العطاس وغالب
&> ممن صدرت هذه التعليمات؟ من طرف في الجنوب أم في الشمال؟
- من طرف السلطة في الشمال. وقد استدعيت محسن وصالح عبيد، وقلت لهما: راشد أمامكما الآن وأنتم تعرفون حساسية الوضع، وعلينا أن نحسم الأمر. تحدث محسن إلى راشد أمامنا وقال له: يجب أن تنجز المهمة. والحاصل أنني عرفت أن علي عبدالله صالح كان يعلم بالأمر. أي أن الشخصين المكلفين (راشد والعرشي) لن ينجزا عملهما. وأعتقد أنه كان هناك اختراق (لنا).
أما المرحلة الثالثة فكانت في نوفمبر 1989، قدم الإخوان من صنعاء: علي عبدالله صالح وآخرين، واجتمعنا كدولتين: الرئيس علي عبدالله صالح وأمين عام الاشتراكي علي سالم البيض وأنا. من جانبهم طرحوا مشروع وحدة فدرالية، وطرحنا نحن مشروع وحدة كونفدرالية. بعد نقاش طويل لم نصل إلى نتيجة، وانتهى الموضوع. فجأة التقى الأخوان علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض، وقررا وحدة اندماجية. لم أوقع على هذا الاتفاق رغم أنني الرئيس الدستوري، وهذا الأمر شكل حساسية عند الرئيس علي عبدالله صالح، أنا لا أرى مبرراً له.
&> لماذا لم توقع على اتفاقية الوحدة؟
- لأني كنت ملتزماً للمشروع الذي حملته من قبل الهيئة التي أرأسها، وهذه الهيئة لم تقر سوى مشروع الكونفدرالية.
&> من كانت تضم هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى؟
- الهيئة تضم مسؤولين في الدولة وأمين عام الاشتراكي وآخرين، وكانت من 15 شخصاً، وهي الهيئة الدستورية المخولة بالقرارات السيادية. هذا المشروع حمل إلى الاجتماع الذي عقد مع الرئيس علي عبدالله صالح وأعضاء الوفد الشمالي، ولم يُقبل، كما لم يُقبل المشروع الفدرالي المقدم من الشمال، وتم تأجيل الاجتماع لغرض المزيد من التشاور، لكن حصل ما أشرت إليه سابقاً من اتفاق بين الرئيس علي عبدالله صالح وأمين عام الاشتراكي علي سالم البيض.
الوحدة هدف سامٍ وكبير، وكانت من أبرز تطلعات الأمة العربية، وكانت هناك محاولات كثيرة منذ ثلاثينيات القرن العشرين لتحقيق أشكال من التقارب والوحدة في ظل الوضع الاستعماري الذي كان سائداً. ومن بين الدعوات الوحدوية العربية وجِدَت دعوة الوحدة اليمنية على طريق الوحدة العربية، وزيارة عبدالعزيز الثعالبي، الشخصية التونسية البارزة، إلى اليمن في الثلاثينات واحدة من تلك المحاولات، حيث طرحت أفكار مختلفة. كان لديه طموح قومي، وواجه ظروف الاحتلال الفرنسي في تونس.
&> كان يعوِّل على الإمام يحيى باعتباره يحكم الدولة العربية المستقلة الوحيدة (شمال اليمن)، وبإمكانه استيعاب الأجزاء الخاضعة للاحتلال البريطاني، وبخاصة السلطنات؟
- نعم، كان ذلك تصوره.
&> وأحبط لاحقاً بسبب طبيعة نظام الإمام يحيى؟
- نعم. ومعلوم أن النقاشات الإيجابية جرت في عدن. لم يحدث أن شهدت اليمن وحدة سياسية حقيقية عبر تاريخها المديد منذ ما قبل الإسلام. والدعوة إلى الوحدة يفترض أن تراعي الخصوصيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي تلك الحقبة ظهرت دعوات لوحدة وادي النيل والهلال الخصيب، والوحدة اليمنية. ولاحقاً تحققت الوحدة المصرية- السورية بشكل عاطفي، وفشلت بعد 4 سنوات لأنها لم تراعِ الظروف والخصوصيات.
