تابع حوار العطاس000000000
أنت تنصحهم إذاً بعدم المشاركة في ظل الوضعية الراهنة؟.
- القضية ليست قضية انتخابات الآن بل قضية إصلاح. كان في محاولة في 1994 للإصلاح عبر وثيقة العهد والاتفاق، وقد شُنَّت الحرب ضدها. بعد هذه الفترة كلها أثبتت السلطة أنها ليست في وارد الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي. لا بد إذاً أن تسير القوى الفاعلة باتجاه هذا الإصلاح، وتدعم الحراك الجنوبي، والقضية الجنوبية هي عنوان وثيقة العهد والاتفاق، لأن في هذه الوثيقة إصلاحاً لمسار الوحدة. يجب أن تتفق هذه القوى جميعها إما على أساس وثيقة العهد والاتفاق، وإما على أساس أي برنامج آخر يضع معالجة للقضية الجنوبية وقضية صعدة والقضايا الوطنية بشكل عام، ويؤسس لنظام الحكم في اليمن على أساس المساواة، أما الترقيعات هنا وهناك فهي غير مجدية، والتخفي وراء ما تطرحه المنظمات الدولية غير صحيح. هذه المنظمات تعمل في اليمن ولن تقول إلا كلاماً رسمياً، وهي لن تملي عليك ما تفعله، أنت صاحب البلد وأدرى بشؤونك، إذا نزلت إلى الشارع وعرضت قضيتك بشكل صحيح، ستكون لهذه المنظمات لغة مختلفة مع المشترك ومع السلطة.
* هل التقيت مؤخراً بالأمين العام للاشتراكي ياسين سعيد نعمان؟
- نعم.
* هل تداولتما في هذه الأمور، وما مدى التوافق في الرأي بينكما؟
- في آراء متنوعة. حتى من داخل المؤتمر الشعبي هناك من ينصح بالمقاطعة.
* يبدو أنهم حريصون على المقاطعة كي يستأثروا كلية بالمقاعد، وربما لأنهم متخوفون من احتمال سيطرة المشترك على البرلمان!
- (ضحك)... السلطة خائفة من المقاطعة في الجنوب، لأن لذلك مترتبات خطيرة. وأنا رأيي أن على الجنوبيين أن يتوحدوا وألاّ يذهبوا إلى الانتخابات قبل أن تعالج القضية الجنوبية.
* ماذا عن مستقبل الاشتراكي، فهو مهدد أكثر من أي طرف آخر بالانقسام؟
- نحن تحاورنا مع الكثير من القيادات والشخصيات وكان الترجيح هو المقاطعة.
* قبل رمضان الفائت، وجدت صفقة بين المشترك والرئيس، وذهبوا إلى البرلمان وأقروا تعديلات على قانون الانتخابات، والاشتراكي عطَّل سريان هذه الصفقة لأنه لم يقدم مرشحيه لعضوية اللجنة العليا للانتخابات، ألا ترى أن الاشتراكي يتحمل مسؤولية مضاعفة فيما يخص منع أي صفقة تكون على حساب القضية الجنوبية؟
- فيما يخص القضية الجنوبية الاشتراكي يتحمل مسؤولية أكبر. الأصوات التي تطلع في الجنوب تنادي بفصل الاشتراكي عن القضية الجنوبية، هي أصوات واقعة تحت تأثير السلطة.
* لكنها أصوات راديكالية؟
- نعم راديكالية، ولكنها متأثرة بطريقة غير مباشرة. هذه (أي فصل الاشتراكي عن الجنوب) هي دعوة السلطة. مع ذلك لا يتصور أي إنسان أن الجنوب إذا استقل (في كيان جديد) فإن الاشتراكي سيعود ليحكم. الشعب في الجنوب هو من سيختار قياداته.
