد الجنوب الى شرك الاحتلال اليمني بتخطيط وعمل حثيث لعدة عقود على عكس ما يحاول البعض الادعاء بان ما حدث في عام 1990م كان مجرد خطأ شخصي. كما يواصل الاشتراكي اليوم كجزء اصيل من مشروعة مهمة تطبيع الأوضاع والتشريع للاحتلال اليمني للجنوب منذ ان مني بالهزيمة العسكرية في صيف 1994م. على الطرف الأخر يعد حزب اصلاح أكثر من مارس القتل والتكفير واصدر الفتاوي على طول وعرض الساحتين في الجمهورية العربية اليمنية واراضي الجنوب العربي ومهما تقمصا من ادوار يدعيان بها انهما حزبان معارضان فحقيقة الأمر انهما جزء اصيل من المنظومة السياسية لسلطات صنعاء وقفا في مواجهة ثورة الجنوب ومطالب الشعب الجنوبي وكانا دائما حاجزا يقي السلطة من غضب الجماهير امداها بالحياة وامنا لها البقاء سنوات طويلة. هاهي اليوم احزاب اللقاء المشترك تثبت ماكنا نطرح لسنوات عديده بانها الوجه الأخر للسلطة فإذا كانت قد وقفت ضد ثورة الجنوب تحت حجة الحفاظ على الوحدة فهي اليوم تقف ضد ثورة شباب التغيير في اليمن دون مبرر عدى الحفاظ على السلطة وهي تشكل في حقيقة الأمر الخطر الداهم الذي يواجه الثورة في محاولة اختراقها وتمزيقها, تارة بالادعاء بمساندة ثورة التغيير وتارة أخرى بالتحاور مع السلطة وأقصاء شباب الثورة والانفراد والادعاء بانها المعارضة والسير في طريق التفاوض مع السلطة على النقيض من توجهات شباب التغيير الذين يمثلون السواد الأعظم وهم الذين فجروا الثورة ويقودونها ويدفعون الثمن الغالي من اجلها.