كنا نريد أن نأخذ الفترة التحضيرية الكافية لإعداد الشعب اليمني للوحدة. الوحدة عبارة عن تكامل مصالح وإمكانيات، وبالتالي يجد كل عضو يشترك فيها أنه متساوٍ مع العضو الآخر، وأن قوته تسند قوة العضو الآخر، لا أن يشعر أي عضو بأن قوته تُفرَّغ لصالح (تعظيم) قوة العضو الآخر. أردنا أن نتأنى، وكما أشرت سابقاً كانت هناك محاولات عبر اللقاءات التي كانت تتم بين الأشقاء في الشمال والجنوب. كلها كانت تتجنب طرح الوحدة الاندماجية، برغم أن الدستور الذي تم التصويت عليه عند الوحدة (ثم في الاستفتاء في ربيع 1991) تم صوغه في 1981.
&> الدستور صيغ على أساس وحدة اندماجية، ألأن اللجنة التي صاغته كانت من أعضاء مندفعين باتجاه الوحدة؟
- نعم، وهو صيغ بشكل عاطفي. وقد تم تشكيل المجلس اليمني الأعلى (من الشطرين) إثر الانتهاء من صوغ الدستور، هذا المجلس كان يحضر أولاً لكونفدرالية، وفجأة بسبب أحداث 86 وما تلاها من مشاكل، تم الانطلاق باتجاه الوحدة الاندماجية.
الوحدة هدف كبير يقتضي التعامل معه بمسؤولية وحرص. تحققت الوحدة المصرية - السورية وفشلت، لم تتحقق وحدة وادي النيل، ولا وحدة الهلال الخصيب، وفي اليمن وُجِدَ رأيان وسط الحركة الوطنية (في الجنوب) قبل الاستقلال، رأي مع الوحدة، ورأي ضدها ومع كيان مستقل في الجنوب.
&> في المقابل كان هناك طرف في اليمن الشمالي لم تكن الوحدة في أجندته، وفي الاستفتاء على دستور دولة الوحدة وجد تجمع ضد الوحدة باسم عدم ملاءمة الدستور. أي لأسباب مغايرة لأسباب الطرف المعارض للوحدة في الجنوب؟
- عند التحضير للوحدة جاءتنا وفود وشخصيات شمالية تحاول أن توضح لنا أنها ليست ضد الوحدة بالمطلق، ولكن ضد الوحدة الراهنة.
&> تقصد الشيخ عبدالله أم من بالضبط؟
- شخصيات وأطراف عديدة، ولا أريد أن أشير إليها الآن. المهم أن الإعداد كان متسرعاً وغير موضوعي، وقفز إلى الوحدة دون مراعاة للحقوق والمصالح ولا لتقلبات الزمن والظروف التي يمكن أن تستجد، والنتيجة هو ما نشاهده الآن من ضعف وأزمات.
بعد القفزة التي حصلت في 30 نوفمبر، أعددت تصوراً من أجل إعداد الجنوب للوحدة، لنحدد أفقاً مستقبلياً وآليات تحقيق هذه الوحدة. وجدتُ معارضة عاطفية من البعض الذين يتعاملون مع الوحدة بروحية مثالية.
&> تقصد معارضة من قيادات في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وفي الحزب الاشتراكي؟
- نعم.
&> دعني أسألك عما إذا كانت مواقف القيادات الجنوبية حيال الوحدة تتباين انطلاقاً من الخلفيات الجهوية والمناطقية لها، يعني هل كان التباين على أساس من هو من لحج أو أبين أو حضرموت أو من الشمال؟
- أبداً. كان التباين على أساس التقارب فيما بين الأشخاص. لم يكن هناك بعد جهوي ومناطقي. والحاصل أنه قيل لي: أنت انفصالي (في وقت سابق على نوفمبر 1989) عندما قدمت مشروع الإصلاح السياسي في 1987 ولسبب لا يتصل بالوحدة مع الشمال، وإنما لسبب آخر ليس من المناسب طرحه الآن.