* في غمار هذا الحراك والتوتر هل تتصور حالة من هذا القبيل: جنوب بمعزل عن الشمال؟
- والله إذا استمرت السلطة في ممارساتها واستمرت المعارضة في سلبيتها حيال القضية الجنوبية، قد تتحقق هذه الحالة.
* ألا تعتقد أن الأمور قد تؤول إلى فوضى وليس إلى انفصال، نظراً لوجود جيش وأمن، فضلاً على شرائح سكانية هنا وهناك، أليست الفوضى أقرب كنتيجة لخيار كهذا؟
- ما أخشاه هو سقوط مروع للدولة. المشكلة أن الناس (في صنعاء) لا تعتبر مما جرى لأنظمة كانت تحكم بهذه الطريقة. سقطت هذه الأنظمة بطريقة مروعة، ماذا يجري في العراق الآن؟ نظام الحكم في اليمن هو نسخة طبق الأصل لنظام صدام حسين. النظام في اليمن يتماثل بنظام صدام، في تجربة طويلة من الاستفادة من نظام صدام، لاحظ ما جرى في العراق.
* مع ذلك يوجد احتلال أميركي في العراق لعب دور المحفز هناك؟
- صحيح، ولكن هذا السيناريو الذي يشهده العراق كان سيحدث حتى لو لم تأت قوة من الخارج. نظام (صدام) كان سيضعف وقد تحصل انقسامات داخله، والانقسامات كانت جاهزة. قضية الأكراد، مثلاً، قديمة، ولم تتم معالجتها على النحو الصحيح في أي مرحلة. إذا لم يستوعب النظام النتائج الوخيمة لسياساته وأسلوبه في الحكم فإنه يقود البلد إلى كارثة.
* السلطة لا ترى الأمور على هذا النحو، ولا ترى الشرور إلا في الضفة الأخرى، وفي حالة كهذه ما هي مسؤولية الأطراف الأخرى كالمشترك الذي تطالبه أنت بالمبادرة؟ ماذا عن القيادات الميدانية للحراك الجنوبي؟ الآن هناك حد أدنى هو الاعتراف بالقضية الجنوبية. ما بعد الاعتراف هناك خلافات، والأسبوع قبل الماضي كان هناك لقاء في العسكرية بـ"يافع" لم تحضره شخصيات فاعلة في الحراك الجنوبي، وتم انتخاب حسن باعوم رئيساً لمجلس أعلى للجنوب، أليس هذا مؤشراً إلى تشرذم وشيك؟
- لا أعتقد. هناك محاولات عديدة من الإخوان في الداخل لاحتواء هذا الخلاف، وهم بصدد تشكيل لجان من كل المحافظات لتوحيد الموقف. التطورات التي تجري في الجنوب تعبِّر عن عمق المشكلة. وتؤكد أن المسألة جادة فعلياً، والاستماتة من قبل بعض الإخوان في طرح قضية القيادة الموحدة، كل على طريقته، تعبير عن (عمق التحولات الجارية في الجنوب)، والقضية ليست قضية قيادات، يمكن أن تذهب بعض القيادات، يمكن أن تعتقل أو تقتل، لكن الحالة ستظل، وممارسات النظام تعمقها، خذ ما يجري الآن بسبب كارثة السيول في حضرموت والمهرة، هذا التسابق (على المساعدات) من المؤسسة العسكرية وجمعية الصالح وقادة المنطقة العسكرية، كل طرف يسابق من أجل نهب هذه المساعدات التي تأتي من الخارج، ويتوزعونها. أحد أعضاء اللجنة في سيئون استقال، استقال عضو محلي في المكلا، وصار الأمر محل تندر المواطنين. المخزي أن بعض المواد التي جاءت، كمساعدات، معروضة الآن للبيع في الأسواق، لكن أغلبها يُكدَّس الآن في معسكرات الجيش. هذه المؤسسات والجمعيات يحصل بينها عراك عند أبواب الطائرات. هذا تعبير عن أن السلطة مستمرة في إنتاج المشاكل.
