دول مجلس التعاون تبحث عن مخرج لحل الأزمة: مزيد من التنازلات لصالح الرئيس اليمني
على قوى المعارضة اليمنية ان ترفض هذه التنازلات وتتخذ موقفا حاسما من مراوغات الرئيس صالح بدلا من ان تترك الشعب في حالة انتظار.
ميدل ايست أونلاين
بقلم: سليمان نمر
اعتقد، بل واكاد ان اجزم، ان دول مجلس التعاون الخليجي تقدمت بمبادرتها لتأمين انتقال سلمي للسلطة في اليمن لأنها تعلم ان الرئيس علي عبدالله صالح متشبث بالسلطة حتى اخر رمق، وان ما يطرحه من مقترحات وما يعلنه نظامه عن ترحيب بالمبادرة الخليجية (ولاحظ ليس المقترحات الخليجية) انما هو للمراوغة ولا شيء غير المراوغة، لأن رئيس اليمن "غير السعيد برئيسه" يريد ان يبقى في الحكم حتى ولو بقي يحكم صنعاء ومطارها فقط - كما ذكر لي احد سفراء اليمن في اوروبا.
ورغم ما لمسته من شعور معظم وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في اجتماعاتهم الاستثنائية التي بحثت مبادرتهم بشأن اليمن بان الرئيس صالح "مراوغ وسيراوغ"، حتى ان احدهم اسر لي "ان المشكلة الحقيقية التي ستواجهنا هي ان يتنكر الرئيس صالح لأي اتفاق يتم الاتفاق عليه تحت رعاية دول مجلس التعاون"، الا ان المقترحات الخليجية التي حملها الامين العام الجديد لمجلس التعاون الخليجي الفريق عبداللطيف الزياني الى صنعاء، يوم الخميس الماضي، حملت الكثير من المراعاة للرئيس اليمني والاستجابة لبعض طلباته وهذا برأيي بهدف مسايرته حتى الحصول منه على تعهد يضمن تخليه عن الحكم، يستطيعون من خلاله الضغط عليه لترك السلطة وذلك تطبيقا للمثل "الحق العيار حتى باب الدار".
ولعل اهم المقترحات التي بها مسايرة للرئيس صالح، هو الحصول على ضمانات بعدم محاكمته او ملاحقته هو وافراد اسرته بعد نقل سلطاته وتنازله عن الحكم، وما يريده الرئيس - كما قال لي السفير اليمني نفسه، وهو لا يزال على رأس عمله - هو ان يستمتع واولاده - في حال اضطراره للتنازل عن السلطة - بالأموال التي حصلوا عليها (أو استولوا عليها وتقول بعض المصادر أنها بالمليارات).
والمهم في المقترحات الخليجية التي بها مراعاة للرئيس اليمني هي ان يسلم الرئيس علي عبدالله صالح السلطة لنائب يعينه، ويقدم استقالته بعد ثلاثين يوما لمجلس النواب الذي الاغلبية فيه لحزبه الحاكم وخلال الثلاثين يوما تتشكل حكومة "وحدة وطنية"، خمسين بالمائة من اعضائها للحزب الحاكم واربعين بالمائة للمعارضة وعشرة بالمائة الباقية للاطراف الاخرى (والاطراف الاخرى قد تكون لبعض الشخصيات والقوى المؤيدة للرئيس والتي اتى بها معه كالدكتور عبدالكريم الايرياني مستشار الرئيس السياسي ومنقذه الدائم في الازمات الكبرى - مثل ازمة حرب عام1994 التي كنت شاهدا عليها وعلى دور الدكتور الصديق الايرياني).
في لقاء وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في أبوظبي يوم الثلاثاء الماضي، تم نسج هذا المقترح وفيه تنازل اخر وتغيير كبير بنص المقترحات الخليجية - بصيغتها الثانية التي قدمت يوم 10 ابريل والتي كانت تتضمن "تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة لها الحق في تشكيل اللجان والمجالس المتخصصة لتسيير الامور سياسيا وامنيا واقتصاديا، ووضع دستور واجراء انتخابات ".
وكانت المقترحات الخليجية بصيغتها الثانية (صيغة 10 ابريل) حملت تنازلا عن صيغة 3 ابريل
وتتمثل بتغيير اقتراح تنحي الرئيس عن الحكم الى تنازل الرئيس عن صلاحياته لنائبه، وهو الامر الذي ابلغت المعارضة رفضها له خلال اجتماع وفدها مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون يوم الاحد الماضي في الرياض.
وفي المقترحات الجديدة التي حملها الامين العام لمجلس التعاون يبدو واضحا ان هناك تنازلات جديدة تقدم للرئيس علي عبدالله صالح مقابل ان يقبل بتقديم استقالته للبرلمان بعد ثلاثين يوما يتم خلالها وقف الاعتصامات والاحتجاجات، والحصول من البرلمان على حصانه تمنع محاكمة الرئيس ويمنح وأسرته ومساعديه وهذا من اهم مطالب المحتجين في اليمن.
ورغم هذه المسايرة الخليجية للرئيس، الا اننا نلاحظ انه لازال يراوغ ويطالب بان تكون المدة الزمنية للاستقاله خمسة اشهر، ويطالب بان يكون رئيسا شرفيا لبلاده "الغير سعيده به وبوجوده فكيف ستعطيه هذا الشرف".
ولا أعتقد ان مثل هذه المقترحات ستكون مقبولة من الشعب اليمني خصوصا من المعتصمين منذ اكثر من ثلاث شهور في الميادين والساحات ويجب على المعارضة بقواها السياسية والقبلية والدينية ان ترفض استمرار هذه المرواغات من الرئيس المعروف بدهائه، وان تصارح الشعب انه لا امل من هذا الرئيس المراوغ ولا تترك الجماهير المحتجة في حالة انتظار في الساحات والميادين.
فالرئيس سيبقى يماطل ويكسب الوقت ولكني استغرب ولا استطيع ان افهم حتى الان، رغم ما شرحه لي بعض الاصدقاء، لماذا يماطل ويؤجل رحيله عن السلطة والنظام؟ احد اصدقاء الرئيس قال لي "انه متمسك بالحكم حتى اخر رمق لأنه لا يعرف ماذا يعمل اذا لم يكن رئيسا"! وكنت اعتقد انه يستظرف ولكنه قال لي انه يتكلم بجد!
http://www.middle-east-online.com/?id=109077