في مرحلة مرت بالأمة العربية وبالعالم كله، وهي مرحلة الحرب الباردة والاستقطابات والمد القومي العاطفي. لو أن العرب مضوا وفق الفكرة التي وضعت عام 1958، وهي فكرة الوحدة الاقتصادية، تأسس مجلس الوحدة الاقتصادية في ذلك العام على ما أذكر، على أساس أن تتكامل اقتصاديات البلدان العربية لتسهيل الوحدة السياسية.
&> كانت وجهة نظر عبدالناصر قريبة من هذه عام 1958، وعندما ذهب إليه الضباط السوريون مطالبين بالوحدة، اقترح عليهم تأجيلها 5 سنوات، لكن الضباط السوريين ضغطوا عليه، محذرين من خطورة العامل الخارجي (تركيا، وإسرائيل)، كما وتنامي النفوذ الشيوعي في سوريا، فتم استعجال الوحدة. أسألك الآن هل حصل شيء مماثل فيما يخص الوحدة بين اليمن الشمالي واليمن الجنوبي؟
- اتفاقية الوحدة وقعت في 30 نوفمبر 1989، وحُددت فترة انتقالية لمدة سنة بحيث تعلن الوحدة في نوفمبر 1990، ولكن جرى شيء مماثل، والتاريخ كرَّر نفسه في الحالة اليمنية.
&> ما هي المخاوف التي طرحت؟
- طرحت مخاوف من احتمال أن تُعطَّل الوحدة. واقع الأمر أن هذا الموضوع لم يناقش بشكل صحيح.
&> هل نوقش بين قيادات معينة من الشمال والجنوب ولم يناقش داخل هيئات؟
- لا. لم يُناقش داخل هيئات. والتأثير جاء من الخارج. أعتقد أن التعجيل مرتبط بموضوع الاجتياح العراقي للكويت، ونحن لم نكن نعرف هذه المسألة إطلاقاً. الأمين العام للاشتراكي اتخذ ثانية قراراً بالتعجيل، واختصار الفترة الانتقالية إلى 6 شهور دون أن يناقش هذا الموضوع في الهيئات.
&> بصرف النظر عن أية انتقادات توجه للحكم في الجنوب قبل الوحدة، فالمعروف أن القرار كان لقيادة جماعية، ربما كان هناك في فترات حضور قوي لشخص أو لآخر في المواقع الرفيعة، لكن القرار دائماً كان يصدر من الهيئات، كيف، إذاً، تمكن أمين عام الاشتراكي حينها أن يقنعكم بتجاوز قرارات كان هو مشاركاً في اتخاذها داخل الهيئات؟
- القضية حساسة ودقيقة جداً. الحاصل أن المواقف، وبخاصة الموضوعية والعقلانية، تفسر بشكل خاطئ، بوسعك القول بأن ضرباً من الإرهاب الفكري كان موجوداً، مثلما يحدث الآن فيما يخص النقاش حول الحراك الجنوبي. كان الأمر وقتها يقدم الوحدة اليمنية في شكلها الاندماجي كمسلمة لا يجوز المساس بها، وهذا عين الخطأ.
&> هل ناقشت علي سالم البيض بشأن ما جرى، سواء قبل التوقيع على اتفاقية الوحدة أم بعدها، أم عندما قرر اختصار الفترة الانتقالية للتعجيل بالوحدة؟
- نوقش هذا الموضوع قبل اتفاقية 30 نوفمبر. الذي حدث أنه في أواخر 1987 عندما طرحت فكرة الإصلاح السياسي والاقتصادي في (الجنوب)، تشكلت لجنة برئاسة سالم صالح محمد، وكان في عضويتها إلى جانبي الدكتور ياسين سعيد نعمان وجار الله عمر وآخرون من قيادات الاشتراكي (من الشمال كما من الجنوب). قدمت اللجنة تقريراً ورد فيه أنه لا يجب التفكير بالوحدة (مع الشمال) قبل (انقضاء) 10 سنوات من الآن، وفجأة وقبل أن تنقضي حتى 10 أشهر تمت الوحدة. في عامل خارجي، هذا مؤكد، ويوجد أيضاً عامل نفسي، ومورست تأثيرات وتكتيكات مع بعض الإخوان فتمت الوحدة الاندماجية. أقول هذا ليس بقصد إدانة أحد أو إخلاء مسؤوليتي.