* كيف تقرأ دلالات انتخابات باعوم على مستقبل الحراك الجنوبي، مع العلم بأن هذا الأمر مثار تساؤلات منذ مطلع العام الحالي، وكما تعلم فإن باعوم سبق أن شكَّل بالاتفاق مع ناصر النوبة هيئة عليا لقيادة الحراك، والآن حدثت خطوة مماثلة في غياب النوبة على ما أعتقد. ألديك مخاوف من إمكانية حدوث تشرذم جنوبي؟
- ليست لديَّ أية مخاوف، لأن هذا الذي يجري الآن ليس جديداً، دائماً تتعارك الآراء، لكن أصحابها ينزلون معاً عند الفعاليات الميدانية، هذا مؤشر أمان. وأدعو الإخوان في قيادة الحراك الجنوبي أن يتوحدوا ويعملوا معاً.
* هم متفقون على الحد الأدنى، أي فرض القضية الجنوبية في صدارة الأولويات، ولكن هل من المفيد الآن طرح قضايا مثل الاستقلال؟
- رأيي الشخصي ألاَّ تطرح قضايا من هذا القبيل في اللحظة الراهنة. على أن ذلك لا يمنع من أن يعبِّر أي شخص عن وجهة نظره. والخطر الذي يهدد الحراك الجنوبي هو فرض الرأي الواحد. من المهم أن تتجمع جميع الفعاليات في جبهة واحدة، السلطة غاشمة وتمتلك إمكانيات كبيرة، وليس من السهل أن تُسلِّم بسرعة بالمطالب. لذلك يجب أن يكون هناك نَفَس طويل عند قادة الحراك، وأن يقبلوا ببعض، ويتوحدوا.
&> هل تواصلت مع باعوم مؤخراً؟
- لا. لم يحدث اتصال مباشر بيننا. لكنني أسعى عبر أشخاص آخرين من أجل الوحدة بين قيادات الحراك. السلطة تبذل جهوداً كبيرة من أجل تمزيقهم.
&> كيف تتصور دورك أو موقعك في المرحلة المقبلة؟
- الحراك في الداخل، ونحن نعبر عن التأييد بالرأي. الإخوان في الداخل مستوعبون ذلك. تتصور السلطة أن بعض الأشخاص لهم دور في تحريك الأمور في الداخل. لا، الحراك قام في الداخل، ومنشؤه جنوبي 100٪ وطالما هو كذلك فإنه سيستمر... إذا كان انبثاقه من الخارج فإنه سيموت.
* لكنك من الداخل أصلاً؟
- أقصد أن الفاعلين في الحراك الآن هم في الداخل، ونحن ندعمهم ونؤيدهم، ونريد أن نجنب اليمن التشرذم الذي يمكن أن يحصل. ولا أخفي قلقي من خطورة استمرار هذا النهج على البلد. كثيرون في السلطة ليسوا مقتنعين بهذا الذي يجري. أحدهم قال لي إن عبدالكريم (الإرياني) يريد أن يخرج لكنه خايف على أسرته لو يشردهم الرئيس.
اضرب لك مثلاً بما قاله الرئيس لقيادات المعارضة في الصيف الماضي، أبلغهم بأن نائبه عبدربه منصور هادي هو الذي حرَّك القوات في المحافظات الجنوبية وقام باعتقال قيادات الحراك الجنوبي. عبدربه كان موجوداً وسكت، لكنه لاحقاً لحق بقيادات المعارضة إلى الخارج، وأبلغهم بأن ما قاله الرئيس ليس صحيحاً.
* كصحفي أتابع الحراك الجنوبي ألاحظ منذ فترة وجود مشكلة قيادة في الحراك، توجد حالة شعبية صريحة تُترجم في فعاليات ولكن يوجد إخفاق في إفراز قيادة جامعة، أنتم في الخارج ولكم رمزية وثقل وتأثير، ولا أتصور أنه لا توجد صلة ما، روحية أو مادية، لكم بما يجري في الجنوب، ولا أتصور وضعاً قادماً بمعزل عنكم. وهناك شباب منخرطون في الحراك يعولون عليكم ويوجهون أحياناً رسائل إليكم؟
- هذا صحيح، هناك من يتوجه إلينا بمطالب كهذه، لكننا نقول لهم دائماً إن القيادات هي في الداخل ونحن ندعم من موقعنا.
* يقال أحياناً إن لكم حسابات، ولا تريدون أن تدفعوا ثمناً الآن؟
- لا. نحن ندعمهم بالرأي وبالموقف حسب الإمكانيات المتاحة.
* فيما يخص الرأي، فإنني استمعت إلى البعض ينتقد تصريحاتكم باعتبارها تسبب تشويشاً؟
- بعض الإخوان. أعتقد أن ما يصدر مني لو لم يتعلق بلب المشكلة في الجنوب، ما كان هذا الهجوم ضدي من قبل السلطة. أحياناً أقول لبعض الإخوان في الجنوب إن السلطة تفهم كلامي بأكثر مما يفهمونه هم. ومع ذلك يجب القبول بالرأي الآخر. الوضع صعب، والإمكانيات المتاحة للحراك الجنوبي محدودة جداً، ونتمنى أن تشكل وحدتهم صمام أمان.
* من خبرتك الممتدة في السياسة، يبدو أنك قادر على استيعاب أية تعبيرات حادة تصدر ضدك من قيادات في الحراك، ولذلك أنت متفائل؟
- أنا متفائل. شُتِمتُ أحياناً من البعض، وأعزو ذلك إلى الحماسة. قال لي أحدهم: "نحن متحمسون جداً، ولم نعد ننظر لأنفسنا بل للأجيال القادمة، إذا نحن تركنا الوضع على حاله فإن أبناءنا وأحفادنا لن يجدوا مكاناً لهم". السلطة لا تتصرف بمسؤولية، وقد يقول أحد ما في السلطة هؤلاء (الجنوبيون) 2 مليون نسمة فلنخرج لهم 2 مليون من الشمال وننهي حاجه اسمها قضية جنوبية. هذا كلام خطير وسيفجر المشكلة دولياً. الوضع صعب لكني أعتقد أن الإخوان في قيادة الحراك يمضون في الطريق الصحيح. باعوم شخصية مهمة، وهو جدير بالاحترام، وكذلك الآخرون. ونحن لا نفكر أن نكون بديلاً لأحد. وليست لدينا، لا أنا ولا الأخ علي ناصر، الرغبة في ذلك. ما نريده هو أن ينجح الحراك في الوصول إلى الحل العادل للقضية الجنوبية. ونريد أيضاً أن تنجح المعارضة اليمنية في الخروج باليمن من هذا المأزق، وأشدد على ضرورة تغيير نظام الحكم، وأن تنتقل السلطة من المركز إلى الإقليم. أذكر عندما قدمنا برنامج الإصلاح عام 1992، واتخذنا وفقه قراراً في مجلس الوزراء بنقل الصلاحيات إلى المحافظات طلب الشيخ عبدالله (بن حسين الأحمر) الله يرحمه، الالتقاء بالرئيس، وقال له: اليوم الأخ حيدر في مجلس الوزراء اتخذ قراراً بإضعاف صنعاء. هذه العقلية ما تزال موجودة، وإذا لم تتغير فإنه لن يحصل تقدم في اليمن. يقولون جمهورية، لكنهم يعتبرون الحكم ملكاً لهم. وإذا استمروا في هذا فإنهم يقودون اليمن إلى كارثة.
في حادثة الاعتداء على الدكتور حسن مكي، عندما جابوا ثور وذبحوه، الدكتور عبدالكريم الإرياني قال: اليوم ذبحت الدولة. هذا الشخص (الارياني) هو نفسه الذي يقول كلاماً آخر، الوضع يجعل البعض يقول كلاماً ويقول نقيضه.