&> تعلم أستاذ حيدر أنه في موضوع الوحدة كان دوماً يُستحضر العامل الخارجي وكانت الفكرة المركزية، وأظنها لا تزال، هي أن هناك "فيتو دولي" ضد توحد العرب، أو حتى توحد اليمنيين، والذهنية الوحدوية الحاكمة كانت تقول بانتهاز أية فرصة تسنح لتحقيق الوحدة الآن لأنها قد لا تتكرر؟
- هذا للأسف تفكير عاطفي. كان من الممكن أن تتحقق الوحدة بغير طريق الاندماج، بالكونفدرالية بدايةً، وهي نوع من أنواع الوحدة، أو بالفيدرالية.
&> لكن هاتين الصيغتين (الكونفدرالية والفدرالية) كانتا منبوذتين عند القوميين العرب، وتعلم أن جذور النخبتين الحاكمتين في الشمال والجنوب هي قومية عربية؟
- ربما، والسبب أن من طرح فكرتَيْ الفدرالية والكونفدرالية هو المستعمر الغربي. طرح هذا مثلاً في صيغة الجامعة العربية، وفي الجنوب. واللافت أنه في الوقت الذي طرحت فكرة الفدرالية في الجنوب، طرحت أيضاً في الإمارات وماليزيا، نجحت الإمارات ونجحت ماليزيا، وخسر الجنوب لأنه رفض هذا المقترح. الوحدات الناجحة هي تلك التي تراعي خصوصيات أعضائها. وفيما يخص الوحدة المصرية- السورية، فإن الأشخاص (السوريين) الذين ضغطوا على جمال عبدالناصر من أجل إعلان الوحدة فوراً، هم أول من انقلبوا عليه.
&> هل تشير إلى انقلاب مماثل في التجربة اليمنية، بمعنى أن الأشخاص من الجنوب الذين تحمسوا لوحدة اندماجية انقلبوا عليها سريعاً؟
- بعد الوحدة مباشرة بدأت المشاكل تظهر، والمتحمسون للوحدة بدؤوا يقلقون مما يجري. قبل هذا نحن حاولنا تدارك ما لم يؤخذ في الاعتبار قبل الوحدة. على سبيل المثال، اقترحنا إعداد وثيقة بين المؤتمر والاشتراكي تحدد الإطار العام للسياسات العامة، وهذا بعد شهور من تحقيق الوحدة، وتشكلت لجنة من العزيزين عبدالعزيز عبدالغني، وسالم صالح محمد، وآخرين، وفشلت اللجنة.
&> هل طرحت اللجنة اندماج الاشتراكي والمؤتمر بحيث يحكم الدولة الوحدوية حزب واحد؟
- لا، هذا حدث لاحقاً. الحاصل أنني في مجلس الوزراء كنت أواجه المشكلة لأن مجلس الوزراء معني بتسيير الأمور والإدارة. عندما فشلت اللجنة اقترحت أنا برنامجاً للإصلاح السياسي والاقتصادي. البرنامج أقر من مجلس الوزراء لكنه رُفض من القيادة السياسية. أنا تمسكت بالبرنامج محتجاً بكوني أرأس حكومة، وأنتم (قيادتا المؤتمر والاشتراكي) لا تريدون الاتفاق على إطار سياسات، والظريف وقتها أن من بين الانتقادات لبرنامجي للإصلاح هو لفظة "الإصلاح" حيث قال بعض الإخوان: كل شيء تمام (في البلد)، ما الذي تريد إصلاحه، وقد قاموا بتغيير عنوان البرنامج من "برنامج الإصلاح" إلى "برنامج البناء الوطني والسياسي". قبلنا، وبعد إقرار البرنامج في 11 ديسمبر 1991 من قبل مجلس النواب، بدأنا تنفيذه فبدأت المشاكل، بدأت الاغتيالات، حيث تم استهداف (عبدالواسع سلام) وزير العدل بعد إقرار الحركة القضائية، فضلاً على استهداف عمر الجاوي الذي كان من دعاة الوحدة الحقيقية، واستشهد وقتها حسن الحريبي. استهدفت أنا، حيث تم الاعتداء على منزلي، وكذا تم قصف منزل ياسين سعيد نعمان حيث أُطلقت قذائف على غرفة نومه، وتم اغتيال العشرات، والهدف هو إرهاب الناس، ومنعهم من المضي قدماً في ترسيخ الوحدة التي تدوم وتحقق مصالح الشعب، فانفجرت الأوضاع.