* إذا دُعيت أنت شخصياً للمشاركة في قيادة الحراك باعتبارك شخصية مهمة في الخارج، ويمكن أن تلعب دوراً من الخارج، هل ستلبي دعوة كهذه؟
- هذا الأمر سابق لوقته، لكننا نأمل أن تتبلور قيادة موحدة في الداخل، وسيكون فيها الخير والبركة.
* المشترك يحضر للقاء وطني، وقد شكل لجنة تحضيرية برئاسة حميد الأحمر، وهم يؤكدون بأنهم سيدعون إلى اللقاء الجميع بمن فيهم فعاليات في الحراك الجنوبي، أترى أن من مصلحة القيادات الميدانية للحراك الجنوبي، في حال عدم ذهاب المشترك إلى الانتخابات، أن تشارك فيه؟
- هم في المشترك يريدون أن يعقدوا هذا اللقاء، ولكنهم يريدون أن يكتفوا بالاستماع من المشاركين. أعتقد أن على المشترك أن يتحمل مسؤوليته وأن يعد برنامجاً يضعه للنقاش أمام المؤتمر (اللقاء) الوطني. في هذا البرنامج عليه أن يقدم رؤيته لمعالجة قضية بناء نظام الحكم، ومعالجة القضية الجنوبية ومعالجة قضية صعدة. على المشترك أن يقدر رؤى صريحة وشجاعة حيال مختلف القضايا الوطنية؛ ويدعو الآخرين إلى مناقشتها.
* في حال قام المشترك بذلك، ودُعي باعوم وجمعيات المتقاعدين والفعاليات الجنوبية الأخرى، هل من مصلحة القضية الجنوبية ومصلحة البلد أن يشاركوا؟
- إذا قدم (المشترك) رؤية ترضي شعب الجنوب، أعتقد أن من الواجب أن يشاركوا.
* لو قام المشترك بذلك، وقدم رؤية لمعالجة القضية الجنوبية، ودعا قادة فعاليات الحراك لمناقشتها، أفترض أن يطلع أحد من هذه القيادات ناقداً المشترك باعتباره يريد الوصاية؟
- أنا استمعت من أحد قيادات المشترك إلى مخاوف كهذه. ولكن على المشترك ألا يضع رؤيته باعتبارها نهائية، والمهم أنه من الضروري أن يكون هناك شيء يتحاور عليه الناس، لا بد من وثيقة صريحة تكون أساساً للنقاش.
* تعرف أن المزاج في الجنوب غاضب، والصوت الحاد هو الأوقع، وهناك تدافع على المقدمة بين قيادات الحراك، والاتصال بالمشترك قد يكلف صاحبه خسارة القاعدة الشعبية؟
- أنت سألتني عن رأيي (فأجبتك)، لكنهم (قادة الحراك) يجب أن يحسموا هذه المسألة. في أي عمل فإنه بقدر ما أحافظ على القاعدة الشعبية أعمل من أجل أهدافي الرئيسية. صحيح أن القاعدة الشعبية مهمة، لكن الناس يمكن أن يفهموا من خلال قياداتهم. مرة أخرى أكرر أن التباين والطرح الحاد هما دليل على عمق المشكلة التي أوصل النظام شعب الجنوب إليها. هذه وحدها تكفي لإدانة هذا النظام.
* هذه مسؤولية النظام، ماذا سيفعل الآخرون المشترك والفعاليات الجنوبية؟
- المسألة لا ينبغي أن تطرح على هذا النحو القطعي، الأمور تتطلب جهوداً ومبادرات. ليس على المشترك أن يأتي ليُملي، هذا خطأ. يقال من البعض (في الحراك الجنوبي) إن السلطة والمعارضة (المشترك) وجهان لعملة واحدة، أنا لا أوافق طبعاً على هذا. السؤال: لماذا يقال هذا؟ لأن المشترك لم يُقدِم على موقف واضح وصريح، في سياسة أكثر من اللازم.
* هل تشعر بمرارة عندما تشوف شخص في موقع المسؤولية ينبري لك بهجوم شخصي؟
- أعتبر هذا الشخص يقزم نفسه. أنا في 1965 حضرت المؤتمر الأول للجبهة القومية الذي حقق نجاحاً كبيراً وبعد المؤتمر التقينا كل قيادات الثورة السبتمبرية، الصف الأول والثاني والثالث، لكنني ما حصلت واحد باسم علي عبدالله صالح بين هؤلاء، ولم نسمع به إلا في 1978. * ألم تسمع به مطلقاً من قبل، مثلاً عندما كان قائداً للواء تعز؟
- أبداً، سمعت عنه عندما ظهر فجأة في 1978.
* لكن اسمه برز عندما تصدى لما سُمي بتمرد عبدالله عبدالعالم (قائد لواء المظلات) مطلع عام 1978، وكان الجنوب يتهم بدعمه؟
- ربما.
* مع ذلك فإن الرئيس لم يزعم لنفسه دوراً قيادياً في ثورة سبتمبر؟
- المهم أن الثورة (الاكتوبرية) شارك فيها مختلف الشرائح، ومن أهم هذه الشرائح القطاع الطلابي. هو (الرئيس) إذا كان يعتبر أن كل مناضل للثورة هو من شل السلاح فهذا أمر آخر. أنا لم أحمل السلاح في ثورة أكتوبر ولكنني حملت الكلمة والقلم، والقطاع الطلابي كان من أكثر القطاعات حيوية وفاعلية في الثورة، للأسف هو عندما يطرح هذا الكلام فإنه يسيء لهيبة الدولة. توجد أبواق كثيرة ويمكن أن يأمرها بترديد هذه المقولات، بدلاً من أن يتصدى لها بنفسه. حتى البيان الذي عملوه باسم أسر الشهداء، ومعروف أنه صيغ في أحد مكاتبهم.
* ماذا يقول هذا البيان؟ كنت مسافراً خارج اليمن عدة أسابيع ولم أطلع عليه؟
- بيان كله شتم.
* أسر أي شهداء؟ - باسم أسر شهداء حرب 1994، هذه أساليب لا تدل على دولة، يهددون الصحافة والشخصيات المعارضة والناشطين بالرسائل والتليفونات، هذه كلها عمل عصابات، لكنهم لن ينجون، وأنا أؤكد أن كل ما يجري مرصود دولياً.
* خلاف هذه البيانات والتصريحات هل تعرضت لتهديدات؟ - بلغتني رسائل عديدة تطلب مني الانتباه لنفسي.
* تقصد أنك مهدد بالاغتيال كما أعلنت شخصيات أخرى مثل علي ناصر محمد؟
- الحقيقة أنا من تلقى الرسالة بأنهم اتفقوا مع جهة معينة في الخارج بأن تستهدفني وتستهدف الأخ علي ناصر. أنا أبلغت الأخ علي ناصر، والأخ علي ناصر حدثت له مباشرة بعد شهر محاولة اغتيال. الاغتيالات نهج بدأ مع الوحدة، كان موجوداً قبل ذلك ولكن بشكل محدود. بعد الوحدة بدأ الإرهاب وإسكات الأصوات المخالفة. وشهدنا سلسلة اغتيالات. أكثر من 150 كادراً من الاشتراكي وشخصيات أخرى تعرضوا للاغتيال، وتم استهداف شخصيات أخرى نجت من الاغتيال.
* أنت كنت من الناجين؟
- أيوة، نجوت عندما تم استهداف منزلي (في صنعاء) بتفجير، ولاحقاً من خلال اعتراض موكبي عند طلوعي من تعز إلى صنعاء، والاعتراض كان هدفه التصفية أو إجباري على العودة إلى عدن مع بقية الإخوة.