&> دعني أعود إلى مسألة عدم توقيعك على اتفاقية الوحدة. أنت كنت رئيس هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى، وكنت المخول دستورياً بالتوقيع؟
- نعم، لأن رئيس هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى هو المخول بالتوقيع في كل ما يخص علاقاتنا الخارجية.
&> أنت كنت ممن حضر جلسة التوقيع، فكيف تم تفسير عدم توقيعك، والاكتفاء بتوقيع أمين عام الحزب؟
- كانت النظرة عاطفية عند الناس بشأن الوحدة، وكان يكفي أن يتولى أي قيادي التوقيع عليها. تصور أننا دُعينا إلى حفل التوقيع بعد أن كنا قد غادرنا الاجتماع إلى بيوتنا، وكان الإخوانمن الشمال يتأهبون للسفر إلى صنعاء. لم يكن أمر توقيعي محل اهتمام، لكن الأخ علي عبدالله صالح كان يؤكد على ضرورة مشاركتي.
&> هل اتصل بك الرئيس أو طرح موضوع عدم توقيعك حينها؟
- لا. لم يحصل ذلك.
&> وهل طرحه في أي وقت لاحق؟
- لا. لكنني شعرت أنه متضايق، لأنه كان مصمماً على أن أشارك في التوقيع إلى جانب علي سالم البيض، لأنه رئيس الجمهورية العربية اليمنية وأمين عام المؤتمر الشعبي العام.
&> وعندما كان علي سالم البيض يعبِّر لاحقاً عن مواقف حادة جراء شعوره بالخذلان من الرئيس صالح هل حصل أن قيل له: أنت المسؤول عن إيصالنا إلى هذا المأزق؟
- على ما أظن فإن بعض الأصوات قالت له ذلك، وما تزال تقول حتى الآن. لكن الأمر مسؤولية مشتركة وجميعنا يتحمل مسؤولية القرار.
&> قمت بإعداد ورقة بعد توقيع 30 نوفمبر، ومع ذلك تم مجدداً اختصار الفترة الانتقالية، فحدثت بعد الوحدة أزمات عديدة، وشهدت اغتيالات واعتكافات وانقسامات، وصولاً إلى الحوار الوطني الذي كنت تدير جلساته...
- (مقاطعاً) وقد كانت هناك معارضة لإدارتي جلسات الحوار.
&> ممن كانت المعارضة؟
- طرف الشمال، كانوا يقولون: أنت رئيس وزراء، ومشاغلك عديدة، روح تفرغ لها (ضحك). لما جاءت الأزمة السياسية كان الطرف الأول المتأثر بها هو الحكومة، وبالتالي بدأنا نعمل على معالجة هذه الأزمة ببذل الجهود مع كل القوى السياسية للتوصل إلى وثيقة العهد والاتفاق التي كان من الممكن أن تلململ الوضع وتضع الوحدة على "السكة" الصحيحة، وكنا سنتجنب المسار الذي حدث وما يحدث اليوم، ولكن لأن هناك خطاً ثانياً كان لا يريد ذلك، وهذا الخط كانت تمثله صنعاء، وهو امتداد لخط الإمام الذي كان يعتبر الجنوب تابعاً له.
&> الإمام يحيى كان يقول: هذه البلاد (أي الجنوب) هي ملك آبائي وأجدادي؟
- نعم. وهذه هي السياسة نفسها التي واجهناها. لا، نحن في الجنوب شعب، وشعب حي توحد في 1967 في دولة، وهذا التوحد تم فيه مراعاة الخصوصيات. لم يرسلوا ناس من أي منطقة ليحكموا حضرموت أو المهرة، أو يأتوا بناس من حضرموت والمهرة ليحكموا الضالع أو يافع.
يتبع >>>>
__________________
تَهونُ عَلَينا في المَعالي نُفوسُنا * * وَمَن يَخْطَبُ الحَسناءَ لَم يُغلِها المَهرُ
|