* الاغتيالات كنهج مورس في المرحلة الانتقالية (بين 91، و94)، بعد الحرب وسيطرة الرئيس علي عبدالله صالح على زمام الأمور، لم يحصل على حد علمي أي اغتيال، على الأقل لشخصية بارزة، باستثناء حالة جار الله عمر، وهنا يوجد بعد آخر حيث حوكم الشخص الذي قام بعملية الاغتيال وأعدم.
- إلى جانب جار الله، توجد علامات استفهام حول يحيى المتوكل، وكذا الطائرة (العسكرية التي سقطت في حضرموت) وأدى سقوطها إلى مقتل محمد اسماعيل، وأحمد فرج وكانت هناك محاولة لاستهداف ابراهيم بين علي الوزير في الخارج.
* بخصوص حالة يحيى المتوكل، لديَّ معلومات أن أسرته حصلت على تقرير الخبير الألماني الذي استدعي من خارج اليمن لفحص سيارته، وقد قطع الخبير بأن حادث السيارة ناجم عن السرعة.
- أنا معلوماتي حسبما أثير حينها، وإذا كان الأمر كذلك خلاص. لكن وقعت حالات أخرى ينطبق عليها تصنيف الاغتيال.
* فيما يخص المعارضين في الخارج، على حد علمي فإن آخر شخصية سياسية بارزة اغتيلت في الخارج كان الشهيد محمد أحمد نعمان في بيروت يونيو 1974، وفي الجنوب استهدفت، حسبما تقول روايات معارضة للاشتراكي وقتها، شخصيات معارضة في الخارج. لماذا الحديث الآن عن محاولات لاغتيال شخصيات سياسية بارزة في الخارج؟
- أولاً دعني أُشير إلى أن الوضع الدولي تغير كثيراً عما كان عليه أثناء الحرب الباردة. كانت الاغتيالات تتم في بلدان مختلفة وفي عواصم، وكان يكلف أشخاص وأحياناً منظمات موالية. علاوة على أجواء الحرب الباردة كان هناك حركات ثورية، وقد تغير الوضع الآن، وأية ممارسة لهذا النوع من العنف ستنقلب على من يمارسها، لأن العالم كله يراقب، والحديث الآن عن الديمقراطية.
هذا النهج تفكير مدمر، ولن يوصل إلى نتيجة، ويتناقض تماماً مع الديمقراطية. لا أستطيع أن ألفظ كلمة "ديمقراطية" وأمارس الاغتيال أو أمارس الكبت السياسي. يعني كل من يختلف معي في الرأي أقف ضده، هذا تناقض فاضح وبين.
* لنأخذ، للتمثيل، النموذج الصارخ الآن، وهو حالة رفيق الحريري الذي تم اغتياله، ووُجِدت كتلة كبرى، إقليمية ودولية، تضغط من أجل محاكمة المتورطين في قتله، وحتى الآن لم يتحقق هذا الهدف؟
- (مقاطعاً) لبنان (casE) (حالة) خاصة، ولها ملابساته كثيرة، وقبل فترة قصيرة ألقي القبض على شبكة إسرائيلية كانت وراء العديد من الاغتيالات التي شهدها لبنان.
* يعني الحديث عن دور إسرائيلي ليس بالضرورة نظرية مؤامرة؟
- لا، توجد حيثيات. وما أريد أن أقوله هو أن لبنان حالة خاصة، والوضع هناك شائك.
* نتحدث الآن عن محاولة لاغتيالكما، أنت وعلي ناصر، وفي العام الماضي جرى حديث عن محاولتين لاغتيال علي ناصر محمد. ما الذي يجعل جهة رسمية، وكي لا أقول القيادة السياسية، تقدم على مخاطرة كبيرة كهذه في وضعية إقليمية ودولية لم تعد تتسامح مع نهج الاغتيالات؟.
- علي ناصر محمد وحيدر العطاس وغيرهما من الشخصيات في الخارج، هي جنوبية، علي ناصر كان رئيساً، وحيدر العطاس كان رئيساً، ولهما بعدهما التمثيلي للجنوب (في الخارج)، وهذه الجهات تعرف أن هذه الشخصيات الجنوبية غير مقتنعة بمعالجاتها للقضية الجنوبية، وتتخوف من أن تتبنى هذه الشخصيات القضية الجنوبية دولياً، وبالتالي تتجه إلى خيار التصفية.
* تقصد أن هذه الجهات تعتمد مبدأ الضربة الاستباقية؟
- نعم. ضربة استباقية.
* وأنتم ما الذي تنوون فعله؟
- القضية في أيدي الناس في الداخل، وهؤلاء هم من يتحملون المسؤولية، والقضية الجنوبية ليست خافية على أحد، والعالم يتابع ما يجري. * وإذاً، فإن هذه الجهات المتورطة تخشى من خطوة قد تقدمان عليها؟ - علي ناصر وأنا أو غيرنا من الشخصيات السياسية الجنوبية البارزة.
* بمعزل عن واقعة محاولة اقتحام منزل علي ناصر محمد، هل حضر في ذهنك أن الأمر برمته مجرد تسريب لتسميم علاقتك بالرئيس، أو لمنع أي لقاء قد يتم مع الرئيس؟
- لا أعتقد ذلك. حدث أن بلغني من مصادر موثوقة أن فكرة اغتيالي طُرحت مرتين. بالنسبة لمحاولة اغتيالنا، علي ناصر وأنا، فقد بلغتني قبل نحو شهر من محاولة اقتحام منزل علي ناصر، وأنا من أبلغ علي ناصر بمخطط يجري لاغتيالنا، عبر منظمة من خارج اليمن. ولن أتحدث عن تفاصيل إضافية هنا. وحصل أيضاً أن دفع الرئيس باتجاه اتخاذ عمل ضدي في أي بلد، وإنْ لم يكن تصفية جسدية فإيذاء، حتى أنه تعهد للمكلفين قائلاً: إذا تعرضتم لأي ملاحقة أو سجن أنا كفيل بإخراجكم.
&> لماذا لا تنظر إلى الأمر على أنه مجرد تسريب لغرض إرهابكم وتحديد حركتكم؟
- هذا جائز. كما أعرف الرئيس هو أيضاً يعرفني. أنا أؤمن بأنه لن يصيبني شيء إلا ما كُتِب لي. إنْ كانت هذه تسريبات فإن الكلام الذي ينطق به يؤكده. عندما يقول فخامة الرئيس في مقابلة صحفية إن العطاس هو رأس الأفعى، ماذا يعني ذلك؟ يعني أن رأس الأفعى يجب أن يقطع.
* قد يكون الأمر مجرد تعبير مجازي إبداعي؟
- (ضحك) هذا يأتي في سياق حملات بذيئة. هذا يؤكد أن هناك شيئا ما يُدبر. * وفيما يخصك أنت لم ترصد أي حركة أو شبهة على محاولة من هذا النوع؟
- لا. الرئيس طلب من بعض الناس أن يقوموا بعمل ضدي، لكن حصل اعتراض من البعض، رئيس الوزراء وشخصيات أخرى.
* رئيس الوزراء الحالي؟
- نعم. * هذا كلام لم ينشر من قبل؟
- هذه المرة الأولى التي أتكلم فيها بالصحافة عنه. * هل أنت متأكد من مصداقية هذا المصدر الذي نقل إليك الحديث؟ هل تثق به؟
- نعم أثق به تماماً.
تابع الصفحه التاليه من حوار العطاس>>>>>>>
__________________
(الشهيد البطل محسن علي مثنى طوئرة)
|